مفهوم الفصاحة واقسامها واهميتها
مفهوم الفصاحة
- قد يختلط الكثير من الناس بين العلوم المختلفة المتشابكة في ذهنهم، بما في ذلك علم الفصاحة والبلاغة والأسلوب، ولكن هناك اختلافات كبيرة بينهم، حيث يعد علم البلاغة لغة تهدف إلى الوصول إلى الشيء بأقصى درجة.
- وقد ذكر في قول الله تعالى في سورة يوسف في الآية 22 “ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما” وهذا يشير إلى وصول سيدنا يوسف إلى سن الرشد ومرحلة الشباب.
- بالنسبة للبلاغة في المفهوم الشامل، فهي تشير إلى العلاقة بين العبارات والألفاظ التي تعبر عنها، بالإضافة إلى إيجاد معاني ذات قيمة من خلال استخدام العبارات الصحيحة، وتناسبها مع جميع فئات الأشخاص المستهدفة وبمختلف الأوقات.
- ولكن ماذا عن تعريفات الفصاحة لغويا واصطلاحا، هذا ما سنوضحه فيما يلي:
الفصاحة لغة
- تعرف الفصاحة في اللغة بأنها الكشف والتوضيح والظهور، وتعرف أيضا بأنها إتقان المتحدث استخدام اللغة والتعبير بوضوح وبأسلوب صحيح. على سبيل المثال، يمكن أن نقول: الرجل أصبح أكثر فصاحة، وهذا يعني أن حديث الرجل أصبح أكثر وضوحا بعد أن كان غير واضح. ويمكن أن نقول: أصبح النهار أكثر فصاحة، وهذا يعني أن نور الصباح أصبح أكثر وضوحا. ويمكن أن نقول: أصبح الطفل أكثر فصاحة، وهذا يعني أن كلام الطفل أصبح أكثر وضوحا وبيانا.
الفصاحة اصطلاحًا
- بالنسبة للفصاحة في المصطلح، فهي تشير إلى الكلمات الواضحة والواضحة التي يمكن فهمها، وتستخدم لوصف الكلام. إنها مألوفة في استخدام الشعراء بسبب جمالها. لذلك، نجد العديد من العلماء مثل الفخر الرازي والجوهري لا يجدون فرقا بين علمي الفصاحة والبلاغة. يصفون كل من الفصاحة بأنها صفة للكلام، وأن البلاغة هي صفة للأفكار مع الكلام. يعني أن الكلام لا يصبح بليغا إلا بوجود فصاحة في الكلام، والعكس صحيح؛ لا يصبح الكلام بليغا إذا كان صحيحا ولكنه غير مناسب للسياق الذي قيل فيه. في هذه الحالة، يكون الكلام صحيحا لكنه ليس بليغا.
- تعرف الفصاحة في الكلام بأنها استخدام المفردات الفصيحة، ويختلف العلماء في تأثير المعاني والكلمات، فبعضهم يشير إلى استخدام اللفظ المناسب مع المعنى، وبعضهم يركز على اللفظ ويتجاهل المعاني.
أقسام الفصاحة
قسم علماء اللغة الفصاحة إلى قسمين، الأول وفقا للمعاني، والثاني وفقا للفظ، وهذا هو الخلاف الأول والأخير بين العلماء في تعريف مفهوم الفصاحة. وسنكشف عن تلك الأقسام وما تحتويه فيما يلي
- القسم الأول للفصاحة يشير إلى المعاني ويعتمد عليها، وهو يعني تبسيط الكلام وإزالة التعقيد، بحيث يكون سلسا وواضحا للمتحدث، بحيث لا يكون المعنى مبهما ومعقدا في الفكر.
- أما بالنسبة للجانب اللغوي، فقد وردت بها العديد من الشروط لكي تكون اللفظة سليمة في صوابها. يجب أن يكون اللفظ موثوقا بأصوله العربية الأصلية التي تم استخدامها من قبل العرب، ويجب أن يكون منتشرا في استخدامه من قبل العرب بشكل واسع، دون أن يكون مستبعدا عن الناطقين باللغة العربية. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من سلامة اللفظة ودقتها وفقا لقواعد اللغة، ويجب أن لا تتعارض مع بعضها البعض.
معايير الفصاحة
فصاحة المتحدث تعكس قدرته على التعبير بكلمات متقنة ومفهومة. هناك مجموعة من المعايير التي يجب اتباعها لتحقيق فصاحة الحديث، وهذه المعايير سيتم شرحها بالتفصيل
- هناك معايير فصاحة سماعية، وأخرى قياسية؛ إذ المعايير السماعية هي التي تعتمد على عدد من المعايير، بمن فيها المعيار المكاني والزمني والمستوى اللغوي.
- أما بالنسبة للمعايير القياسية، فهي تسبق المعايير اللغوية، حيث تعتمد على ما يستخدمه العرب بشكل أكبر أثناء الكلام، وعدم تضارب الألفاظ.
شروط الفصاحة
الفصاحة تعد من العلوم التي تحتاج إلى ضوابط وشروط لكي تتم على أكمل وجه، إذا أراد المتحدث أن يعبر عما يوجد في ذهنه للمستقبل، مستخدما الألفاظ المناسبة في مواضعها، فماذا عن تلك الشروط الخاصة بالفصاحة؟ هذا ما سنوضحه فيما يلي
- يشترط لفصاحة الكلام أن لا تكون ضعيفة في التكوينات.
- يجب أن يخلو الحديث الفصيح من الكلمات المتضادة.
- يشترط أن تكون الألفاظ والمرادفات الفصيحة في الكلام الفصيح.
- يجب أن يكون الكلام الفصيح بسيطا وخال من التعقيدات القيمية واللغوية.
- يتطلب من الشاعر أو الكاتب استخدام التكرار وزيادة التفاصيل في الجملة لكي لا تصبح ثقيلة على أذن المستمع.
أهمية الفصاحة
تظهر أهمية البلاغة في القرآن الكريم في عدة مواضع في الآيات القرآنية التي تشير إلى البلاغة في حديث الرسل مع الأمم الظالمة، فقد كان هناك العديد من المناظرات بين الشعراء في سوق عكاظ لعرض بلاغتهم في الشعر ومهارتهم في التعبير باللغة العربية ببراعة وتألقهم في استخدام أجمل الكلمات الشعرية في إطار البلاغة، لذا دعونا نتعرف على أهمية البلاغة في الأسطر التالية
- تساهم فصاحة اللسان في إعادة الحقوق لأصحابها، من خلال التحدث بالكلام المنطقي المقنع للآخرين.
- ساهمت اللباقة في نقل رسالة الله تعالى للعالمين والتحدث بوضوح العقل والحجة الصحيحة التي تقنع الضالين.
- تعمل فصاحة اللسان في المنابر المختلفة، سواء في وسائل الإعلام أو المساجد والحفلات، على حث الناس على تنفيذ الكلام والعمل به، وذلك وفقا لما قاله بن عثيمين في شرح الأربعين النووية ، “يجب صياغة الكلام بما يحمل على العمل به.
- فما أروع من آيات الله التي وردت في الكتب السماوية وما أبدعته من فصاحة أجبرت الناس على الانصياع لأمر الله عز وجل وحبه والالتزام بتعاليمه، والإيمان بقضائه وحكمه وعدله، وما جاء في القرآن الكريم من فصاحة وبلاغة جعلت قريش تسلم لله تعالى، إذ نزلت الآيات بلغة هؤلاء القوم لمواجهة فصاحتهم.
أوجدنا مساحة كبيرة في هذا المقال لشرح مفهوم الفصاحة في اللغة والاصطلاح، والمعايير والشروط اللازمة لها، وأهميتها، وأقسامها، بالإضافة إلى التطرق إلى العلاقة بين البلاغة والفصاحة والاستفادة من الكلمات الصحيحة واللفظ السليم في المواقف المناسبة، مما يضفي طابع الفصاحة التي تعد جزءا من نجاح وجاذبية الحديث، بالإضافة إلى قدرتها على توجيه الآخرين وجذبهم للعمل والانصياع للكلمات الفصيحة المستخدمة في خطاب الشخص.