التعليموظائف و تعليم

استعصت القسطنطينية على خلفاء بني

استعصت القسطنطينية على خلفاء بني

لقد تعذر على خلفاء بني أمية السيطرة على القسطنطينية، حيث حاولوا دخولها عدة مرات ولكن جميع محاولاتهم انتهت بالهزيمة والانسحاب، كانت هذه الحملات تهدف إلى تطهير القسطنطينية من الظلم والشرك، بدأت محاولات بني أمية للوصول إلى القسطنطينية منذ عام 674 ميلادية، وبدأت القوات الإسلامية في التحرك بعد هزيمة الدولة البيزنطية في معركة اليرموك، مما أدى إلى انسحابها من آسيا بأكملها وتراجعها إلى داخل القسطنطينية التي كانت عاصمة الدولة، وإذا سقطت القسطنطينية فإن الدولة البيزنطية ستسقط إلى الأبد.

حصار بني أمية للقسطنطينية

تم التحرك الإسلامي بشكل فعال بواسطة الجيوش الإسلامية لحصار القسطنطينية في عام 674 ميلاديا، والموافق للسنة 54 هجرية، وكان هذا الحصار خطوة فعالة في إنهاء الصراع الإسلامي البيزنطي، وبدأ الحصار تحت قيادة الخليفة معاوية بن أبي سفيان، والذي تم تعيينه عام 661 ميلاديا، والموافق للعام 41 هجريا.

  • تشير المصادر التاريخية إلى أن الهجوم العربي كان مخططا وسبقه العديد من الخطوات الاستباقية من الجانب الإسلامي، حيث تم فرض حصار بحري على طول سواحل الأناضول في عام 672 ميلادي، وتم استخدام شبه جزيرة سيزيكوس كقاعدة عسكرية للمسلمين، وكانوا يعودون كل ربيع لشن حملات عسكرية على التحصينات الموجودة في المدينة.
  • استمر الحصار لمدة تقارب 6 سنوات، وانتهى في عام 678 ميلاديا، والذي يوافق تقريبا العام 58 للهجرة، وذلك بسبب انسحاب الجيش الإسلامي، وذلك بعد استخدام البيزنطيين سلاحا جديدا في تلك الحروب وهو المادة الحارقة السائلة المعروفة سابقا بالنار الإفريقية، والتي تشبه إلى حد كبير قنابل المولوتوف، وتمكن الجيش البيزنطي بقيادة الإمبراطور قسطنطين الرابع من إلحاق أضرار كبيرة بالبحرية الإسلامية باستخدام هذا السلاح، والذي لم يتم استخدامه في أي من الحروب السابقة.
  • تتوالى الخسائر على الجيش الأموي بعد أن نجح الجيش البيزنطي في إلحاق الضرر بالقوات البرية للجيش الأموي، وهذا جعلهم يتراجعون عن الحصار بالكامل برا وبحرا.
  • ومع ذلك، يشير المؤرخون إلى أن الجيش الأموي كان يجيد استخدام الكر والفر، ولم يتعرض للكثير من الخسائر في الأرواح، ولكن بالطبع تسبب هذا الحصار في سفك الكثير من الدماء، وتوفي عدد كبير من الصحابة – رضي الله عنهم – وعلى رأسهم أبو أيوب الأنصاري.
  • قد نتج عن الحصار بدء معاوية بن أبي سفيان في تعزيز الجيش الإسلامي فيما يتعلق بالبحرية، إذ كانت القسطنطينية تشبه شبه جزيرة محاطة بالمياه من ثلاث جهات، وذلك لتأكيد سيطرته على المدينة في المرة القادمة.

حملة بني أمية الثانية لفتح القسطنطينية

بعد فترة طويلة نسبيا، قام المسلمون بمقاطعة القسطنطينية بسبب صعوبة الوصول إليها وتحصيناتها القوية. حملة سليمان بن عبد الملك لم تستطع فعل شيء سوى فرض حصار بري وبحري على المدينة، لكن دون جدوى. المسلمون لم يتمكنوا من الهجوم بسبب تحصينات المدينة، والبيزنطيين لم يقموا بالاشتباك والخروج من المدينة. وكان الوقت عاملا مهما في ضعف الجيش الإسلامي آنذاك. استمرت الأوضاع على هذا النحو حتى بدأت القوات المحاصرة للمدينة تتدهور بسبب نقص الإمدادات وطول الحصار. فأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بسحب القوات الإسلامية لاستخدامها في تأمين الدولة الإسلامية والمضي قدما في الفتح والتوسع من الجهات التي تحمل أقل درجة حماية وتحصين. واستمر الجيش في حصار المدينة لمدة عام كامل.

الخليفة الذي أمر الجيوش بالعودة بعد محاصرة القسطنطينية وذلك لتنفيذ

بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان وتتابع الولايات والخلفاء، بدأت تظهر سياسة جديدة في التوسع والفتوحات الإسلامية، وكان ذلك على يد الخليفة الثامن للأمويين، وهو الخليفة عمر بن عبد العزيز، فقد كان يرى أن من الأجدر الحفاظ على التوسعات التي قامت بها الدولة الأموية حينها، ومحاولة تأكيد السيطرة على تلك الأراضي جميعها، وسحب القوات من المعارك الناشبة على أطراف الدولة في المناطق النائية، وقد كان الخليفة السابق سليمان قد أرسل حملة جديدة لحصار القسطنطينية، ولكن بعد تسلم عمر بن عبد العزيز الخلافة، أمر بتراجع القوات تنفيذا لسياسته.

اخفقت محاولات فتح القسطنطينية في العهد الاموي ولكنهم تمكنوا من فتح جزيرة قبرص

نظرا للتحجر والحصار العربي الإسلامي للوصول إلى القسطنطينية، كانت الدولة الأموية مضطرة لإنشاء مركز قوي لجيوشها بالقرب من القسطنطينية. ولذلك، قام الجيش الإسلامي بفتح جزيرة قبرص، التي كانت أقرب المدن الساحلية في حوض البحر المتوسط إلى القسطنطينية. وكان الخلفاء المسلمون يستخدمونها كمنصة لنشاطاتهم التجارية والعسكرية البحرية في تلك المنطقة، وتوسيع سيطرة الدولة الأموية على جنوب وشرق البحر المتوسط بأكمله.

فتح القسطنطينية على يد العثمانيين

استمرت الدولة البيزنطية متمسكة بقوة بالسلطة لفترة طويلة مقاومة جميع المحاولات الإسلامية، حتى نهاية العصر العباسي وظهور الدولة العثمانية، التي بدأت النظر فيها من جديد في عام 793 هجريا، الموافق لعام 1391 ميلاديا. قام السلطان بايزيد الأول بفرض الحصار على القسطنطينية مرة أخرى، ولكن هذه المرة تمكن من إجبار الإمبراطور عمانوئيل الثاني على قبول شروط الصلح، حتى يتفرغ لمواجهة التحالف الصليبي الأوروبي المتواجد في البلقان.

  • بعد أن نجح السلطان العثماني في هزيمة التحالف الصليبي في البلقان وتأمينها، بدأت الأنظار تتجه نحو القسطنطينية مرة أخرى، بسبب عدم الوفاء من الإمبراطور البيزنطي بالتزاماته تجاه الدولة العثمانية، وبسبب ذلك فرض الخليفة العثماني الحصار على القسطنطينية مرة أخرى وعزلها عن محيطها بأكمله، وقد قاموا ببناء قلعة “أناضولي حصار” التي كانت قريبة من ساحل مضيق البوسفور، ولكن العثمانيين لم يتمكنوا من دخول العاصمة البيزنطية بسبب الغزو المغولي للمنطقة.
  • بعد تقسيم الدولة العثمانية إلى دويلات وإمارات، استطاع السلطان الروملي موسى جلبي أن يحاصر القسطنطينية، فطلب إمبراطورها المساعدة من شقيق موسى محمد، فأتى بسرعة وأجبر أخاه على رفع الحصار عن المدينة، وذلك بالتعاون مع أمير صربيا.
  • حتى وصلت آخر حصار للقسطنطينية قبل أن تتم فتحها، وكان هذا الحصار من قبل السلطان مراد الثاني ابن محمد جلبي، الذي قاد جيشا كبيرا يقال إن عددهم وصل إلى 50,000 جندي، وحاصروا القسطنطينية في اليوم الثالث من شهر رمضان للسنة 825 للهجرة، الموافق الحادي والعشرين من شهر أغسطس للسنة 1422، للانتقام من الإمبراطور عمانويل الثاني، بسبب مساعدته لعمه مراد الثاني في الهروب من الأسرة، وقد أغرى الشاهزادة مصطفى جلبي، عم مراد الثاني المطالب بالعرش العثماني، لمساعدته على التخلص من مراد الثاني والاستيلاء على الحكم.
  • وبسبب ذلك، أصبح القتال مع الروم واجبا على العثمانيين بعد كل هذا، فقاموا بالاشتباك مع الروم في قتال عنيف عند أسوار القسطنطينية، ولكن عادوا دون أن يتمكنوا من فتحها، وذلك بسبب اندلاع ثورة في الأناضول، والتي كان يقودها أمراس القرمان والكرميان، والذين كانوا يقودهم الشاهزاده مصطفى.
  • وصل محمد بن مراد إلى حكم آل عثمان، وأصبح يعرف في ذلك الوقت بـ محمد الثاني، ولكنه لم يكن سيدا خارج إمارة القرمان حينها، إلى جانب مملكة طرابزون الرومية ومدينة سينوب، وتقتصر الإمبراطورية البيزنطية على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
  • أمر محمد الثاني بتسوية طريق أدرنة القسطنطينية بمساعدة 200 عامل يقومون بالحفر، وكان هناك 50 عاملا ماهرا. وبمجرد انتهاء الطريق في قبراية في عام 1453، قام العثمانيون بإخراج المجانيق وأكباض الدك والمدافع، وحتى المدفع السلطاني الكبير الذي يجره 60 ثورا، وكان هناك 400 جندي يقفون على جانبيه لمنعه من الانزلاق للخلف.
  • انتقل السلطان من أدرنة في اليوم 13 من شهر ربيع الأول سنة 857 هـ، الموافق 23 مارس سنة 1453 م، ووصل إلى القسطنطينية بعد 13 يوما، وفي تلك الفترة أصدرت الأوامر للأسطول العثماني للتحرك من كالييولي نحو القسطنطينية لتشديد الحصار.
  • استمرت المناوشات والحروب حتى يوم 29 مايو عام 1453 الميلادي، والموافق 12 جمادى الأولى عام 857 للهجرة، عندما سقطت القسطنطينية في يد السلطان العثماني محمد الفاتح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى