الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ “فتثبتوا” أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين

تعرف على الطريقة الصحيحة لقراءة “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”. على الرغم من أن اللفظ “تبينوا” هو المذكور في القرآن الكريم، إلا أن بعض القراء قرأوه “فتثبتوا”. فهل هذا الأمر مسموح؟ وما هو سبب نزول هذه الآية؟ وماذا تعني؟ هذا ما سنعرفه اليوم من خلال هذا المقال على موسوعة، فتابعونا.

تفسير ” إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا “

جاء قول الله -عز وجل- في الآية السادسة من سورة الحجرات: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.

أولاً: قصة ” إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا “

  • وحسب ما أفاد به الإمام أحمد، بنقله عن الحارث بن ضرار الخزاعي، في سبب نزول تلك الآية، أن الحارث حينما أتى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، دعاه النبي للدخول في الإسلام، وفي الواقع قبل وبدأ يؤدي الزكاة، وطلب من سيدنا محمد أن يعود مع قومه، ويبلغهم رسالة الإسلام، ويخبرهم بأن الزكاة هي فريضة عليهم، فمن يستجيب له يجمع منه الزكاة، ثم أرسل نبينا الهادي رسولا إلى الحارث، ليأتي بالزكاة التي جمعها من قومه.
  • فعلا، كان رسول الله يرسل إليه رسول من حين لآخر، ولكن بعد فترة لاحظ الحارث أن الرسول تأخر ولم يعد يأتي ليأخذ منه أموال الزكاة التي جمعها من قومه، فظن الحارث أن هناك شيئا يغضب الرسول الله وأنه قد قام بشيء لا يرضى عنه الله ورسوله، فقرر أن يجتمع مع قومه ويخبرهم أنه سيذهب ليسأل الرسول الله عن ما حدث.
  • من ناحية أخرى، قام المصطفى عليه الصلاة والسلام بإرسال الوليد بن عقبة رسولا إلى الحارث لجلب أموال الزكاة التي جمعها الحارث من قومه.
  • لكن عندما سار في طريقه، خاف وعاد إلى رسول الله وقال له إن الحارس أبقاه ولم يعطه أموال الزكاة وكاد أن يقتله.
  • عندما ذهب الحارث إلى رسول الله، استقبله بالبعث، ولم يلومه على ما فعله مع الوليد، ولكن الوليد كذب وقال: “لا والذي بعث محمدا بالحق، لم أره ولا اتاني.” وعندما التقى برسول الله، عاتبه وقال له: “أترغب في قتل رسولي ومنعت عنه الزكاة؟” فكان جوابه أنه لم يأت من الأساس، وأنه كان يخشى أن يكون امتناع الرسول عنه هو سخطا منه.

ثانياً: سبب نزول ” إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا “

  • ومن خلال ذلك يمكننا أن نعرف أن هذه الآية كانت تتعلق بالوليد بن عقبة، فهو الشخص الفاسق الذي ذكره القرآن الكريم، وأما النبأ فهو ادعاء بأنه كان يرغب في قتله، ويمتنع عن دفع الزكاة، وهذا أمر لم يحدث بالفعل.
  • لذلك دعا الله عز وجل المؤمنين أن يتبينوا من أقوالهم وأن لا يصدروا أحكامهم دون أن ينظروا ويفكروا في كل ما يرد إليهم من أنباء.

ثالثاً: معاني المصطلحات

  • الفاسق هو الشخص الذي يخرج عن حدود الله ولا يطيع أوامره ولا يلتزم بأحكامه، ويطلق هذا الاسم عليه لأنه يتجاوز أعمال الخير والصلاح وبذلك ينشق عن الدين وينحرف نحو الفسق.
  • كما تظهر أم البلاغة في القرآن الكريم بتلك الكلمة، لأن الله تعالى لم يقل فيها “إن جاءكم كافر بنبأ”، بل قال “فاسق”.
  • ويمكن أن يكون السبب في ذلك أن الفسوق أشمل وأعم من الكفر، حيث يشمل جميع الآثام، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وإذا انحرف المؤمن عن تعاليم دينه وسلك طريق الضلالة، فيمكن أن نسميه فاسقا.
  • النبأ هو ذلك الخبر الذي يحمل قدرا كبيرا من الأهمية، ويجب الانتباه له لأنه قد يغير مجرى الأمور بشكل كبير، لذا ذكر المولى سبحانه كلمة “نبأ” ولم يذكر “خبر”.
  • يأمر الله عز وجل المؤمنين بتوضيح الأمور، والتوضيح يعني التأمل العميق في الأمر والتأكد من صحته، لأن عملية اتخاذ القرار تعتمد على ذلك.
  • يقصد بـ “أن تصيبوا قوما بجهاله” أن الإنسان في بعض الأحيان يحكم على الآخرين استنادا إلى معلومات سمعها عنهم، دون أن يتأنى في التحقق من صحة تلك المعلومات.
  • في تلك الحالة، يكون الحكم ناتجا عن الجهل وعدم التفكير جيدا في الأمر.
  • أما النتيجة التي ستحدث بعد إصدار حكم دون تأن، فستكون الندم الشديد، والندم هو أن تتمنى لو أعيد الزمن مرة أخرى، حتى لا يكرر الإنسان نفس الخطأ مرتين.

يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ “فتثبتوا” أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين

  • من الأمور التي لا يمكن الاختلاف فيها هي آيات القرآن الكريم.
  • وتلك الآية السادسة من سورة الحجرات وردت في كتاب الله عز وجل قائلة: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا”.
  • ومع ذلك، قد ورد عن الكسائي وحمزة أنهما قرآنوا هذه الآية بهذه الكلمات “إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا”.
  • يهدف مصطلح “فتثبتوا” إلى الثبات وعدم إصدار أي حكم على الآخرين قبل الوصول إلى الحقيقة.
  • الثبات هو مرحلة أولية في التفكير، وينتج عنه مرحلة أكبر وهي التبين، فالتبين يعتمد على الثبات ولا يتم بدونه.

وقفات في إن جاءكم فاسق بنبأ

  • يوجه الله في تلك الآية حديثه إلى المؤمنين، ليكونوا حذرين من تلك الأنباء التي تصلهم.
  • من الضروري أن يتأكدوا منها جيدا قبل أن يتخذوا قراراتهم، الناتجة عن هذا النبأ لأنه قد لا يكون صحيح من الأصل.
  • استخدمت كلمة فاسق في تلك الآية بشكل عام للتعميم، سواء كان هذا الفاسق من الكافرين أو المؤمنين.
  • وقوله عز وجل إن جاءكم، فـ”إن” هنا أداة شرط، تدل على ندرة حدوث هذا الأمر.
  • لأن أساس الإيمان هو الابتعاد عن الفسق، لم يتم ذكر “إذا” لأنها تعني التأكيد على تكرار حدوث هذا الأمر كثيرا.

ومن خلال هذه الآية، نجد أن الله تعالى يوجه المؤمنين ببعض التوجيهات التي تفيدهم في حياتهم الدنيوية، والتي تساعدهم على تجنب التجاوزات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى