الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

هل التوكل على الله يتعارض مع اتخاذ الأسباب؟ هذا هو أحد التساؤلات التي تدور في ذهن الكثير من المسلمين، حيث يشعرون بالحيرة فيما يتعلق بالأمور التي يتوكلون فيها على الله سبحانه وتعالى وما يتخذونه من قرارات وتدابير لمواجهة تحديات الحياة. فقد أمر الله تعالى عباده بالتوكل عليه، وهو عبادة صادقة وخالصة لله جل وعلا، وكانت سمة من سمات الأنبياء والصديقين. تعرفوا معنا في الفقرات التالية على الجواب المفصل لهذا التساؤل.

جدول المحتويات

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

التوكل على الله من سلوكيات العبد الصالح الصادق، وهو أفضل شيء له في دينه ودنياه وآخرته، ومن خلاله يعتمد المسلم على خالقه في جميع أموره سواء كانت خيرا أو شرا، ومن خلاله يؤمن العبد أنه لا يوجد من يمنع أو يعطي سوى الله سبحانه، ولا يوجد نفع إلا بواسطته، وبالتالي فإن التوكل على الله لا يتعارض مع اتخاذ الوسائل والأسباب، حيث أن الله هو الذي أمرنا بكلاهما كما أمرنا بالسعي لطلب الرزق كما ذكر في القرآن الكريم في سورة الملك الآية 15 (هو الذي جعل لكم الأرض طرا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه).

إلى جانب القرآن الكريم، تأتي السنة النبوية كمصدر ثان للتشريع، حيث يبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية اتخاذ الأسباب والتوكل على الله. فالإنسان يجب أن يكون مثل الطير في الصباح، حيث يخرج وهو معتمد على الله ومبتغيا رزقه، وهذا ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا).

التوكل لا ينافي الأخذ بالاسباب

  • عندما أمر الله عباده بالتوكل عليه، أمر المؤمنين أن يأخذوا بالأسباب لتحقيق معنى التوكل الصحيح. لذلك، من واجب المؤمن المتوكل أن يلتزم بالأسباب ويسعى لتحقيق ما يرغب به ويتمناه، ابتغاء لمرضاة الله. بالعكس، إذا تعطل الاستعانة بالأسباب وتأخرت فيها، فإنها تعد مخالفة لما أمر به الله.
  • ومن أمثلة عدم الاعتماد على الأسباب والاعتماد فقط على الله، هو من يتمنى الحصول على رزق واسع وثروة وهو جالس في منزله، في حين أن الحصول على المال والرزق يتطلب السعي والعمل. بالمثل، يجب ألا يعتمد المؤمن فقط على الأسباب دون أن يعمل بقلبه، بل يجب أن يقوم بكليهما معا، حيث أنهما مترابطان ولا يمكن أن يحدث أحدهما بدون الآخر.

الأخذ بالاسباب والتوكل على الله

  • يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (إذا وافقت على ما قسمته لك، ستشعر بالاسترخاء في جسدك وعقلك وستكون محمودا عندي، وإذا لم توافق على ما قسمته لك، ستشعر بالتعب في جسدك وعقلك وستكون مذموما عندي، ولأجل عزتي وجلالي، سأجعلك تعمل وكأنك تركض في الدنيا مثل الوحوش في البرية، ثم لن يصيبك إلا ما كتبته لك)”، كما قال الله في سورة آل عمران الآية 159 (فإذا عزمت فتوكل على الله ۚ إن الله يحب المتوكلين).
  • يجب على العبد أن يستثمر كل قوته وجهده في السعي والعمل، حيث يتحقق التوكل والرضا بما يمنحه الله لعباده، بغض النظر عن نتائج الجهد والعمل المبذول. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يلتزم بالأسباب كعناصر أساسية في تحقيق العبودية لله. كمثال، عندما أمر الله نبيه أيوب عليه السلام أن يضرب الأرض بقدمه بعد أن دعا ربه لشفائه من المرض وإزالة البلاء عنه، رغم أن ضرب الأرض بالقدم ليس سببا في الشفاء، ولكن الله أراد من ذلك أن يثبت للعباد أهمية اتخاذ الأسباب مهما كانت ضعفها، وأن التوكل الصحيح ينبع من القلب.

الرزق والتوكل على الله

  • إن جميع المسلمين في حاجة إلى التوكل على الله سبحانه في جميع أمورهم وشؤونهم الحياتية، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. فإنه هو الخالق الكافي لعباده، الذي يحميهم ويرزقهم، ويحفظهم ويرعاهم في جميع الأوقات. بيده كل شيء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ربي الله الذي لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا قوة ولا حول إلا بالله العلي العظيم”.
  • التوكل على الله هو من شعب الإيمان وواجب على المؤمن، ويدل على إخلاصه وصدق إيمانه، ومعناه هو أن يترك الأمل والرجاء في الخلق والعباد وينتظر ما هو آت ومنتظره، بل يأمل الخير والعون من الله وحده، وهذا ما قاله الله في سورة التغابن الآية 13 (وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
  • لكي يزيد الله ويبارك في الرزق، يجب على العبد أن يتوكل على الله في أمور الدنيا والآخرة، مع إخلاص النية والثقة بأن الله كاف وحسب المسلم. يجب أن يشعر الإنسان بضعفه أمام عظمة الله وهيبته، ويسلم أن الله هو الوحيد القادر على جلب الخير والرزق ودفع الضر عن المؤمنين. يجب أن يمتنع عن القناعة واليأس مهما طالت مدة تحقيق الأمل.

توجد بعض الأفعال والأمور التي إذا قام بها العبد وصدق فيها، يتحقق لديه مفهوم التوكل على الله بكل معنى الكلمة. فهي ليست مجرد أقوال، بل هي أفعال حقيقية، ومن أول هذه الأفعال الإيمان بالله وتوحيده ورفض الشرك بجميع أشكاله، والثقة الحسنة بالله، وعدم الاعتماد الكلي على الأسباب، بل ينبغي ملازمة السعي والتدبر في حكمة الله، والاعتقاد أن كل ما يمنح للعبد هو خير وبقدرة الله التي تشمل كل شيء.

المراجع

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى