آثار الصلاة في سلوك المسلم
آثار الصلاة في سلوك المسلم
هناك العديد من الآثار التي تظهر في سلوك المسلم المصلي، بالإضافة إلى أنها فريضة على كل مسلم ولا تتخلى عنها أبدا. ومن بين تأثيرات الصلاة في حياة المسلم كما يلي.
تنشر الصلاة الطمأنينة والراحة في نفس صاحبها
تؤثر الصلاة بشكل غريب في نفس الشخص الذي يصلي، حيث نراه يشعر بالطمأنينة والراحة أكثر، وهذا يعود إلى وقوف المسلم بين يدي ربه – تبارك وتعالى- في الصلاة لأداء الفريضة أو السنة، فيشعر برحمة الله – تعالى- التي تنزل عليه، ويزداد الشعور بها كلما اقترب من الخشوع والانعزال عن المؤثرات والأفكار المحيطة به، والوقوف بمفرده أمام ربه. ومن أعظم الأمثلة على ذلك قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عندما يحين وقت الصلاة المفروضة، فأمر بلال بن رباح – رضي الله عنه- وقال له: (يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها) (حديث صحيح).
تزيد الصلاة الإيمان في القلب
يظهر تأثير الصلاة في حياة المسلم بشكل عام، حيث يبدأ المصلي في الاستمرار على الصلاة في محاولة للتقرب من الله بأي وسيلة ممكنة، وتبدأ صلاته بالتدريج في زيادة إيمانه في قلبه، ويعود ذلك إلى وقوف المصلي أمام ربه، حيث يشعر بالخوف والتقوى من الله – جل جلاله – ويشعر تدريجيا بمعنى الآيات ويبدأ في استكشاف قدرة الله الرائعة في كلمات القرآن الكريم، مما يؤثر في نفسه ويحثه على مراقبة الله – تعالى – في سره وعلنه، ومن بين الآيات التي تعزز الشعور بقرب الله ومراقبته للعباد قوله – تعالى -: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ۖ ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (سورة ق الآية: 16).
تحث الصلاة صاحبها على حب الطاعات والعبادات
من يولي اهتماما لصلاته، ويبدأ في الشعور بتأثيرها عليه، ويشعر بالنعم والتسهيلات التي أتته في حياته، ويبتعد عن الضيق والهموم، يبدأ في حب الطاعة والعبادة لله وحده، ويسعى لاستشعار الأثر الجميل الذي تركته، يسارع في أداء العبادات المتبقية واستكمال الفروض، ويحاول زيادتها، يبدأ في أداء السنن ويحاول فعل كل ما يقربه من الله، يسعى لكسب رضا الله، ويطلب الآخرة ويرجو من الله في دعاءه أن يفتح عليه أبواب الإحسان والتقوى بكثرة، حتى يرضى الله عنه.
تعمل الصلاة على تطهير صاحبها من أمراض القلوب
ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الصلوات الخمس المفروضة على كل مسلم ومسلمة تشبه النهر الذي له باب. فعندما يقوم المصلي بالوضوء والصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، يتطهر من كل الذنوب. وقد ورد في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قوله: (مثل الصلوات المكتوبات كمثل نهر جار عند باب أحدكم، يغتسل منه خمس مرات يوميا). وأيضا، ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الصلوات الخمس تكفير للذنوب التي تقع بينها، ما لم يرتكب العبد كبيرة من الكبائر.
تعود الصلاة المسلم على ارتياد المساجد
من واجب المسلم أن يبذل جهده في أداء الصلاة في المسجد، فإن الصلاة في المسجد لها أجر وفضل عظيم يتفوق على صلاة الفرد بكثير، وقد أكد عليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندما يعتاد المصلي على حضور المسجد، يزداد أجره وفضل صلاته، كما يلتقي بأفراد المجتمع الذين يحرصون على الصلاة، مما يزيد إيمانه ويتعرف على الأخيار ويقربه من الله، وقلبه يرتبط بالمساجد، وسيكون له ظلا يوم القيامة بظل الله. وذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الناس الذين سيكون لهم ظل الله يوم القيامة هم الذين قلوبهم متعلقة بالمساجد.
