الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

مراحل تدوين السنة النبوية

مراحل تدوين السنة النبوية

السنة النبوية هي الأقوال والأفعال والتقارير والصفات الخلقية والخلقية التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تنقسم السنة النبوية إلى ثلاثة أقسام. الأول هو السنة القولية وتشمل ما أخبر به الرسول في الأمور الدينية والدنيوية. الثاني هو السنة الفعلية وتشمل أفعال الرسول والمنقولة إلى الأمة مثل الحج والوضوء والصلاة. الثالث هو السنة التقريرية وتشمل ما أقره الرسول من أقوال أو أفعال وقعت أمامه أو نقلها له وسكت عنها أو استحسنها.

في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان الناس يتداولون أحاديثه شفهيا، وبعضهم كان يحرص على حفظ جميع الأقوال التي سمعها من النبي عليه الصلاة والسلام، وبعضهم كان يوثقها لكي لا تضيع منه أو ينساها، ومرت عملية تدوين السنة النبوية بالمراحل التالية:

تدوين السنة في عهد الرسول

  • لم يسمح لأصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتدوين جميع كلماته وأفعاله، حتى لا يخلطوها بالقرآن الكريم.
  • ومن أسباب منعهم أيضا خوفهم من الخلط بين القرآن الكريم والسنة النبوية في مسألة العبادة من خلال تلاوتهما، فالقرآن الكريم يتعبد بتلاوته بشكل مختلف عن السنة النبوية.
  • ومع ذلك، هناك بعض الأصحاب الذين استثنوا من هذا الحظر، بسبب معرفتهم الواسعة ودقتهم في الحفظ، حيث كتبوا سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
  • كما رغب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في استخدام تلك الأحاديث ليكونوا مرجعا للمسلمين في مختلف جوانب حياتهم.
  • حيث قد جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، فمن كتب عني شيئا سوى القرآن، فليمحه”
  • من الصحابة الذين سجلوا السنة النبوية هو عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وسجل السنة في كتاب الصحيح، والدليل على ذلك ما قاله أبو هريرة -رضي الله عنه-: “ما كان أحد يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مني إلا ما جاء من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب”.

تدوين السنة في عهد الخلفاء الراشدين

  • ركز الصحابة رضوان الله عليهم خلال فترتهم على تدوين السنة النبوية، وأظهروا هذا الاهتمام بشكل واضح من خلال تشجيع تلاميذهم على تدوين وحفظ السنة.
  • كما وضعوا شرطا لاعتبار معرفة الصحابي، وهي كتابة الحديث، وكتب بعضهم الأحاديث النبوية وأرسلوها إلى الصحابة الآخرين.
  • وأيضا كتب كل صحابي منهم الأحاديث في صحيفة، وذلك مثل صحيفة علي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهم.

تدوين السنة في عهد التابعين

  • كان التابعون مثل الصحابة حريصين على توثيق السنة النبوية، وبعضهم كتب الحديث وأذن به ذلك مثل الحسن البصري وسعيد بن المسيب وهمام بن منبه والشعبي.
  • وحفاظا على سلامة تدوين السنة دون تحريف أو تغيير، وضع التابعون قواعد لضمان ذلك، وكان الشيخ يراجعها سواء بالقراءة أو الاستماع.
  • بعد اتساع الانتشار الإسلامي، زاد اهتمام الأتباع بتوثيق سنة النبي محمد، فبعضهم اكتفى بإصدار الفتاوى والاهتمام بالعلم ونقل الحديث، جنبا إلى جنب مع إنشاء المدارس العلمية التي ظهرت في ذلك الوقت.

