حقوق الوالدين على البنت المتزوجة

بر الوالدين هو قيام الإنسان بإحسانه إلى والديه سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل. وبر الوالدين هو من العبادات التي يجزي عليها الله سبحانه وتعالى نظرا لأن الله وصانا ببر الوالدين في كتابه العزيز. كما وصانا الرسول صلى الله عليه وسلم ببر الوالدين في السنة النبوية الشريفة. وحذرنا الله تعالى أن من يكون عاقا لوالديه فإنه يرتكب إثما عظيما.

فضل بر الوالدين

• وفي سورة الإسراء ذكر الله تعالى عن بر الوالدين قوله تعالى: (ربك قضى أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إذا بلغك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) الإسراء/23، 24. وأيضا في سورة النساء قوله تعالى: (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) النساء/36

كما ورد في السنة النبوية عن بر الوالدين ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم: (أي عمل أحب إلى الله؟ قال: أداء الصلاة في وقتها. قال: ثم أي عمل؟ قال: بر الوالدين. قال: ثم أي عمل؟ قال: الجهاد في سبيل الله). وكما ورد عن البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.

بر الوالدين بعد موتهما

• قد أوصى الله تعالى أيضا بالإحسان إلى الوالدين بعد وفاتهما، ومن أشكال الإحسان إلى الوالدين بعد وفاتهما أن يقوم الابن بالاستغفار لوالديه بعد وفاتهما. وتمت ذكر هذا في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة حيث قال تعالى: “رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب”، سورة إبراهيم/40-41،

• وكما جاء في الاستغفار للوالدين بعد وفاتهما، قال تعالى في ذكره لدعاء نوح: “رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا.” [سورة نوح – الآية 28]، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنى لي هذه؟ فيقول: بالاستغفار ولدك لك.” [رواه أحمد].

• وفي توجيهات الله تعالى، يشجع الشخص على أن يدعوى لوالديه بعد وفاتهما، وفقد وجه الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وذكر في رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات الإنسان، ينقطع عمله إلا من ثلاثة: يعتبر صدقة جارية، أو معرفة مفيدة، أو ابن صالح يدعو له صدقة جارية”، وهذا مذكور في رواية مسلم والترمذي.

• أوصى الله تعالى بقضاء الكفارات عن الوالدين بعد وفاتهما لأن هناك دليل في الحديث الشريف من حديث ابن عباس رضي الله عنهما يؤكد ذلك. قد حدث أن امرأة نذرت أن تصوم شهرا ولكنها لم تتمكن من صيامه حتى توفيت. فجاءت قريبة لها، إما أختها أو ابنتها، إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكرت له تلك القضية. فقال لها: هل كنت تقضين دينا إذا كان عليها دين؟ فأجابته: نعم، فقال لها: فدين الله أحق أن يقضى. هذا متفق عليه.

امثلة على بر الوالدين

ابراهيم عليه السلام

• قام إبراهيم عليه السلام بالتحدث إلى أبيه برحمة ولطف كبيرين، فهو كان يهتم بأبيه ويرغب في هدايته ونجاته. وحرص إبراهيم عليه السلام على أبيه وخوفه عليه من الغواية والهلاك، فكان يتمنى أن يرجع عن عبادة الأصنام. وقد ذكر الله تعالى في سورة مريم قوله: “واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا ينفعك بشيء * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا”، مريم/41 – 45

اسماعيل عليه السلام

• لم يأت في التاريخ ما يضاهي ما فعله إسماعيل عليه السلام عندما أطاع أبيه إبراهيم عليه السلام عندما أمره بأن يذبحه. وقد اجاب إسماعيل عليه السلام أباه بأن يفعل ما يأمر به كما جاء في سورة الصافات الآية 102 “يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك”، فكان رده كما أخبرنا الله تعالى: “يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين” الصافات/102.

حقوق الوالدين على البنت المتزوجة

• فيما يتعلق بحقوق الوالدين على الابنة المتزوجة، هناك اختلاف في آراء الأئمة الأربعة بشأن منع الزوج لزوجته من زيارة والديها. فقد أشار الحنفية والمالكية إلى أن الزوج ليس له الحق في منع زوجته من زيارة والديها وإحسانهم، بينما أشار الشافعية والحنابلة إلى أن الزوج له الحق في منع زوجته من الخروج إلا بإذنه، ولكنه لا يحق له منعها من التحدث إليهم أو منع زيارتهم لها عموما، ما لم يكن هناك خوف من وقوع ضرر.