الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

سورة المؤمنون تفسير

نزلت سورة المؤمنون من قبل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وهي سورة مكية. وتعتبر سورة المؤمنون من سور المئة، أي أن عدد آياتها مائة أو أكثر. وعدد آيات السورة هو ١١٨ آية، وترتيبها في تنزيل القرآن الكريم هو الثالث والعشرون. ونزلت سورة المؤمنون بعد سورة الأنبياء وتقع في الجزء الثامن عشر من الحزب الخامس والثلاثين، الربع الأول والثاني والثالث.

• تتناول سورة المؤمنون العديد من أمور الدين، بما في ذلك الرسالة والبعث والتوحيد. وعندما سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي -صلى الله عليه وسلم-، روي أن بعض الصحابة قالوا لها: كيف كان خلق رسول الله؟ فأجابت: كان خلقه القرآن، ثم قرأت: “قد أفلح المؤمنون” – حتى النهاية – “والذين هم على صلواتهم يحافظون”، هكذا كان خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

• بخصوص سبب نزول سورة المؤمنون، قيل إن سبب نزول أول عشر آيات من سورة المؤمنون يرجع إلى عبد الرحمن بن عبد القارئ. قال إنه سمع عمر بن الخطاب يقول أنه عندما ينزل الوحي على رسول الله، يسمع صوتا يشبه صوت النحل بجوار وجهه. ثم ينتظر لحظة ثم يتوجه نحو القبلة ويرفع يديه ويقول: “اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا”. ثم يقول: “لقد نزل علينا عشر آيات، فمن أثابهن وعمل بهن، فسيدخل الجنة”. ثم يقرأ الآيات العشر من سورة المؤمنون. وفيما يخص نزول الآية التي تليها، فقد ورد عن أبي هريرة أن رسول الله كان عندما يصلي يرفع بصره نحو السماء، ثم ينزل الآية التي تقول: “الذين هم في صلاتهم خاشعون.

• فيما يتعلق بنزول بعض الآيات المختلفة من سورة المؤمنون، أخبرنا أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب أكد هذه الأحاديث. وفي إجابتي على سؤاله، قلت: يا رسول الله، لو صلينا خلف المقام، فلينزل الله تعالى الآية (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى). وقلت: يا رسول الله، لو ارتديت حجابا يستر نسائك، فسيدخل عليك الصالحون والفاسقون، فلينزل الله تعالى الآية (وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب). وقلت: يا رسول الله، ليس لزوجات النبيل تعيينات مدى الحياة، بل يمكن أن يبدلن بأزواج أفضل منهن، فأنزل الله الآية (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن). ونزلت الآية (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) إلى قوله تعالى (ثم أنشأناه خلقا أخر). فقلت: فتبارك الله، صانع الخلق الأجمل.

• تتشابه سورة المؤمنون مع سورة الأنبياء في عدة نقاط، بما في ذلك أن سورة الأنبياء التي نزلت قبل سورة المؤمنون انتهت بخطاب الله للمؤمنين بأن يقيموا الصلاة والزكاة ويحافظوا على الأعمال الصالحة لتحقيق النجاح. وبدأت سورة المؤمنون بتأكيد نجاح المؤمنين في قوله تعالى “قد أفلح المؤمنون”. ومن بين أوجه التشابه بينهما أن الله أخبر المؤمنين في سورة المؤمنون وسورة الأنبياء بالبعث والنشور وأدلة تثبت ذلك.

• سورة الأنبياء وسورة المؤمنون تحتوي على قصص الأنبياء التي أخبر الله بها المؤمنين، لتكون عظة وعبرة لمن يقرأها، ومن الشبه بين السورتين أن الله أنزل فيهما الأدلة التي تثبت وجوده.

• بالنسبة لصفات المؤمنين التي تمت مناقشتها في سورة المؤمنون والتي تؤدي في النهاية إلى النجاح، فأولها هو الخشوع في الصلاة وهذا شرط لصحة الصلاة كما قال الله تعالى “الذين هم في صلاتهم خاشعون”، وكما قال الله تعالى في سورة العنكبوت “وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

فيما يتعلق بالصفة الثانية، فهي أنهم يمتنعون عن القول أو الفعل الباطل، وقد قال الله تعالى: “والذين هم عن اللغو معرضون” [المؤمنون: 3]. وقد أشار الله إلى هذه الصفة في سورة القصص حين قال: “وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين” [القصص: 55]. ومن الصفات الخاصة بالمؤمنين هي إخراج الزكاة عن النفس والمال، كما قال تعالى: “والذين هم للزكاة فاعلون” [المؤمنون: 4]. وكما قال الله تعالى في سورة الشمس: “قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها” [الشمس: 9، 10].

• ومن صفات المؤمنين أيضا الابتعاد عن الفحشاء، كما جاء في قوله تعالى: “والذين هم لفروجهم حافظون” و”إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” و”فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون”. ثم ذكر الله تعالى ضرورة حفظ المؤمنين للأمانة، كما قال: “والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون”. ومن صفات المؤمنين أيضا أنهم يحرصون على أداء الصلاة، كما قال تعالى: “والذين هم على صلواتهم يحافظون”. ثم ذكر الله تعالى جزاء هؤلاء المؤمنين في الآخرة، حيث سيكونون ورثة الجنة وسيعيشون فيها إلى الأبد، قائلا: “أولئك هم الوارثون” و”الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى