الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

فضل واسباب نزول سورة الكوثر

نقدم لكم في موسوعة فضل وأسباب نزول سورة الكوثر، وهي سورة قرآنية تتألف من عشر كلمات وثلاث آيات فقط، واشتهرت بخلوها من حرف الميم الذي لم يذكر في أي كلمة منها، وذلك يعكس فصاحة القرآن وإعجازه الرباني، وهي أقصر سورة في القرآن الكريم، وتنزلت على النبي في مكة بعد سورة العاديات.

هذه السورة هي السورة رقم 108 في المصحف الشريف، وهي مثل سورتي الشرح والضحى التي خاطب الله بهما النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أراد الله تعالى أن يخفف عنه وطأة الكفار والمشركين ويزيل الهم عن قلبه، وسوف نعرض في الفقرات التالية تفصيلا أسباب نزول هذه السورة القرآنية، فضلها، تفسيرها، والعبرة المستفادة منها.

فضل واسباب نزول سورة الكوثر

مع نزول القرآن الكريم، حدثت العديد من الأحداث والتغيرات والوقائع التي عاشها الرسول الكريم وشهدها، نتيجة لإعراض الكفار على دين الإسلام ورفضهم الدخول فيه، بل ووقوفهم أمام دخول غيرهم الذين أسلموا به. وبسبب ذلك، نزلت العديد من السور والآيات في تلك الفترة لتسلية قلب رسول الله والمؤمنين. ومن أشهر الأمثلة على ذلك حادثة الإفك مع أم المؤمنين عائشة، حيث برأها الله تعالى من فوق سموات سبعة في سورة النور.

وفيما يتعلق بأسباب نزول سورة الكوثر، وفي أحد الروايات الصحيحة، جاءت في ذلك الصدد قال ابن عباس رضي الله عنه إنها نزلت في (العاص بن وائل) عندما رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خارجا من المسجد في وقت دخوله العاص، فالتقيا عند باب بني سهم وتبادلا الحديث وكان هناك بعض أفراد قريش جالسين.

عندما دخل العاصي، تحدث إليه تلك الناس قائلة له: (إلى من كنت تتحدث؟)، (فأجابهم إلى ذلك الأبتر)، وهو يشير إلى الحبيب المصطفى الذي توفي ابنه عبد الله قبل ذلك بوقت. وكان ابن الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة. وكان الناس في تلك الفترة يطلقون على من ليس له ولد (الأبتر). ولهذا السبب أنزل الله تعالى هذه السورة الكريمة.

وقد تضمن تفسير آياتها الكريمة خير مبارك وعظيم حيث ذكر الله تعالى بها نهر الكوثر أحد أنهار الجنة الذي يحمل السورة اسمه ويخبرنا الله جل وعلا من خلالها عن نهر الكوثر الذي هو واحد من أنهار الجنة وقد منح الله تعالى نبيه الكريم بهذه النعمة وفضله عن سائر الخلق، وإلى جانب ذلك فإن الله سبحانه يستخدمها للرد على المشركين الذين آذوا وسبوا الرسول الحبيب بوصفهم إياه بالأبتر، والأبتر هو الشخص الذي إذا مات انقطع نسله وأثره، وقد قال العاص بن وائل للرسول الحبيب (إني لأكرهك وإنك لأبتر)، فرد الله تعالى على ذلك في آيته الكريمة (إن شانئك هو الأبتر).

فضل سورة الكوثر

  • سورة الكوثر نزلت للرد على اتهامات المشركين والمنافقين في مكة والمدينة للرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه الذين اعتنقوا الإسلام. كانوا يسخرون منه بسبب وفاة أبنائه الذكور، ويطلقون عليه لقب “الأبتر”، وهو الشخص الذي فقد أثره بعد الموت. السبب الآخر هو أن الضعفاء والفقراء كانوا هم الذين استجابوا لدعوته، بينما رفض الأغنياء والمشاهير الدخول في الإسلام.
  • واحدة من أهم الدروس التي تعلمناها من هذه السورة الكريمة هي أن الله سبحانه وتعالى يدافع عن المسلمين. فأيا كانت الأفعال التي يقوم بها الكفار ضدهم، ستعود عليهم بالشر وحدهم، دون غيرهم. وأي مؤامرة يحاكون أو خطة يضعون لاستهداف أتباع الحق، فإنها باطلة بلا شك ولا مناظرة. ومثل جميع آيات القرآن الكريم، فإن قراءتها تجلب لنا الفضل العظيم في الحياة الدنيا والآخرة. فقراءة القرآن هي عبادة لها أجر وثواب عظيم. ولهذا، حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على التمسك بها.
  • ومع ذلك، ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن وصف نهر الكوثر، وهو الذي يذكر في سورة الكوثر. وقد نقل أنس بن مالك رضي الله عنه هذا الحديث، حيث قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان بيننا في يوم ما، ثم نام لحظة واستيقظ وهو يبتسم. فسألناه عن السبب، فقال إنزلت عليه سورة الكوثر. ثم سألناه عن معنى الكوثر، فأجاب بأنها نهر أعده الله له، وهو خير كثير. وسيكون حوضا يقدم له أتباعه في يوم القيامة، وأوانيه يعددها عدد النجوم. ومنهم العبد المؤمن، فيشرب منه ويقول: رب، إنه من أمتي. فيرد الله عليه ويقول: ما أحدثت بعدك؟.

موضوعات سورة الكوثر

رغم أن سورة الكوثر قصيرة في عدد آياتها، إلا أنها تحتوي على مضمونات تستحق أن يتأملها كل مسلم، خاصة إذا كان يعرف سبب نزولها، ويمكن فهمه والتعرف عليه من خلال تفسير كل آية من آياتها على النحو التالي:

تفسير الآية الأولى من سورة الكوثر

  • في سورة الكوثر، يخاطب الله سبحانه وتعالى رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم قائلا: “إنا أعطيناك الكوثر”. والكوثر هنا يشير إلى أحد أنهار الجنة التي وعد بها الله رسوله الكريم. يوصف الكوثر في السنة النبوية بأنها مسكة ذفرة، وحصباؤها من اللؤلؤ، وحوافها قباب. يجري على الأرض بشكل غير مشقوق.

تفسير الآية الثانية من سورة الكوثر

  • في آية الكوثر الثانية، يأمر الله تعالى رسوله بالصلاة والذبح، وهي أمر إلهي من الله تعالى. قال أبو جعفر في تفسيره لهذه الآية الكريمة: المعنى هو أن تجعل صلاتك كلها مخلصة لربك، من دون الآلهة والأصنام، وأن تشكره على النعم والخير الذي أعطاك إياه بلا قياس، وأن يكون هو الأكثر خصوصية لديك.

تفسير الآية الثالثة من سورة الكوثر

  • جل وعلا يقول في سورة الكوثر الآية الثالثة (إن شانئك هو الأبتر)، وقد قال أهل التفسير أنها نزلت في العاص بن وائل عندما وصف الحبيب المصطفى بالأبتر، بينما ذكر عن بعض المفسرين الآخرين أنها جاءت في أبي لهب، وفي رواية أخرى في أبي جهل، أما مجاهد فقد قال في تفسيره لتلك الآية (العاص بن وائل قال: أنا شانئ لمحمد، ومن شنأه الناس فهو الأبتر).

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قرأ حرفا من القرآن الكريم، فله حسنة، والحسنة تضاعف عشر أمثالها. لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. هذا الحديث يشير إلى فضل قراءة القرآن الكريم بشكل عام. لكن لا يوجد نص صريح في السنة النبوية يتحدث عن فضل قراءة سورة الكوثر بشكل خاص.

المراجع

1

2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى