الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

بدأت كتابة الحديث في عهد

كانت بداية كتابة الحديث في فترة ما؟ يعتبر هذا السؤال من أفضل الأسئلة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث في الفترة الأخيرة، خاصة أننا نستنتج منها العديد من الأحكام والفتاوى وغيرها من تحديدات ديننا من خلال الأحاديث النبوية.

فقد قال لنا حبيبنا محمد، صلى الله عليه وسلم، في أحد أحاديثه الواردة إلينا: “لقد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا طالما تمسكتم بهما أو عملتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن ينفصلا حتى ألقى بكم عند الحوض”، والمقصود بقوله في تفسير الفقهاء حول “ولن ينفصلا حتى ألقى بكم عند الحوض” هو أن كتاب الله وسنة نبيه سيظلان مع الأمة الإسلامية ما دامت الساعة لم تقم، حتى يلتقي العبد برسول الله عند الحوض وهو نهر الكوثر الذي أهداه الله لنبيه.

هنا يعود الأهمية إلى أحاديث رسول الله، فهي تحتوي على الكثير من سنته، والذي أوصانا باتباعها، وبناء على ذلك وردت الكثير من الأسئلة حول الحديث وتدوينه حتى يصل إلينا، فمن بدأ بكتابته وفي أي عصر وما إلى ذلك من التساؤلات سنجيب عليها في مقالنا من خلال الموسوعة .

بدأت كتابة الحديث في عهد

يجب الإشارة إلى أن تدوين الحديث لم يبدأ منذ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل مر بالعديد من المراحل المختلفة، خاصة في بداية الدعوة. وذلك لأن رسول الله نهى أصحابه عن تدوين الأحاديث حفاظا على عدم الخلط بين القرآن الكريم وأحاديثه الشريفة، حتى عرف الناس الفارق الكبير بين كلام الله وكلامه. وبعدما تم توعية العباد بهذا الفارق الكبير، سمح بتدوين الحديث عنه. وفي البداية، كانت تدوين الحديث تكتب في الصحف. سنتعرف سويا في الفقرات التالية عندما وفي أي فترة زمنية تم ذلك بالتحديد.

  • كانت البداية الأولية لتدوين الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد النبي نفسه حيث كان الصحابة يدونون كل ما يسمعونه منه بدون تحريف أو تغيير، سواء في اللفظ أو المعنى
  • ومن الجدير بالذكر أنهم كانوا يدونون هذه الأحاديث في صحفهم الخاصة، ووجدت العديد من الصحف المشهورة مثل “صحيفة سعد بن عبادة الأنصاري، وصحيفة ابن جندب، وصحيفة جابر بن عبد الله، وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، والتي عرفت بالصحيفة الصادقة
  • كما كان هناك العديد من كتب الحديث الشريف في هد النبي ، وأهمهم كانوا ” عبد الله بن عمرو، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وجبار بن عبد الله “.
  • من الجدير بالذكر أن تدوين أقوال الصحابة لم يكن صعبا، خاصة مع وجود روايات من أم المؤمنين عائشة التي قالت: “لو عده العاد لأحصاه”، وفقا للمفسرين، فإن المقصود هو أن رسول الله كان يعرض الأحاديث بطريقة صحيحة ومتزنة دون عجلة، فكان حديثه واضحا ومفصلا، حيث كان يوضح ويشرح كل كلمة ينطق بها.

مراحل كتابة الحديث

تم تقسيم الحديث إلى مرحلتين في الكتابة، وسبق وأشرنا إليهما كما ذكرنا سابقا، ولكن فيما سيأتي في الأسطر التالية، سنوضح المرحلتين بشكل أكبر وأوضح.

  • المرحلة الأولي : وكانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نهى حبيبنا المصطفى عن تدوين الحديث الشريف عنه، وذلك خوفا من أن يخلط الناس بين كلام الله وأحاديثه.
  • وحتى تواجدت العديد من الأحاديث في أثناء بداية التدوين، التي أشارت إلى نهي نبي الله عن تدوين الأحاديث عنه. روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله قائلا: “لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني، ولا حرج، ومن كذب علي، قال همام: أعتقد أنه قال، متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
  • وعلى الرغم من ذلك، فقد حث رسول الله أصحابه الكرام على تعلم الكتابة، وذلك لكي يقوموا بكتابة الوحي عنه، فقد كان رسول الله أميا كما نعرف جميعا، وكان حافظا لكتاب الله حيث أنزله الله على قلبه، فحث أصحابه على تعلم الكتابة لكتابة الوحي عنه وبالفعل عين رسول الله حوالي الأربعين صحابيا لكتابة الوحي.
  • المرحلة الثانية : في فترة كتابة الحديث في العهد النبوي، تم تعميق الإسلام في قلوب المؤمنين وانتشاره، مما أدى إلى تسمح النبي لأصحابه بكتابة الأحاديث عنه، وكان أنس بن مالك وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص من بين الصحابة الذين كتبوا الأحاديث عن رسول الله، وتم كتابة الأحاديث في صحائف وتم الإشارة إلى الأكثر شهرة منهم في السابق

ظهور الموسوعات الحديثية

  • ظهرت الموسوعات الحديثة لأول مرة في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، واستمرت حتى نهاية القرن، وكانت من أشهر هذه الموسوعات كتب المصانيد والصحاح.
  • ومن المهم أن نذكر أن هؤلاء الكتاب قد استعانوا بالكتب الحديثة التي تم كتابتها قبل ذلك، مثل كتب الأوزاعي ومالك وحماد بن سلمة، بالإضافة إلى أن هذه الموسوعات كانت مختلفة في التصنيف والترتيب وطريقة الكتابة، مثل “صحيح البخاري وصحيح مسلم.

أول من جمع الحديث الشريف في كتاب واحد

عندما نتحدث عن أول من جمع الحديث الشريف في كتاب واحد، يمكننا أن نقول إنه “محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة” ولكن لكي نعرفه بشكل صحيح، يجب أن نكون على دراية بجميع الجوانب المحيطة به. لذلك، من الأفضل أن نبدأ بالتعرف على مراحل تدوين الحديث، وهذا يعود إلى أن مرحلة محمد بن مسلم كانت الأخيرة بين مراحل تدوين الحديث الشريف. لذلك، سنسرد معا في البداية مراحل تدوين الحديث.

تدوين الحديث في عهد رسول الله

  • كما ذكرنا سابقا، حث النبي مصاحبيه الكرام على تعلم الكتابة لتدوين الوحي الذي ينزل عليه، وذلك نظرا لحاجة الإسلام إلى التدوين لإقامة الدولة الإسلامية، خاصة بعد الهجرة وزيادة عدد الكتاب وتوسعة النفوذ الإسلامي، ونهى النبي عن كتابة الحديث عنه، كما أشرنا، لتجنب الخلط بين القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
  • ثم بعد استقرار الإسلام، سمح رسول الله بكتابة الأحاديث بعدما عرف المسلمون الفارق بينهم، خصوصا أن العرب يتميزون بقدرتهم الهائلة على الحفظ، ويعتمدون على ذلك في حفظ القرآن والسنة.
  • ومن الجدير بالذكر هو أنه وفقا لما أورده العديد من الفقهاء، فقد رأوا بأن النهي كان عن جمع القرآن والسنة في صحيفة واحدة.

تدوين الحديث في عهد الصحابة

  • في عصر الخلفاء الراشدين، رفضوا كتابة الأحاديث والسنة، وذلك بسبب حرصهم الشديد على عدم الخلط بينهم أو فقدانهم. لكن في عهد الفاروق عمر بن الخطاب، حث على جمع السنة في كتاب واحد، وبعد ذلك تراجع عن ذلك عندما لاحظ أن الناس انشغلوا عن القرآن الكريم بالسنة.
  • وكانت من التفسيرات المشهورة لهذا الانحراف، قول الخطيب البغدادي بأن الفاروق قد انحرف عن تجميع السنة خوفا من أن يتشابه العباد بين القرآن والسنة، أو أن يشتغلوا بالسنة على القرآن.

تدوين الحديث في عهد التابعين

  • كان اهتمام التابعين بتدوين الحديث كبير جدا، حتى أن “سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وهمام بن منبه” كانوا من أولئك الذين أذنوا بكتابة السنة، خاصة بعد اتساع الإسلام ودخول الأجانب فيه، فكانوا هم الوصلة بين الأجيال الأولى والمصنفين في القرن الثاني.
  • ويجب أن يتم ذكر أنهم قد وضعوا العديد من الشروط والضوابط في كتابة السنة، لضمان عدم التلاعب أو التزوير، وكانوا يعرضون الأحاديث على الأئمة لمراجعتها، وقد تم اتهامهم بمسألة الإسناد.

التدوين الرسمي للحديث

  • مرحلة التدوين الرسمي بدأت في عهد خامس الخلفاء الراشدين، عمر بن عبد العزيز، حيث كان هو من أشاد بمحمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، المعروف بالزهري، لجمع السنة النبوية في كتاب واحد وتكليف أبو بكر بن عمرو بن حزم مساعدته.
  • وبسبب هذا السبب، أطلق عليه لقب أول من جمع الحديث الشريف، وذلك بسبب التركيز على أهمية الحديث المكتوب منذ عصر النبي الله، ويجدر بالذكر أن خليفة المسلمين أمر بتجميع السنة استجابة لرغبة الفاروق التي تراجع عنها.
  • اختار الزهري بسبب كونه واحدا من رموز السنة النبوية، حيث قال الإمام مسلم أنه روى تسعين حديثا لم يرويها أحد غيره، وقيل أننا لو لم يكن الزهري لفقدنا العديد من السنن، ومن ثم ظهرت بعده الموسوعات الحديثية.

في ختام مقالنا الذي يجيب على سؤال حول بداية كتابة الحديث، أشرنا إلى أن أول كتابات الحديث بدأت في عهد النبوة، وبعد ذلك بدأ التدوين في عهد التابعين، وبشكل رسمي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، على يد الزهري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى