حياة كعب بن زهير بالتفصيل

العصر الجاهلي كان أزهى عصور الأدب العربي. لذا، تقدم الموسوعة مقالا عن كعب بن زهير، أحد أعظم شعراء العصر الجاهلي في تاريخ الأدب العربي. كان بعض هؤلاء الشعراء يعيشون في العصر الجاهلي والبقية في العصر الإسلامي. الدين الإسلامي كان له أكبر الأثر في الأدب، حيث زاد القرآن الكريم الطباع وأدى إلى اختيار الشعراء لكلماتهم ومطابقتها لسماحة وآداب الشريعة الإسلامية. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشجع المسلمين على الشعر، لأنه يؤمن بأن أثر الكلمة قوي أكثر من أثر السيف في كثير من الأحيان. لذا، فلنتعرف سويا على أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي والإسلامي، كعب بن زهير.

حياة كعب بن زهير بالتفصيل

الإسلام والشعر

كثيرا ما يذكر الناس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشجع على قول الشعر، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قال: “وما علمناه الشعر وما ينبغي له”، وقال أيضا في موضع آخر: “والشعراء يتبعهم الغاوون”. وهذا الأمر يحتاج إلى التحقيق، فالله عز وجل لم يعلم النبي الشعر بسبب أن الله عز وجل أنزل على نبيه القرآن الكريم الذي هو كلام الله، وأما الشعر فهو كلام العامة في تلك الفترة. لذا لكي لا يختلط كلام الله مع كلام الناس، لم يشجع النبي على قول الشعر، ولكنه كان يشجع على قول الشعر.

فقد كان يقول بعض الشعراء الإسلاميين:اهجم وروح القدس معك”، وروح القدس هو سيدنا جبريل عليه السلام. هذا يدل على عظم مكانة الشعراء الذين يدافعون عن الإسلام والمسلمين أمام رسول الله – صلى الله عليه وسلم. وكذلك، كما قال الله عز وجل “والشعراء يتبعهم الغاوون”، استثنى من الغاوين الذين آمنوا وعملوا الصالحات. فالشعراء الذين يدافعون عن النبي وأصحابه لهم أعلى المنازل عند الله عز وجل. وكان النبي – صلى الله عليه – يقرب الشعراء منه ويحثهم على هجاء المشركين حتى تضعف قوتهم.

النشأة

كعب بن زهير هو شاعر مخضرم، والشاعر المخضرم هو الذي عاش في العصر الجاهلي وأكمل حياته في العصر الإسلامي، وهناك اختلاف كبير بين العصرين من حيث الأخلاق والآداب، ففي العصر الإسلامي كانت الأخلاق والمبادئ والتسامح هي المسيطرة، بينما في العصر الجاهلي كان العصبية القبلية والعادات والتقاليد التي ورثوها عن أجدادهم هي المسيطرة وتتعارض مع أخلاق الإسلام. وبالنسبة لكعب بن زهير، فهو ابن زهير بن أبي سلمى واحد من أبرز الشعراء في العصر الجاهلي، ولديه معلقة من معلقات الشعر السبع التي تعتبر من أروع ما كتب العرب في الشعر، وتعلم كعب بن زهير الشعر من والده.

وقيل: كان يعلمه الشعر بتعليم, ثم كان يأخذ كعب بن زهير إلى الصحراء ويعلمه الشعر, وكان كعبا يطلب منه أن يأذن له بالبيت, ولكان لكعب أخ يدعى بحيرا, وكان قد تعلم الشعر من أبيه أيضا, ولكنه بمجرد ظهور الإسلام, أسلم وصحب النبي-صلى الله عليه وسلم-, وعندما علم كعب بذلك, قال قصيدة يسخر فيها من النبي المختار, ويسخر فيها من أمهات المؤمنين, وعندما سمع النبي هذا الكلام, غضب جدا وأرسل له أخوه بحيرا ليطلب منه أن يتراجع عن ذلك, حتى لا يصاب بعاقبة سيئة, وظل كعب بن زهير في هذه الحالة, حتى شعر برغبة داخلية في التوبة والعودة إلى الصواب, فقرر أن يذهب إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- وأن يقدم له قصيدة يستعطفه بها.

إسلام كعب بن زهير

لكن كيف يحدث ذلك عندما قد قتل النبي المختار؟ إذا قابله أحد المسلمين سيقتله، ولذلك قام كعب بن زهير بتدبير خطة محكمة لمقابلة النبي – صلى الله عليه وسلم -، حيث قام بالتخفي ودخل عليه بمساعدة أخيه بجيرا وجلس أمامه دون أن يعرفه النبي، وألقى قصيدته المعروفة، التي يبدأ مطلعها بـ”بانت سعاد فقلبي اليوم متبول”، واستمر بالقصيدة حتى وصل إلى أبيات تمجد النبي المختار وأفعاله، حيث غير النبي الكلمة “سيوف الهند” إلى “سيوف الله”، وأخذ النبي المصطفى عباءته وأعطاها لكعب بن زهير، وقبل توبته، ولذلك سميت قصيدته تلك بالبردة.

تعارضت هذه القصيدة مع كثير من الشعراء مثل ردة كعب بن زهير، وأصبح كعب بن زهير من الشعراء الإسلاميين الكبار الذين يدافعون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وعن الصحابة في كل مكان، وأصبح الشعراء الإسلاميون هم الحصن المنيع الذي يواجه هجاء شعراء المشركين بشعراء أقوى منهم، وكان لكعب بن زهير إبداع شعري كبير؛ فلم يكتب في موضوع واحد فقط، بل تنوعت موضوعاته بين الشعر الجاهلي، الذي يتنوع بين الفخر والمديح والهجاء وغيرها من الموضوعات، أما الشعر الذي كتبه كعب بن زهير في الإسلام.

كانت موضوعاته تتناول مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – وتشجيع الصحابة المؤمنين على الدفاع عن الإسلام بكل قوة لديهم، وكان شعر كعب بن زهير من أعظم شعره، حيث أبدى فيه فخره واعتزازه بشعره

فمن يحوك القوافي لها شأنها، عندما يثنى كعب القافية ويحقق الفوز الجرول

من يقول فلا يعيا بشئ ينتقد ويقوم بأعمال سيئة