سميت سورة الحج بهذا الاسم اشارة لهذه الشعيرة العظيمة
سميت سورة الحج بهذا الاسم اشارة لهذه الشعيرة العظيمة
سميت سورة الحج بهذا الاسم كتعبير واضح عن طقوس فريضة الحج العظيمة، وتخليدا لذكرى الدعوة التي دعا بها نبي الله الخليل إبراهيم – عليه السلام – عندما انتهى من بناء الكعبة المشرفة ودعا فيها جميع الناس لأداء الحج إلى بيت الله، حتى أصبح الحج من فرائض الله على كل مسلم قادر عليه، وكان ذلك بأمر من الله – تبارك وتعالى – لإبراهيم لدعوة الناس لأداء الحج، وذكر ذلك في السورة الكريمة نفسها بقوله تعالى: “وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق” (سورة الحج الآية: 27)
التعريف بسورة الحج
تعتبر سورة الحج من سور القرآن الكريم، ونزلت بعد سورة النور، ويمكن تعريفها على النحو التالي.
- سورة الحج تتضمن العديد من المسائل العقدية، بما في ذلك التوحيد وإثبات الأمور الغيبية مثل أهوال يوم القيامة والجزاء والبعث.
- تشتمل السورة على العديد من الأحكام، بما في ذلك شعائر الحج والإذن بالجهاد في سبيل الله.
- تحتوي السورة على سجدتين، الأولى في نهاية الآية 18 والثانية في نهاية الآية 77.
- يبلغ عدد آيات السورة 78 آية.
- السورة الكريمة تحتل المرتبة الثانية والعشرين في ترتيب السور داخل المصحف.
- نزلت بعض آياتها في مكة ونزلت بعضها الآخر في المدينة، إنها سورة مختلطة.
- تقع السورة في الجزء 17، بالضبط في الحزب 34.
مقاصد وموضوعات سورة الحج
الله تبارك وتعالى فرض الحج على كل مسلم قادر على ذلك بغض النظر عن فضل الحج، وإن الله يقبل دعاء الحج، وإن الله يغفر للحاج ذنوبه كلها، ويرجعه من الحج كما ولدته أمه بدون أي ذنوب، ولكن للحج معان أخرى يحملها في جنباته وطياته، ومن بينها ما يلي.
تذكير المسلمين بيوم القيامة
فالحج هو مناسك يتذكر فيها المسلم يوم القيامة، وتفصيلات ما سيحدث في ذلك اليوم، مع الزحام الذي سيحدث والناس الذين سيملؤون الأرض، حيث يتوجهون جميعا إلى مكان واحد للحساب ومعرفة مصيرهم إذا كانوا في الجنة أم في النار، وهم مبعوثون كما خلقتهم أمهاتهم عراة وغير قادرين حتى على التحية الشهوانية لعظمة المكان الذي أرسلوا فيه، لذا يأتون إلى المكة بملابس تغطي فقط عوراتهم ويجتمعون حول الكعبة قادمين من جميع أنحاء العالم، لكي يتقبل الله توبتهم ويسهل حسابهم يوم القيامة وينجيهم من تلك المرحلة واليوم العظيم.
- كما أن الناس سيتجهون في أوج حر الشمس في لباس واحد مقبلين إلى المزدلفة ثم إلى جبل عرفة، غير راجين إلا أن الغفران وقبول التوبة من الله، وفي هذا المشهد تشبيه لليوم الذي ستقترب فيه الشمس من الرؤوس، ويسأل كل البشر عن الله عن النجاة حينها من ذلك الحر العظيم، وفي ذلك المقام قد تحدثت أولى آيات سورة الحج، والتي جاء فيها قول الله- تعالى-:
- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (سورة الحج الآيتين الأولى والثانية)
- قد تأتي هذه الآيات العظيمة، التي تهز قلوب الشهداء، في سورة الحج الأولى، لكي يدرك بني آدم ويفهموا أن ما يحدث في الحج ليس إلا صورة صغيرة من ما سيرونه في يوم القيامة. ولكي يتمكنوا من ربط المعنى الذي يقصده الله في هذه الآيات بالحج، فإن الله لم ينزل الآيات إلا في مواضعها المناسبة بحكمة وتدبير لا يعلمها إلا الله.
- كما يتذكرنا هذا الحديث بلحظة البعث في يوم القيامة، حيث يقف الحجاج وينامون في مزدلفة، ثم يتحركون معا في نفس الوقت حتى يصلوا إلى عرفة، وتظهر عليهم علامات التعب والإرهاق، وتغطي أجسادهم بعض الغبار، ثم يؤذن لصلاة الصبح، فينظفون أنفسهم من التراب ويصفون صفوفهم، مشابهة لمشهد خروج الناس من قبورهم يوم البعث، حيث يصفون صفوفهم لمعرفة مصيرهم.
تأكيد إخلاص العبودية لله
الحج يذكر جميع المسلمين بتوحيد الله. في الحج، لا يمكن أن ترى أي شخص يدعو غير الله. فقد اجتمع الناس من جميع أنحاء العالم لعبادة الله في هذا الموقف العظيم، ويخلصون الدعاء والعبادة له. حتى الحيوانات والطيور والأشجار والسماء والأرض، يدعو الجميع الله ويسبحونه. ومع ذلك، لا يمكن للإنسان أن يفهم تسبيحهم. وهذا كما قال الله تبارك وتعالى: (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والأشجار والحيوانات وكثير من الناس. وكثير حق عليه العذاب. ومن يهن الله فما له من مكرم. إن الله يفعل ما يشاء) (سورة الحج الآية: 18)
تذكير المسلمين بالجهاد
بالإضافة إلى ذلك، يذكر الحج جميع المسلمين بواجب الجهاد وضرورة تجمعهم جميعا في فريضة الجهاد، ولهذا السبب ذكر الله -تبارك وتعالى- في سورة الحج آيات الجهاد، فالحج يعتبر رحلة وسفر من مكان إلى آخر، ويتطلب جهدا وتعبا لإتمام جميع شعائره، ويشمل تحمل مشقة وتدريبا قاسيا، لكي يكون المسلمون مستعدين دائما للجهاد، وذكر الله -تبارك وتعالى- ذلك بشكل خاص في سورة الحج
(إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور (38) أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) (سورة الحج الآيات 38: 41)
مناسبة سورة الحج لما قبلها وما بعدها من السور
إن الله لا يخلق الأمور بالصدفة، بل يخلق كل شيء وفقا لقدر محدد وله سبب، قد يكون واضحا لأهل العلم وللناس وقد لا يكون واضحا للبشر جميعا، ولكن لكل شيء دائما سبب، فما هو سبب وجود سورة الحج في هذا الموضع تحديدا في القرآن الكريم؟ وسنحاول فيما يلي عرض بعض المعلومات عن مناسبة سورة الحج قبلها وبعدها من السور.
مناسبة سورة الحج للسورة التي قبلها
تبدأ سورة الحج بالحديث عن أحداث يوم القيامة العظيمة، وهذا يتماشى مع نهاية سورة الأنبياء التي تسبقها، والتي ختمها الله -عز وجل- بقوله: (واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) (سورة الأنبياء الآية: 97)، وبالإضافة إلى ذلك، تناولت سورة الأنبياء مواضيع أخرى، مثل مراحل خلق الإنسان والسماوات والأرض وإثبات قدرة الله على البعث من جديد، وتحتوي سورة الأنبياء على دلائل كثيرة على توحيد الله وتفرده في الخلق والإحياء.
مناسبة سورة الحج للسورة التي بعدها
سورة الحج تتناسب مع السورة التالية لها، وهي سورة المؤمنون. انتهت سورة الحج بآيات تحث المسلمين على اتباع أسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة من خلال أداء العبادات المفروضة على المؤمنين. تأتي سورة المؤمنون لتوضيح فلاح المؤمنين، وهذا يؤكد الرابط بين السورتين. تشتمل السورتان على عدد من المسائل المتشابهة، بما في ذلك إثبات وجود الله وحدانيته. كما تروي السورتان قصص الأنبياء للعبرة والاستفادة منها، وتحتوي أيضا على العديد من الأدلة على قدرة الله على البعث والحياة بعد الموت.