أثر الصلاة على المجتمع
ذكرنا فيما سبق بعضا قليلا من أثر الصلاة على المسلم في حياته، وتغير سلوكه للأفضل بعدها بلا شك، ولكن ما يحدث للمجتمع المصلي؟ ماذا يحدث إذا أصبح المجتمع بأكمله مصليا؟ وما هو أثر الصلاة على المجتمع؟ للصلاة أثر عظيم على المجتمع بشكل عام، وظهر هذا الأثر بوضوح في بداية الدولة الإسلامية، عندما كان أغلب المسلمين في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبعده يحرصون على الصلاة في المساجد، ومن بين آثار الصلاة على المجتمع ما يلي.
توحيد صفوف المسلمين وتثبيت قلوب الضعفاء منهم
مع الحرص على تجمع المجتمع بأكمله في أوقات الصلاة الخمس في المساجد، وتعارفهم وتآلفهم وتقديرهم لبعضهم البعض من خلال رؤيتهم بشكل يومي، فإن ذلك يزيد من مدى تعرفهم على بعضهم البعض، وتعاطفهم مع بعضهم البعض، وسيظهر روح التعاون والمشاركة والتضحية في اقترابهم من الله -تعالى-، فيسارع المسلمون لمساعدة المحتاجين، وإظهار مدى قوة هذا التعاون في العديد من المجالات الاجتماعية، مما يرتقي بالجانب الأخلاقي للمجتمع.
ترسيخ العقيدة ووحدانية الله في قلوب المسلمين
إن الأذان يحدث تأثيرا خاصا في آذان المسلمين، إذ يعلن عن بدء وقت الصلاة ويعزز الإيمان في قلوبهم. يؤكد الأذان معاني التوحيد لله ويثبت نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. يترك المسلمون ما يفعلون ويجيبون دعوة المؤذن للقاء الله. ينعم المؤمنون برؤية الله ويشعرون بالراحة، ويظهر هذا الأذان قوة الإسلام التي لا يدركها معظم المسلمين حاليا للأسف.
تتلاشى الفروق بين المسلمين وتتطهر قلوبهم
المؤذي يدعو في كل صلاة كل مسلم موحد بالله للتجمع في المسجد لمقابلة ربه. لا يوجد تمييز هنا بين مسلم وآخر، ولن تجد مسجدا مخصصا فقط للأغنياء أو العلماء أو التجار والحكام. بل يتجمع الجميع لمقابلة ربهم بالتساوي. لا يفرق بينهم إلا مدى تقوى الله، حيث يصطف المسلمون خلف الإمام لأداء الفريضة الواجبة عليهم جميعا، معترفين بفقرهم واحتياجهم لله وبعبوديتهم لله وحده. يكون ذلك مؤسسا للوحدة في المجتمع ويقضي على جميع الفروق الاجتماعية وأمراض القلوب مثل الكبر.
ثبات المجتمع المسلم في المحن
تزيد الصلاة من ثقة المسلم بربه، ويحدث ذلك عند الالتزام بها بشكل منتظم، وتغذي الصلاة الجانب الاجتماعي في الإسلام وحرصه على الجماعة، وقد جعل الله -تبارك وتعالى- المسلمين يجتمعون في كل أنحاء الأرض وعبادتهم وتوحيدهم كأنهم جسد واحد، وهذا هو أحد أعظم أسباب استقرار وتقوية المسلم في الصعاب، وزيادة ثقته في المصلين معه وفي الله، وأن الله لن يتركه في محنة أو كرب إلا حتى يختبره ويريد جزاءه ويكفر عنه ذنوبه، وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مذهل أمر المؤمن، فإذا أصابه خير شكر، فكان خيرا له، وإذا أصابه شر صبر فكان خيرا له) (حديث صحيح).