تدوين السنة في القرن الثاني الهجري

  • عندما اتسعت دائرة المسلمين في منتصف القرن الثاني من الهجرة، أفتروا بعض الأشخاص على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نسبوا إليه أحاديث لم ترد على لسانه.
  • الشيء الذي دفع أمير المؤمنين عمرو بن عبد العزيز للسعي في جمع وتدوين السنة، حيث أصدر أمرا رسميا بذلك، وذكر في صحيح البخاري أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم قائلا: “انظر إلى ما كان من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واكتبه، فأنا خائف من ضياع العلم ورحيل العلماء، ولا يقبل إلا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • فقد كان عمر بن عبد العزيز حريصا على تحقيق الدقة أثناء جمع وتدوين السنة، حتى يستطيع المسلمون التفرقة بين الأحاديث التي نقلت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الافتراءات المنسوبة إليه.
  • كما صدر من عمر بن عبد العزيز أمر لابن شهاب الزهري ليكتب السنة، فقد قال الزهري: “أمرنا عمر بن عبد العزيز بتجميع السنن، فكتبناها في دفتر، ثم أرسلها إلى كل أرض لها سلطان دفترا”.
  • ومن أجل حفظ السنة من التحريف والتبديل والتغيير، ولكي لا يحدث أي تزوير في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ طلب عمر بن عبد العزيز من بعض العلماء والتابعين في العديد من البلاد تدوين السنة.
  • طلب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور من الإمام مالك تدوين السنة في كتاب، فكتب الإمام مالك كتاب الموطأ، الذي جمع فيه الأحاديث النبوية المصنفة تبعا للموضوعات، ودعمها بما جاء عن الصحابة والتابعين من الأقوال المأثورة.

تدوين السنة في أواخر القرن الثاني الهجري

  • في القرن الثاني الهجري، تمت توثيق السنة النبوية في كتب مصنفة، حيث تم تسجيل الأحاديث المروية عن كل صحابي في الكتب الحديثة المجمعة، وتم تسمية هذه الكتب بالمسانيد.
  • كتب السنة تتضمن جميع مواضيع التفسير والفقه بشكل شامل، وتعرف بالجوامع.
  • تم تدوين السنة في الكتب الحديثية التي تم تنظيم الأحاديث فيها وفقا للأبواب الفقهية، تلك الكتب المسماة بالسنن.

تدوين السنة في القرن الثالث الهجري

  • في هذه المرحلة، تمت دراسة أحوال الرواة بالنسبة للقبول والرفض، بعد ظهور علم الجرح والتعديل الذي اهتم بهذا الجانب، وبالتالي تم تحسين السند من خلال دراسة أحوال الرواة.
  • في هذا العصر ظهر الإمام والإمام المسلم، وهما عالمان حرصا على جمع الأحاديث الصحيحة فقط في مصنفاتهما.

تدوين السنة في القرن الرابع الهجري

  • تحقق تدوين السنة النبوية في القرن الرابع الهجري هدفه المنشود، حيث تم تنقية الكتب وتبويبها من قبل العلماء، وجمع الأحكام والفوائد التي تضمنتها.

أنواع كتب السنة النبوية

انقسمت الكتب التي دونت فيها السُنة النبوية إلى عدة أنواع وهي:

  • يتم جمع الأحاديث الصحيحة في الكتب، وتوجد شروط للحديث المعتبر صحيحا، ومن أمثلة العلماء الذين جمعوا تلك الأحاديث في كتبهم الإمام البخاري والإمام مسلم والإمام ابن خزيمة.
  • الكتب التي تجمع الأحاديث الصحيحة والمنقولة من قبل رجال موثوق بهم، دون أن يكون هناك تشدد في تنظيمها، تشمل الأحاديث الصحيحة والحسنة واليتيم المقبول، وأمثلة على هؤلاء العلماء هم أبو داود والترمذي والنسائي.
  • تم جمع الكتب التي كتب فيها العلماء جميع الأحاديث النبوية التي وصلت إليهم، دون التحقق من صحتها أو جودتها، وكان الهدف من كتابتها هو وجود كتب تجمع كل ما تم الوصول إليه بالسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة العلماء الذين كتبوا تلك الكتب هم ابن ماجه وعبد الرازق الصنعاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى