بحث عن العنف الاسري pdf
مفهوم العنف الأسري
يشير مفهوم العنف الأسري بشكل عام إلى القسوة وتسبب الأذى للطرف الآخر سواء كان ذلك بالضرب أو بالأذى النفسي، ويحدث العنف الأسري بين طرفين غير متكافئين في القوة، فعلى سبيل المثال، إذا كان الزوج هو المعتدي فإنه يكون أقوى من الزوجة أو الابن، أو إذا كانت الأم المعتدي فإنها تكون أقوى من الابن، ويهدف هذا العنف إلى تأكيد السيطرة على الطرف الآخر وتهديده بعدم تكرار الفعل مرة أخرى، بالإضافة إلى نشر مشاعر الخوف والهلع في ضحية العنف.
ظاهرة العنف الأسري ليست مقتصرة على فئة معينة، بل تحدث بين جميع الفئات العمرية سواء أطفالا أو بالغينا أو كبار السن، ولا تقتصر على طبقات اجتماعية محددة بل تحدث في الأسر الفقيرة والمتوسطة والثرية.
ويتم تجاوز العنف الأسري عبر ثلاث مراحل ففي المرحلة الأولى يتم اضطراب العلاقة بين المعتدي والضحية وتزداد احتمالية وقوع العنف، أما المرحلة الثانية فتشهد وقوع العنف بمختلف أشكاله، أما في المرحلة الثالثة فهي المرحلة التي يطلب فيها المعتدي السماح من الضحية لتبدأ مراحل العنف من جديد.
أنواع العنف الأسري
العنف الجسدي
يعتبر العنف الجسدي أحد أشكال العنف الأسري الأكثر انتشارا، حيث يهدف الشخص المعنف إلى إلحاق أذى جسدي بالآخر بعدة أهداف، بما في ذلك معاقبة الشخص الآخر، مثل معاقبة الابن عندما يرتكب خطأ. يرون المعنفون في العنف الجسدي حلا مناسبا لتربية الأبناء ووقف ارتكابهم للأخطاء مرة أخرى.
وتختلف أشكال العنف الجسدي وأبرزها الصفع على الوجه، وقد يتم استخدام وسائل أخرى للضرب مثل العصا، وفي بعض الأحيان يتحول الضرب إلى تعذيب يتم فيه استخدام آلات حادة، والعنف الجسدي لا يؤدي فقط إلى إيذاء الجسد بل يؤثر أيضا على الصحة النفسية للشخص الآخر.
العنف النفسي
العنف النفسي ليس أقل شيوعا وضررا من العنف الجسدي، فإيذاء النفس يحدث عن طريق إهانة الطرف الآخر وإساءة معاملته بالشتائم، أو سلب حريته ومنعه من حقوقه مثل منع الوالدين للطفل من الخروج، والعنف النفسي يعني أن الشخص الذي يستخدم هذه الطريقة ليس قادرا بشكل أساسي على تلبية احتياجات الشخص الآخر من الاهتمام والحب والدعم العاطفي، أو تلبية احتياجاته المادية، وفي حالة حدوث ذلك للأبناء، فإن ذلك يشير إلى أن الوالد المعنف غير قادر على تربية أبنائه بشكل صحيح.
العنف الجنسي
كما يترك العنف الجسدي آثارا سلبية على الضحية، يحدث العنف الجنسي نفس الشيء. يمكن أن يأتي العنف الجنسي في شكل استخدام الألفاظ الجنسية والمهينة، أو في شكل الاعتداء الجنسي الفعلي الذي يستهدف الأطفال بهدف مختلف، مثل الحصول على المال.
أسباب العنف الأسري
العوامل الاقتصادية
تعد العوامل الاقتصادية أحد أبرز العوامل التي تدفع البعض إلى استخدام العنف مع الآخرين، حيث تسبب الشعور بالإحباط واليأس والقلق بشأن تدهور الحالة الاقتصادية، وتشمل هذه العوامل ما يلي:
- عندما يكون حجم الراتب الشهري لرب الأسرة قليلا، يصبح غير قادر على تلبية احتياجات أسرته.
- حدوث خلافات بين الزوجين في إدارة ميزانية المنزل.
- سوء الأحوال الاقتصادية للأسرة نتيجة تعرض أحد أفرادها لمشكلة صحية أو حادثة.
- وقوع أزمة مالية لرب الأسرة مثل تراكم الديون أو فقدان الوظيفة أو تعرضه للخسارة المادية.
العوامل الاجتماعية
- تزايد المشاكل في الحياة الزوجية وزيادة النزاعات بين الزوجين نتيجة فقدان القدرة على التواصل، وبالتالي يفقد الشخص المعنف القدرة على التعامل مع الزوجة بالحوار والمناقشة بدلا من العنف.
- التربية الغير صحيحة للأبناء، إذا تم تربية الابن على العنف، فهذا سيخلق في داخله شخصية عنيفة ستظل معه في الكبر، وبالتالي سيستخدم العنف كوسيلة للتعامل مع الزوجة أو الأبناء.
- تؤدي الإهمال وتفكك الروابط الأسرية إلى تأثيرات سلبية على نفس الأبناء وتسبب في ظهور العنف فيهم.
- غياب الوعي الديني.
- انتشار العادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع يتمثل في اعتقاد أن الرجولة الحقيقية تكون في السيطرة والتحكم في الزوجة، وبالتالي يدفع الشخص إلى ضرب الزوجة أو إيذائها نفسيا.
- وقوع الطلاق بين الزوجين الذي يترك آثار نفسية سلبية على الأبناء قد يدفعهم بعد ذلك إلى استخدام العنف.
العوامل النفسية
تنقسم العوامل النفسية إلى نوعين أساسيين وهما ما يلي:
عوامل نفسية داخلية
هذه هي العوامل التي نشأت داخل المعنف نفسه نتيجة لأسباب وراثية.
عوامل نفسية خارجية
العوامل الخارجية تتمثل في تعرض الطفل للعنف من أسرته، أو رؤيته للعنف الذي يحدث بين والده ووالدته باستمرار، مما يدفعه لاختيار العنف كوسيلة للتعامل مع أفراد الأسرة.
آثار العنف الأسري على الأطفال
تختلف آثار العنف على الأطفال وفقا لمراحلهم العمرية المختلفة وتتضمن ما يلي:
الأطفال الأقل من سن 6 سنوات
في حالة تعرض الطفل للعنف من أحد الوالدين أو شهادته للعنف الموجه لوالدته، ستظهر آثار هذا العنف عليه من خلال العلامات التالية:
- كثرة البكاء والأنين.
- حدوث التبول اللإرادي.
- فقدان القدرة على النوم بسهولة.
- ظهور القلق والخوف على وجهه.
- البحث بشكل دائم عن مكان يختبأ فيه.
- مص الأصابع.
الأطفال فوق سن 6 سنوات
- تدني الاحترام للذات.
- فقدان القدرة على التركيز يؤثر على مستوى تحصيله الدراسي.
- اللجوء إلى العزلة والانطوائية.
- اللجوء إلى العنف في التعامل مع الآخرين
المراهقون
- الإصابة بالاكتئاب التي تدفع إلى الانعزال والانغلاق.
- اللجوء إلى تناول المخدرات والكحول.
- اضطرابات في الشخصية تتمثل في التنمر والسخرية من الآخرين.
الآثار الصحية للعنف الأسري
- الشعور بتقلصات معوية.
- الشعور بالصداع.
- الإصابة بالسمنة.
- الإصابة بالسكري.
- الإصابة بأمراض القلب.
آثار العنف الأسري على المرأة
وفقا للإحصائيات العالمية، يصل معدل تعرض المرأة للعنف الأسري إلى 30%، وتظهر آثار العنف الأسري السلبية على المرأة من خلال ما يلي:
آثار العنف الجسدي والجنسي صحيًا على المرأة
- تعرض لجروح وكدمات في أجزاء مختلفة من الجسم.
- التعرض لكسر في العظام.
- الإصابة بالأمراض الجنسية أو التهابات في المهبل
- الإصابة بأمراض في القلب.
- الإصابة بالصداع النصفي.
- الإصابة بقرحة المعدة والتهابات القولون.
آثار العنف الجسدي والجنسي نفسيًا وعقليًا على المرأة
- الشعور بالتوتر والقلق.
- رؤية أحلام سيئة.
- الإصابة بالاكتئاب.
- التعرض للإغماء.
- ضعف الذاكرة والانتباه.
- اللجوء إلى تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية.
آثار العنف على كبار السن
كبار السن يتعرضون للعنف النفسي من قبل أبنائهم أو أحفادهم أو زوج الابن أو زوجة الابنة، والذي يتجلى في الإهمال في رعايتهم أو في المعاملة غير الأخلاقية، وتتمثل الآثار السلبية لهذا العنف على كبار السن فيما يلي:
- كثرة الشعور بالخوف والقلق.
- الإصابة بالاكتئاب.
- الشعور باليأس.
- تدني احترام وتقدير الذات.
- التعرض لصدمة نتيجة العنف من أقرب الأشخاص إلينا.
آثار العنف على الرجال
يتعرض الرجال أيضا للعنف النفسي أو الجسدي، ولكن بنسبة أقل مقارنة بالنساء والأطفال، وتتمثل آثار هذا العنف فيما يلي:
- الإصابة باضطرابات عقلية.
- اللجوء إلى تعاطي المشروبات الكحولية والمخدرات.
- الإصابة بالاكتئاب الشديد (خاصة بين كبار السن).
- شدة الخوف والذعر من الطرف المُعنف.
آثار العنف الأسري على المجتمع
الطلاق
يعتبر الطلاق من أهم عوامل وقوع العنف الأسري، وهذا يؤدي إلى تفكك الروابط الأسرية.
اختلال استقرار المجتمع
انتشار العنف الأسري في المجتمع يؤدي إلى انعدام الشعور بالأمان وانتشار الخوف والقلق بين أفراده.
العداوة الاجتماعية
انتشار العنف الأسري يؤثر سلبا على سلوك الأبناء، حيث يدفعهم إلى التصرف بشكل عدواني تجاه الآخرين، سواء كانوا أخوة لهم أو زملاء في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك، يتجلى سلوكهم العدواني من خلال تدمير ممتلكات المدرسة وأماكن عامة أخرى.
التفكك الأسري
نظرا لأن العنف الأسري بين الأزواج أو بين الآباء والأبناء يؤدي إلى ضعف وتفكك الروابط الأسرية، مما يؤثر على استقرار الحياة الأسرية.
حلول العنف الأسري
تشمل حلول العنف الأسري الإجراءات التي يتخذها الأفراد والدولة، وتشمل ما يلي:
الإجراءات الفردية
العلاج الإجرائي
العلاج النفسي يتطلب من المعنف أن يتلقى علاجا نفسيا لفهم أسباب تصرفاته العدوانية ومعالجتها. يتم أيضا إعطاء الضحية العلاج والتأهيل النفسي للتغلب على الآثار النفسية السلبية للعنف.
استشارة المختصين
من ضمن الوسائل التي تساعد الضحايا على التغلب على الآثار النفسية السلبية للعنف هي استشارة المتخصصين في المؤسسات المجتمعية، وذلك لتجنب التبعات السيئة التي يتركها العنف داخلهم، مثل التعامل العنيف مع الآخرين، بالإضافة إلى الإدمان على المشروبات الكحولية أو المخدرات.
الإجراءات على مستوى الدولة
هناك بعض الإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل الدولة وتساعد على تقليل هذه الظاهرة في المجتمع مثل ما يلي:
برامج التوعية
تهدف هذه البرامج إلى توفير الحماية للأسر التي تتعرض للعنف من خلال القانون، إلى جانب المراكز والخدمات التي تتلقى الإبلاغات عند تعرضها للعنف.
برامج الوقاية
فيما يتعلق بهذه البرامج، فإن هدفها هو مساعدة ضحايا العنف الأسري في التغلب على الآثار السلبية للعنف والحماية من الانخراط في العنف في المستقبل، من خلال تقديم الدعم النفسي والتأهيل النفسي، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي من خلال توفير وظائف مناسبة.
في ختام هذا المقال، قدمنا لكم دراسة حول العنف الأسري ووضحنا أنواعه، وتأثيراته السلبية على الأطفال والنساء وكبار السن والرجال، بالإضافة إلى آثاره على المجتمع وكيفية مواجهته.
مراجع