التعليموظائف و تعليم

ما هي احلام اليقظة

تعتبر أحلام اليقظة نوعا من الهروب الداخلي من الواقع، وطريقا لتحقيق الآمال والأحلام التي يتمناها الإنسان لنفسه. بعضها يرفضه الواقع والمنطق ويتفق معه العقل، وبعضه يمكن تحقيقه والوصول إليه. وفيما بين هذا وذاك، يدخل العقل مدفوعا بالقلب في نوبات عديدة من أحلام اليقظة، أملا في تحقيقها في يوم من الأيام، أو كوسيلة للهروب من واقع مرير قد يؤدي في النهاية إلى تحول أحلام اليقظة إلى حالة مرضية تصاحب الإنسان في مختلف مراحل حياته.

 تعريف أحلام اليقظة وتوصيفها

تصنف أحلام اليقظة كجزء مهم من أبواب العالم الداخلي والعقلي للإنسان، وتعرف في اللغة الإنجليزية بمصطلح “Day Dream”، حيث تدفع الشخص إلى استخدام عقله في تحقيق الرغبات الشخصية، على أمل أن يتحقق لها حتى وإن كانت فوق حدود الخيال. يضطر صاحب هذا النوع من الأحلام إلى الاعتماد على خياله الواسع والتركيز في عالمه الخاص به، من أجل تحقيق الرضا الداخلي، ربما يكون هذا هروبا من آمال القلب وطموحات العقل، التي قد لا يمكن تحقيقها في الواقع. وغالبا ما يتأثر الشباب بهذا النوع من أحلام اليقظة، وتظهر لديهم بعض الظواهر النفسية، التي قد تتحول إلى حالة مرضية صعبة.

مع تنوع الآمال والأحلام والطموحات، يمارس الناس ذلك النوع من أحلام اليقظة، ولكن بحذر عدم الانغماس فيها أو الانخراط في ما هو زائد، ومع ذلك، يوجد فئة تعشق الانغماس والاندفاع بعيدا في عالم أحلام اليقظة، وتترافق ذلك مع شعور لم يسبق له مثيل من الانشغال والنسيان، ويشهدون بطءا واضحا في إنجاز المهام الموكلة لهم أو التي يطمحون في إنجازها في الواقع. وإذا أردنا التعبير عن ذلك، فإن الطلاب الجامعيين يجدون صعوبة في التركيز خلال المحاضرات التي يشاركون فيها، على الرغم من انتظامهم في حضورها ومحاولتهم الجادة للاستماع ومتابعة المحاضر. وعندما يحاول هؤلاء الطلاب مراجعة دروسهم، يستغرقون وقتا طويلا في قراءة بعض الجمل التي يحاولون تذكرها وفهمها، وبعد مرور الوقت، يدركون أنهم استغرقوا وقتا أطول من اللازم وأكثر مما يستحقونه. فيبدأون بسؤال أنفسهم عن متى كانوا يدرسون تلك الدروس؟ وما الذي كان يشغلهم خلال تلك الساعات الطويلة؟ ففي الوقت الذي كانت فيه أعينهم مستقرة على الجمل الموجودة في الكتاب، كانت عقولهم تتجه إلى عالم آخر.

في ذلك الزمن، يدرك الشخص أنه قد دخل عالما من الخيال، وأخذه بعيدا عن الواقع، فيبدأ في إلقاء اللوم على نفسه وخياله، ويحاول العودة إلى الواقع واسترجاع دروسه، وتؤتي هذه المحاولة ثمارها، ولكن بعد بضع دقائق فقط، يعود إلى أحلام اليقظة مرة أخرى، ولا يفقد الأمل ويكرر المحاولة، وتنجح، ثم يعود إلى أحلام اليقظة والواقع الافتراضي، وهذا هو التحليل الأكثر شكوى لمن يعانون من أحلام اليقظة. يجب على المصاب بـ “مرض أحلام اليقظة” أن يسعى جاهدا للتخلص من الآثار السلبية لهذا المرض، وكما هو الحال مع كل شيء يتجاوز معدله الطبيعي، يتحول إلى مأساة في حياته الحقيقية.

واحد من أكثر الأضرار التي تصيب الإنسان الذي يغرق في أحلام اليقظة هو عدم قدرته على تحقيق أي تقدم في حياته، فيلقي اللوم بطريقة مفرطة على أشخاص أو مواقف أو أحداث محددة، وربما ليس لها أي ذنب على الإطلاق في ما وصلت إليه، فيصل به الأمر إلى تشكيل عالم افتراضي خاص به، يتكيف معه ويتعايش عليه، حقق من خلاله أحلامه وطموحاته وأهدافه التي عجز عن تحقيقها في الواقع.

المراجع :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى