التراث الشعبي - الفولكلوركتب و أدب

قصص وحكم مستفادة منها

القصة هي نوع من الأدب الفني وتعتبر ربطا بين أحداث في الزمان والمكان وبين الشخصيات، مع اللعب بعنصري الإثارة والتشويق، ولهذين العنصرين دور مهم في كتابة القصة سواء كانت حقيقية أو خيالية أو مستوحاة من الواقع. فالإثارة والتشويق هما عاملان بناءيان وفعالان في تطوير القصة، بالإضافة إلى اللعب بشخصياتها وأحداثها، مع مراعاة الأزمنة والأماكن التي تحدث فيها تلك الأحداث. كما يجب أن تحمل القصة هدفا يصل إليه القارئ في نهايتها، ويجب أن يكون هذا الهدف أو الرسالة التي يتم توصيلها هدفا نبيلا وينصح به في أساليب التعليم الحديثة، ويجب مراعاة الفروق العمرية التي قد يقرأ فيها القصة. لكتابة قصة أو تأليفها، هناك قوانين وقواعد يجب اتباعها.

تعريف واضح للقصص والحكم:

من بين المبادئ الأساسية للقصص هو أن تهدف إلى نقل القيم والمبادئ في مراحل معينة من الحياة، وخاصة في فترة الطفولة؛ حيث يكون الأطفال متحمسين لقراءة القصص الخيالية التي تحمل معان واضحة بطريقة بسيطة تتناسب مع عقولهم. تحمل القصص فوائد عديدة للأطفال، مثل تطوير القدرات الذهنية واللغوية وتعزيز القدرة على التعبير. كما تحسن أسلوب الطفل وتحفز التفكير وتعزز مهارة التركيز والاستماع لديه. هناك أيضا قصص تعمل على زيادة ذكاء الطفل وتطوير التفكير لديه.

مميزات القصص والروايات:

وبسبب بساطة وسهولة قصص الأطفال التي يمكن لأي طفل قبولها وفهمها، فإن هناك العديد من هذه القصص التي تتداول عبر الأجيال، والسبب وراء استمرار هذه القصص وتوريثها من جيل إلى آخر هو بساطتها ووضوح العبر والحكم فيها، والتي من المحتمل أن تؤثر بشكل كبير في تشكيل وجدان الطفل وتنمية قدراته العقلية، ومن بين القصص التي تتم تداولها:

جدول المحتويات

قصة الطفل وشجرة التفاح :

تقول القصة في زمن طويل مضى أن هناك شجرة ضخمة كانت تفاحا تنبت منها أغصان تتفرع منها الأشجار الأخرى وكانت قوة غصانها تعكس قوتها بين الأشجار الأخرى، وإلى جانب ذلك كانت مليئة بالثمار الناضجة التي تجذب الناظرين بجمالها وروعتها، ويقال أيضا أن هناك طفلا كان يكون قريبا دائما من تلك الشجرة يلعب ويتسلقها وعند شعوره بالجوع يأكل من ثمارها، وعندما يتعب يجلس تحتها للاستظلال بظلها والاستمتاع بها، وينام تحتها بعمق، وكان هذا المشهد يتكرر يوميا ولكن كما هو مألوف لم يتوقف الزمن عند هذا المشهد بل استمر في المرور حتى نشأ الطفل وأصبح رجلا، ومع مرور الوقت نسي الشاب شجرة التفاح وتغاضى عنها وتوقف عن زيارتها، ولكن في يوم من الأيام ذهب الشاب إلى تلك الشجرة وجلس تحتها كما اعتاد عندما يشعر بالتعب والإرهاق، فكان يجلس تحتها يستمتع بظلها الجميل ولكن الشاب كان يشعر بحزن شديد ظهرت علاماته على وجهه، وعندما رأته الشجرة بهذه الحالة طلبت منه أن يلعب معها ولكن رده عليها كان “لقد كبرت الآن ولست ذلك الطفل الصغير، لقد كبرت وأصبحت لدي الهموم الكافية وأحتاج إلى المال لشراء متطلباتي، لقد تعبت من اللعب وأظهرت علامات الحزن على وجهي أكثر من ذي قبل” فاقترحت الشجرة عليه أنه يستطيع أخذ ثمار التفاح الناضجة الجميلة وبيعها للحصول على المال الذي يحتاجه وتحقيق سعادته وتخفيف همومه.

سرعان ما ظهرت ابتسامة السعادة على وجه ذلك الشاب، وقام بجمع جميع ثمار الشجرة وأخذها وهو سعيد، ثم غادر. وشعرت الشجرة بالحزن عندما غادرها. مر الوقت وانقضت الفترات ولم يعود الشاب إلى الشجرة. بعد عدة سنوات، عاد الشاب إلى الشجرة مرة أخرى، وتكررت المشهدة. طلبت الشجرة من الشاب الحزين الجالس تحتها أن يلعب معها، ولكنه رفض وقال لها إنه لم يعد طفلا، وأصبح رجلا ولديه عائلة ومسؤولية تجاهها. وأخبرها أنه وعائلته بحاجة إلى بناء منزل يوفر لهم المأوى والحماية. طلب الشاب مساعدة الشجرة، وسألها إذا كانت قادرة على مساعدته. تأثرت الشجرة وقلبها يتألم من حزنه.

فقالت له الشجرة:

ليس لدي بيت أستطيع أن أعطيك إياه، لكن يمكنك أن تأخذ ثمار التفاح الناضجة من أغصاني وتبيعها وتشتري بها منزلا لك ولعائلتك. فعل الرجل نفس الشيء كما فعل في المرة السابقة وأخذ جميع ثماره وغادر وهو سعيد.

تمر الأيام والأسابيع والشهور والأعوام، وتظل الشجرة الرقيقة القلب وحيدة وحزينة، تشتاق إلى الطفل الذي كان يحرص عليها لسنوات طويلة. تشعر بالحزن والألم لأن الطفل نسيها ولم يعد يذكرها. وبعد طول انتظار، جاء الطفل الذي كبر وأصبح رجلا في صيف يوم حار جدا. فرحت الشجرة وسعدت بقدومه وقالت له ألعب معي. ولكن رد الشاب عليها كان بأنه كبر وأصبح رجلا عجوزا يرغب في الراحة من تعب الحياة ويرغب في الاستمتاع ببعض الوقت في مياه البحر. لكنه لا يملك مركبا يساعده على ذلك. فقدمت الشجرة المساعدة كما هي العادة وأخبرته أن يأخذ ثمارها الناضجة ويبيعها، ومن المال الذي يحصل عليه يمكنه صنع مركب لنفسه. وكالعادة، أخذ الشاب من غصن الشجرة وذهب بسعادة. وبعد سنوات طويلة، تعبت الشجرة من انتظاره.

وحدث هذا المشهد مرارا وتكرارا وهو انتظار الشجرة لذلك الطفل الذي نما وأصبح رجلا كبيرا ومرت السنوات والأعوام ولم يعد ذلك الرجل يزور الشجرة مرة أخرى وأصبحت الشجرة حزينة على فراقه ولكنها تعودت على ذلك وبعد مرور تلك السنوات عاد الرجل إلى الشجرة ولكن هذه المرة قالت له الشجرة: أنا آسفة، لقد كبرت وعجزت والزمن يزداد في سني وليس لدي تفاح لأعطيك أو لتبيعه وتحقيق مطلبك مهما كان، لقد انتهيت وانتهى محصولي وثماري الناضجة معي وليس لدي جذع يمكنك العبث به. فكان رده عليها: لا أريد تفاحا أكله فقد كبرت وأصبحت كبيرا لا أملك أسنانا لأقضم بها وقال لها: كل ما أحتاجه الآن هو أن أرتاح من تعب ومشقة الحياة وأريد مكانا للراحة فقط، فأجابته الشجرة: هذه جذوري، وهي كل ما تبقى مني، يمكنك الجلوس وأنا أستريح واستلق هنا كما تشاء .

الحكمة من هذه القصة:

على الإنسان أن يقدر كل النعم التي منحنا الله إياها، وأن يعتني بها بأفضل ما يستطيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى