الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

من النبي الذي كان يسمى بشرى

من النبي الذي كان يسمى بشرى؟ يوجد هذا السؤال بكثرة في ألعاب الألغاز وفي حياتنا اليومية، لأن الكثير منا لا يعرفون من هو نبي الله بشري، وما إذا كان فعلا نبيا أم لا؟ قد قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة غافر في الآية رقم 78: “ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك”، فقد صرح محمد بن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية الكريمة أنه كان من الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله للأمم السابقة، منهم من أخبر الله عنهم قصتهم لنا، ومنهم من احتفظ الله بعلمهم لنفسه العزيز الجليل. ونظرا لأننا جميعا قد أصبحنا قصرنا في حق الله أولا، ثم في حق ديننا ثانيا، ومن بعدها حق أنفسنا، سنتعرف في المقال القادم عبر الموسوعة على تعريف النبي بشري وقصته.

من النبي الذي كان يسمى بشرى

  • الكثير منا لا يعرف أن للنبي والرسول أكثر من اسم واحد. على سبيل المثال ، سمي سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأسماء مثل محمد وطه ويس. كما أن العديد منا لا يعرف ألقاب أنبياء الله في ذلك الوقت ، فكان نبي الله الذي سمي ببشرى هو “ذو الكفل.

لماذا سمي النبي ذو الكفل بشرى

  • يقول المؤرخون وعلماء الإسلام أن ذو الكفل هو ابن سيدنا أيوب، ويرجع نسبه إليه، وكان اسمه الأصلي بشري حتى أوكل الله له مهمة الدعوة في مدينة دمشق وما حولها بعد وفاة أبيه عليه السلام.
  • بالإضافة إلى تسميته بذا الكفل، وذلك لأنه تكفل بأداء بعض الأعمال الصالحة التي كانت مكملة له بشكل كامل، فقد ذكر الله عنه في الكتاب الكريم في سورة الأنبياء في الآية رقم 85 “وإسماعيل وإدريس وذا الكفل، كل منهم من الصابرين”، وأيضا قال تعالى في سورة ص في الآية رقم 48 “واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل، وكل من الأخيار.

سبب تسمية ذا الكفل بهذا الاسم

سبب تسمية نبي الله بشير بذا الكفل يعود إلى العديد من الجوانب التي ترويها قصته مع إبليس اللعين، لكن السبب الرئيسي لتسميته بهذا الاسم كما ذكرنا سابقا هو أنه استوفى ما أوكل به فكفله بحق كفالة. فما هو الأمر الذي أمر به؟ هذا ما ستكشفه الأسطر القادمة

قصة ذو الكفل مع إبليس

  • تبدأ قصة نبي الله ذا الكفل مع كبره وكبر سيدنا اليسع، وعندما كبر، قال في نفسه إنه بحاجة ليجد رجلا صالحا يمكن أن يخلفه على الناس بعده، وأراد أن يرى كيف سيحكم وهل سيعدل بين الناس أم لا؟ فإذا نجح، سيتولى قيادة الناس بعده.
  • وبناء على ذلك، دعا نبي الله اليسع الناس وجمعهم، وقال لهم إن هناك ثلاثة شروط، إذا قام بها وصدق في تنفيذها، سأعينه بعده على الناس. طلب الناس معرفة تلك الشروط الثلاثة.
  • ثم جاء رد سيدنا اليسع كالتالي “أن يصوم النهار ويقوم الليل ويعدل فلا يغضب“، فقام أحد الرجال وقال أنا أفعل ذلك، فرد عليه نبي الله بحديثه قائلا: “إذا كنت تصوم النهار وتقوم الليل وتعدل فلا تغضب؟” فأجاب هذا الرجل بنعم، وكان هذا الرجل هو نبينا ذو الكفل.
  • وأثناء ترديد نبي الله حديثه وتكراره ليؤكد على الحضور، لم يطلب أحد غيره الاهتمام بهذه المهمة، إلا هو عليه السلام، وسيتولاها نبي الله اليسع.
  • ذا الكفل قام بما عاهده النبي عليه، حيث صام في النهار وأقام الليل واعتدل ولم يغضب حتى غضب إبليس، فأمر الشياطين بإغواء ذا الكفل ليخطئ في أحد الأمور الثلاثة، لكي يقول عليهم “أليس عليكم ذا الكفل؟” ويقعوه في الخطأ.
  • لكن الله عفا عن ذا الكفل، فلم يتمكنوا من القضاء عليه، فأعلن إبليس تكفله هو شخصيا بذا الكفل منذ ذلك الحين، فتصور إبليس نفسه على هيئة رجل عجوز ليتمكن من الظهور أمام ذاك الكفل.
  • عندما لا ينام ذا الكفل ليلا، يقيم العه ويقضي حوائج الناس نهارا. يأخذ قيلولة في منتصف النهار ليعينه على قيامه في الليل. هذا هو نمط حياة ذا الكفل اليومي.
  • وكان إبليس يخطط لأن يوقعه في أحد الأخطاء الثلاث التي تعهد بالقيام بها، فاختار أن يوقعه في الغضب، فجاء وطرق بابه في وقت نومه، فاستيقظ ذا الكفل وفتح الباب ليجد أمامه رجلا عجوزا ولديه مظلمة، فوقف ليستمع إليه، وظل إبليس يروي له قصة مفبركة عن عداوة بين الرجل العجوز وأهله، وظل هكذا حتى حان موعد الاجتماع ولم ينم، فأخبره بأنه سيأتيه في الاجتماع ليعطيه حقه وذهب.
  • ذهب ذا الكفل إلى مجلسه وظل ينتظر الرجل العجوز طوال المجلس لمساعدته، لكن الرجل لم يأت حتى بعد انتهاء المجلس. فعاد إلى منزله ليأخذ قيلولته التي تعينه على قيام الليل. وبينما كان ذا الكفل يقترب من النوم، سمع طرقا على الباب.
  • عندما فتح الباب، وجد أمامه الرجل العجوز، وسأله ألم أخبرك أن تأتي إلي في المجلس بين الناس لكي أفي بحقك؟ فأجاب إبليس بأن أهله قوم خبيثون، فعندما علموا أنني ضيف في مجلسك، أخبروني بأنهم سيعطونني حقي، ولكن بمجرد انتهاء المجلس، أنكروا حقي مرة أخرى، فأخبره ذلك الكفل بأن يأتيه في مجلسه للمرة الثانية.
  • ذهب إلى المجلس للمرة الثانية ولم يأت العجوز، ولكنه كان قد غلبه النعاس ذو الكفل حينها، فأوصى بعض أفراد أسرته بألا يسمحوا لأحد بالاقتراب من الباب حتى يستطيع أن ينام، لأنه كان متعبا جدا.
  • وفي ذلك الوقت ظهر إبليس مرة ثالثة وأراد أن يطرق الباب لذاك الرجل، لكن منعه الناس الذين كلفهم ذاك الرجل بمنع أي شخص من إزعاجه أثناء نومه، وأجاب العجوز بأنه قد جاء إلى ذاك الرجل في اليوم السابق وأنه بحاجة إليه الآن، ولكن ردهم منعهم من أن يوقظوا أحدا من نومه.
  • عندما أصبح الأمر صعبا على إبليس، اكتشف ثقبا في البيت ودخل منه، ليقرع الباب من الداخل لذا الكفل، فاستفاق ذا الكفل وخرج لمجموعته، وسألهم هل أخبرتم أحدا بالاقتراب مني أو الباب؟ فأقسموا بأنهم لم يسمحوا لأحد بالاقتراب منه.
  • عندما نظر الكفيل ووجد الباب مغلقا كما تركه، علم أنه لا يوجد مدخل يمكن لأي شخص أن يدخل منه، وعلم أن إبليس فعل ذلك. أخبره أنه عرف بخبثه وبأنه عدو الله، فأجابه بنعم. عندما سأله نبي الله عن سبب فعله ذلك، أخبره أنه سيطر عليه شياطينه ولكنهم فشلوا في إغوائه، فأراد أن يجعله يسخط ويفقد صبره، لكنه فشل في تغيير أي من صفاته، فظل صابرا حتى النهاية.
  • ولذلك سماه الله بذا الكفل، وذلك بسبب قدرته على الوفاء بالعهد الذي قطعه.
  • ويقال إنه توفي عن عمر يناهز الخامس والسبعين، وتم دفنه في قبره الواقع في قرية كفل حارس بفلسطين.

هل ذا الكفل نبي أم لا

هناك اختلاف بين المفسرين والفقهاء في ما يتعلق بطبيعة ذا الكفل، حيث يعتقد البعض أنه كان أحد أنبياء الله، ويعتقد البعض الآخر أنه كان رجلا صالحا، خاصة لأن اسمه لم يذكر في القرآن إلا في الموضوعين فقط.

المؤيدون لكون ذا الكفل نبي

وافق معظم المفسرون وفقهاء الدين على أن ذا الكفل هو أحد أنبياء الله المرسلين للعبادة، وأشاروا إلى العديد من البراهين التي تدل على ذلك، وتشمل ما يلي:

  • أشار الرازي وأغلب المفسرون إلى أنه من بين الأنبياء.
  • على الرغم من أن ابن كثير اعترف بأنه لم يكن ليشترك الأنبياء لو لم يكن منهم، فإن الرازي أشار إلى أنه كان نبيا لعدة أسباب مهمة منها:
    • أنه ذكر اسمه في سورة الأنبياء وما ذكر فيها سوى الأنبياء.
    • قد قرن الله اسمه مع أنبيائه إسماعيل وإدريس.
  • كما قال الآلوسي وهذا ما يتفق عليه أكثر الفقهاء أن منهجه هو منهج الأنبياء فهو منهم.
  • بينما اتجه ابن عاشور بقوله أن ذا الكفل هو نبي الله الذي حصل عليه اختلاف في تحديده. وقد قيل أنه إلياس والمدعو في كتب اليهود بإيليا. بالإضافة إلى ذلك، ذكر أنه كان خليفة النبي اليسع في بني إسرائيل وهو عوبديا، والذي توجد له إحدى الكتب اليهودية وهي الرابعة في ترتيب الكتب الاثني عشر المعروفة بكتب الأنبياء الصغار.

المؤيدون لكونه مجرد رجل صالح

  • بعض العلماء نفوا النبوة عن ذا الكفل، واتجهوا للقول بأنه رجل صالح، فقد قال مجاهد في تفسيره لقول الله عز وجل “وذو الكفل” أنه رجل صالح ولكنه ليس نبيا، بل كان يقوم بتكفل نبي الله اليسع بقومه وأوفى بعهده، ولهذا سمي بذا الكفل.
  • وسرد القرطبي في هذا السياق أنه ليس بني وهذا يتعارض مع ما ورد إلينا من معظم المفسرين، وحتى الآن لم يقرر العلماء ما إذا كان نبيا أم لا.

في نهاية مقالنا الذي تناول سؤال من النبي وكان يسمى “بشرى”، أشرنا إلى أن نبي الله ذا الكفل هو بشري، وقد لقب بهذا لأنه قد قام بتنفيذ ما أمر به.

كما يمكنك الاطلاع علي المزيد من الموضوعات من خلال الأتي:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى