الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

صحة الحديث إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يوم الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ

صحة الحديث إن أمتي ستدعو يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن يستطيع أن يطيل غرته فليفعل ذلك. هذا الحديث الشريف جاء ليوضح قواعد الوضوء في الإسلام، وسنتناول في هذه الموسوعة تفسير هذا الحديث وصحته ومن سنده.

جدول المحتويات

تفسير حديث إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين

تأتي الأحاديث الشريفة لتوضيح الدين الإسلامي، كما تأتي بالتعليمات مثل الصلاة والوضوء والصيام وغيرها من الشرائع التي نعرفها من السنة النبوية الشريفة. وأتى هذا الحديث لتوضيح أمر الوضوء في الإسلام، ونصه كالتالي:

قال رسول الله صلي اله عليه وسلم:

إن أتباعي سيدعون يوم القيامة مغسولين ومحجلين بآثار الوضوء؛ فمن بينكم من يستطيع أن يطيل غسله فليفعل” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإليك تفسير كلمات الحديث:

  • تفسير معني الغرة: يشير المصطلح “الغرة” إلى البياض الموجود في جبهة الفرس، ويشير في الحديث إلى النور الإلهي الذي يتواجد في المناطق التي يصيبها ماء الوضوء.
  • تفسير معني مُحجَّلين: التحجيل هو لون أرجل الفرس الأبيض، ويدل على النور والبياض في القدمين والرجلين بعد الوضوء.
  • تفسير معني يُطِيل غرَّته: يعني ذلك تأخير غسل هذه المناطق عن الوقت المعتاد المطلوب لغسلها.

الهدف من الحديث الشريف هو تفضيل زيادة غسل الإنسان لوجهه وتمديده، وغسل ما يحيط بالوجه وما يفوقه ويسمى “تمديد الغرة” وهو أمر مستحب وكذلك غسل ما يزيد عن الكوعين والكاحلين وما يتجاوزهما لأنه أمر مستحب ويطلق عليه “تمديد التحجيل.

وذكر في كتاب “تمام المنة” للشيخ الجليل محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – العديد من التعليقات والتصحيحات للأحاديث المختلفة، ومن بينها هذا الحديث الذي اختلف العلماء في القدر الذي يجب فيه زيادة الاغتسال.

ومع ذلك، هناك العديد من الأدلة التي تدعم الحديث الشريف، منها ما نقله نعيم بن عبد الله المجمر حين قال:

رأيت أبا هريرة وهو يتوضأ، فغسل وجهه بكمية كافية من الماء، ثم غسل يده اليمنى حتى وصل الماء إلى المرفق، ثم غسل يده اليسرى حتى وصل الماء إلى المرفق، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى وصل الماء إلى الكاحل، ثم غسل رجله اليسرى حتى وصل الماء إلى الكاحل، ثم قال: “هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ

هذا يؤكد معنى الحديث الشريف وأهمية الاستمرار في الاغتسال وفقا للشرع والسنة، وقد اتفق العلماء جميعا على أن غسل الوجه واليدين والقدمين مع الكعبين واجب على كل مسلم، ولكن هناك اختلاف في المقدار المستحب للغسل.

صحة حديث إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين

هذا الحديث متفق عليه في الصحيحين البخاري ومسلم، وجاء في الحديث بشرى من النبي للمؤمنين في أمته، أن الله – عز وجل – اختص عبادة المؤمنين بخاصية فريدة في يوم القيامة، حيث تمتلئ وجوههم وأيديهم وأرجلهم بنور إلهي من تأثير الوضوء.

ولكن علماء المسلمين اختلفوا في مدى طول الغسل المتعمد، حيث يشير الغسل المتعمد إلى غسل الوجه وما يزيد عن ذلك لا يعتبر غسلا متعمدا، وقد تقسم العلماء إلى فريقين

وهناك فئة من العلماء يرون أنه ينبغي غسل الأذن بالوضوء، ولكنهم يختلفون في الكمية المستحبة لغسلها.

أما الفريق الثاني فلم يستحب تجاوز الواجبات المتعلقة بالوضوء، ويضم هذا الفريق الإمام مالك، والشيخ ابن تيمية، والشيخ ابن القيم وغيرهم من علماءنا الكرام الذين أكدوا على عدم الاستغراق أو التجاوز عن الواجب الذي جاء في السنة الأصلية.

أسباب رفض مجاوزة الفرض في الوضوء

والسبب في رفض هؤلاء العلماء للمجاوزة في الفرض هو:

  • لا يوجد دليل على تجاوزات في الوضوء، ولم يدل الحديث صراحة على ذلك، بل دل على تنظيف الأعضاء التي يصلها ماء الوضوء. ويعتقد العلماء أن التفسير المذكور في الحديث هو استنتاج من فهم أبي هريرة وليس من أقوال الرسول بالفعل.
  • المقصود بالغرة هو الوجه، وزيادة غسل الشعر ليست جزءا من الوجه، وهذا يعد تناقضا.
  • لم يتم ذكر أي من الصحابة الآخرين بفعل هذا الأمر، وتم نقله عن أبي هريرة فقط في هذا الوقت.
  • كانت الآية التي تحدد فرض الوضوء بغسل المرفقين والكعبين من آخر الآيات، ولذلك يرى بعض العلماء أنه لا توجد دلائل واضحة على تجاوز الواجب في الوضوء.
  • ذكر الإمام الجليل ابن القيم أن استعمال لفظة “الغرة” ليس من العادات المعتادة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتطرق لها في أقواله.
  • يقول العلماء إن هذا الحديث بهذه الصيغة لم يأت إلا على لسان واحد فقط من الرواة وهو نعيم المجمر.
  • رفضت جماعة من المالكية زيادة عن الفرض المفروض وهو الكعبين والمرفقين، بسبب قوله صلى الله عليه وسلم “من زاد على هذا فقد أساء وظلم”.

في النهاية، اختلاف العلماء هو رحمة بنا، وقد يكون دافعا لنا للتعمق والبحث أكثر، والاستفادة من علم شيوخنا، أرجو أنني قد وضحت هذا الحديث الشريف وأظهرت صحته، والله ورسوله أعلم بما فيه الخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى