الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

نصاب عروض التجارة

نصاب عروض التجارة

قبل أن نحدد نصاب زكاة عروض التجارة، نود أن نوضح أنه لا يوجد أي اختلاف بين نصاب زكاة المال وزكاة عروض التجارة، وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء المعنيين. هذا يعد تخفيفا للأشخاص الذين يدخرون المال، بالمقارنة مع التجار. يتم احتساب نسبة زكاة عروض التجارة، بينما التجارة أو الاستثمار يعد زيادة في رأس المال، وبالتالي يمكن أخذ زكاة عروض التجارة دون المساس برأس المال. وهذا يختلف عن غير التجار، الذين يخرجون زكاة عروضهم من رأس مالهم. وهذا هو السبب الرئيسي لتشجيع السنة للتجارة بمال اليتيم، حتى لا تنفق في الزكاة. سنتعرف على نصاب زكاة عروض التجارة فيما يلي.

المقدار الواجب إخراجه في زكاة عروض التجارة

  • وبناء على ما ذكره الفقهاء، فإن كمية الزكاة المفروضة على أصحاب التجارة هي ربع العشرة، وهذا ما اتفق عليه فقهاء الأمصار الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية).
  • وبالنظر إلى القيمة المالية التي تم تحديدها للتجارة، فإنه لا يوجد اختلاف في المبلغ الذي يجب دفعه كزكاة أو عروض تجارية، وهذا باتفاق أهل الدين.

حساب زكاة عروض التجارة

  • أورد الفقهاء بأن قيمة الزكاة تساوي القيمة النقدية مجموعة على قيمة السلعة التي يتاجر فيها مجموعة علي الدوين المرجوة مطروحة من الديون علي تقع عليه مضروبة في اثنين ونصف بالمئة.
    • “النقد + قيمة السِّلَع + الدُّيون المرجوَّة – ما عليه من الدُّيونِ” *2.5%
  • أو يمكن أن تحسب على القيمة النقدية مجموعة على قيمة السلعة مجموعة علي الديون المرجوة مطروحة من أصل الديون عليه مقسومة على أربعين.
    • “النقد + قيمة السِّلع + الدُّيون المرجوَّة- ما عليه من الديون” ÷ 40.
  • والجدير بالذكر هو أن الأصل في هذه المعادلة قد عُرف من خلال السلف الصالح، فقد ذُكر عن ميمون بن مهران رحمه الله “إذا حلَّتْ عليك الزَّكاةَ؛ فانظر كلَّ مالٍ لك، ثم اطْرَحْ منه ما عليك من الدَّينِ، ثم زكِّ ما بَقِيَ ” وهذا ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في ” الأموال ” ورواه ابن أبي شيبة في ” المصنف”.
    • كما أنه في إحدى الروايات الأخرى قد قيل بأن “إذا حلَّتْ عليك الزَّكاةُ؛ فانظر ما كان عندك مِن نقْدٍ أو عرَضٍ للبَيعِ، فقوِّمْه قيمةَ النَّقد، وما كان من دَينٍ في مَلاءةٍ فأحسبه، ثم اطرحْ منه ما كان عليك من دَينٍ، ثم زكِّ ما بَقِيَ”.
  • بالإضافة إلى ما ذكره الإمام الحسن البصري رحمه الله، عندما يحل الشهر الذي يجب على الإنسان أن يدفع فيه زكاته، يدفع زكاة عن كل ممتلكاته ومشترياته وكل الديون ما عدا الديون المستحقة والتي لا يأمل في استردها.
  • يروى عن إبراهيم النخعي -رحمه الله- أنه قال: “يجب على الرجل أن يخصص جزءا من ماله للزكاة عندما يكون لديه تجارة.
  • روى جابر بن زيد -رضي الله عنه- أنه دفع زكاته بمبلغ يوم حلولها، ثم أخرج زكاته.

الخلاف في زكاة عروض التجارة

أحد أبرز الأمور التي اختلف فيها أهل العلم هو حكم إخراج زكاة عروض التجارة من العروض نفسها، وقد ترددت العديد من الآراء، ولكن أقواها وأبرزها هما قولان وهما.

القول الأول

  • من الواجب أن تخرج زكاة العروض بشكل نقدي من قيمة الأموال المعروضة، ولا يمكن أن تخرج زكاة العروض من أجسام الأموال التجارية، وهذا هو الاتفاق بين جمهور الفقهاء من المذاهب المالكية والشافعية والحنابلة.
  • وبالتالي؛ نظرا لأن النصاب يقوم على القيمة، فإن الزكاة تكون من القيمة، فكما كان البقر معتبرا بأعيانه، يجب أن يدفع الزكاة من أعيانه، ونفس الأمر ينطبق على المال.
  • بالإضافة إلى أن القيمة متعلقة بهذه الزكاة، وبناء على ذلك فإنه لا يمكن سحبها من العرض، خاصة وأن العرض في مجال التجارة ليس ثابتا، فالقيمة هي ما يعتبره المستلم منها.
  • بالإضافة إلى عدم وجوب العروض، فإن الخروج منها يشبه الخروج من الأصناف الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، قد قدر أهل العلم قيمتها، خاصة لأن الشخص الذي ليس لديه القدرة ليس بحاجة إلى رؤية المادة بنفسه، لذلك يبيعها بسعر أقل من قيمتها. وخاصة إذا كانت هذه المادة لا يمكن تقسيمها لأكثر من شخص بحاجة، لذلك من الأسهل إخراج الزكاة من قيمتها وليس من العروض.

القول الثاني

  • وفقا للحنابلة وشيخ الإسلام ابن تيمية، يجوز سحب الزكاة من أموال الأعمال التجارية عند الحاجة أو المصلحة، ويعتمد هذا على أن الأصل في سحب زكاة أموال الأعمال التجارية هو المال النقدي.
  • في حالة وجود حاجة للفقير في إخراج الزكاة من أعيان التجارة أو وجود صعوبة على التاجر في إخراج قيمة الزكاة، يجوز إخراجها من أعيان التجارة للمصلحة، من أجل مساعدة الفقراء وتوفير المال لهم.

شروط زكاة عروض التجارة

أشار الفقهاء إلى وجود العديد من الضوابط والشروط المتعلقة بزكاة عروض التجارة، وتتمثل هذه الضوابط في خمسة شروط، وسنسرد هذه الضوابط ونذكر الشواهد عليها.

تواجد نية التجارة عند التملك

وهنا قدم الفقهاء لنا رأيين في حالة انتقال التجارة عند التملك.

  • القول الأول: وهو أنه يجب في زكاة عروض التجارة أن يكون المالك قد بيّت نية التجارة حالما تملك، وهذا ما أجمع عليه فقهاء المذاهب الأربعة، وكان ذلك بناء على العديد من شواهد، والتي من أهمها هو الآتي ذكره.
    • ما روي عن الفاروق عمر بن الخطاب، فقال عن رسول الله صلى الله عليه، وسلم “الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ” فيدل الحديث على أن الأصل في الأعمال هي النية، ونظرا لكون أن التجارة تعد أحد الأعمال، فوجب دخول النية فيها.
    • بالإضافة إلى أن العروض تم تطويرها للاستخدام، فلا يمكن أن تتم التجارة إلا من خلال القصد في إتمام العروض، ولذلك فهذا هو النية في التجارة.
  • القول الثاني : وهو ما نص على عدم وجوب في زكاة عروض التجارة أن تتواجد النية للتجارة في حال التملك، وهذا ما أقتدي به الكرابيسي لدي الشافعيين، وابن عثيمين، وهذا هو ما أفتت به اللجنة الدائمة، فقالت “أمَّا إن كنت اشتريتَها للاقتناءِ، فلا زكاةَ فيها حتى تنويَ بها التِّجارة، فيبدأ حولُ التِّجارة مِن وقتِ النيَّة”.
    • وكان شاهدهم على ذلك هو قول رسول الله ذاته بأن الأعمال بالنيات، ففي حالة تواجد نية له للتجارة به فتكون للتجارة، وفي حالة تواجد نية الاقتناء بها، فتكون للاقتناء.
  • يتطلب فرض الزكاة على الممتلكات التجارية أن يكون النية للاقتناء بها، وهذا هو الاتفاق بين المذاهب الفقهية الأربعة، ويرجع ذلك إلى أن النية هي أحد الشروط الضرورية لوجود النصاب، بالإضافة إلى أن النية للتجارة شرط لفرض الزكاة على الممتلكات، وفي حالة إذا كانت النية للاقتناء فإن النية للتجارة تضيع، وبالتالي ينتهي شرط الوجوب.

شرط فعل التجارة لوجوب الزكاة

وهنا اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال هم.

  • القول الأول: وهو أن يكون العرض ملكا بفعله، وذلك بسبب ما يتضمنه من البيع والإيجار، وهذا هو رأي الشافعية والمالكية، واختاره محمد بن جرير الطبري.
  • القول الثاني: يجب على الشخص أن يمتلك الأموال بفعله في حالة وجود نية للتجارة، ولا يجب أن يمتلكها بعقد يتضمن معاوضة، وهذا يشبه الهبة والوصية أو الغنيمة، وهذا هو مذهب الحنابلة وقد أيده الكمال ابن الهمام.
  • القول الثالث: الأمر ليس بالضرورة أن يكون ملكا له بفعله، بل يأتي بنية القلب، وهذا هو ما اختاره الكرابيسي وابن عثيمين واللجنة الدائمة.

انقضاء الحول

  • في زكاة التجارة، يجب أن يمر عام كامل، وهذا ما اتفق عليه بن قدامة وابن المنذر، بالإضافة إلى ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- حيث قال: “من حصل على مال فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عند ربه.
  • قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: لا يجب دفع الزكاة على المال حتى يمضي عام كامل على امتلاكه.

ظهور مع عروض التجارة سبب آخر للزكاة

في حالة وجود زكاة التجارة مع العين، فإن أهل العلم اختلفوا وقدموا لنا قولين مختلفين.

  • القول الأول: الأصح أن زكاة التجارة تعود للمحتاجين وهذا ما يتبعه الحنابلة والحنفية، وذلك لأنها أكثر فائدة وأنها تزداد قيمتها مع زيادة قيمة التجارة، وأيضا لأنها أفضل للمستحقين خاصة مقارنة بزكاة العين التي تخص فئة معينة فقط.
  • القول الثاني: يعني هذا أن زكاة العين واجبة على المزارعين وأصحاب الأشجار المثمرة، وهذا رأي الشافعية والمالكية، خاصة أن زكاة العين أكثر قوة لأنها تختص بالعين، بينما زكاة التجارة تقوم على القيمة، وأن زكاة العين مجمع عليها، بينما هناك اختلاف حول وجوب زكاة التجارة ولا يتم تكفير من يتركها على عكس زكاة العين.

بلوغ النصاب

  • نصاب زكاة عروض التجارة هو زكاة الذهب والفضة، وهذا هو رأي أغلب الفقهاء، ويعود ذلك إلى أن زكاة الذهب والفضة لا تتفاوت بينهما، بل حتى ما يجب فيهما لا يتفاوت، لذا تم تحديد نصاب الفضة بمئتي درهم في جميع الحالات، أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالا لكل واحدة، أي أن الواجب هو ربع العشر.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى