معلومات عن صلاح الدين الأيوبي
صلاح الدين الأيوبي هو قائد مسلم شجاع وبارع في الحق والدفاع عن الإسلام. عاش في القرن الثاني عشر وتميز بحسن أخلاقه والتزامه بالقيم الإسلامية الراسخة، مما جعله يلتزم بالقضاء الشرعي وقضايا الإسلام. حقق إنجازات عظيمة ووحد سوريا ومصر، واستعاد القدس من الصليبيين، وبالتالي سجل اسمه في سجلات التاريخ الإسلامي.
من هو صلاح الدين الأيوبي ؟
وهو “يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني التكريتي” ويلقب بصلاح الدين أبي المظفر وأيضا بصلاح الدين، ولد عام 1137 م في عائلة كردية بارزة في مدينة تكريت العراقية، والتي كانت تعرف حينها باسم بلاد ما بين النهرين، وفي يوم مولده انتقلت عائلته إلى مدينة حلب السورية، حيث نشأ وترعرع في بعلبك ومدينة دمشق، ومن الجدير بالذكر أن عائلته تشاءمت من ولادة هذا الفتى الجديد، ونشأ في دمشق حيث درس بها الآداب والفقه.
وتميز السلطان صلاح الدين الأيوبي بكونه مؤسس الدولة الأيوبية في مصر وتم ذكره في كتب التاريخ الشرقية والغربية، حيث وصفته تلك الكتب بأنه بطل شجاع وفارس نبيل وأحد أفضل القادة التي عرفتها البشرية، وهو ذو خلق رفيع يشهد له به الأعداء قبل الأصدقاء، وقد كتب العديد عن سيرته كشخصية فذة ومن بين الشخصيات الإسلامية العظيمة، فقد حرر القدس من الصليبيين وكان بطلا في معركة حطين.
أصله ونشأته :
وافق المؤرخون على أن صلاح الدين وأهله من دوين وهي إحدى البلاد التابعة لدولة أذربيجان، ويقول البعض الآخر أنه من الأكراد حيث ينتمي إلى قبيلة الهذبانية، والتي تعد واحدة من أكبر قبائل الأكراد، وقال عنه ابن الأثير أنه من أسرة أشراف الأكراد الذين اختاروا كردستان موطنا لهم، وينسب إليه أن قبيلته ساهمت في تأسيس دولة قوية في الفترة ما بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد.
صلاح الدين عاش في مدينة دمشق التي أحبها بشدة، وتعلم فيها حيث تفوق في دراسته. كان صلاح الدين عالما في الرياضيات والهندسة التقليدية وعلوم الحساب، وكان يتميز في دراسة الشريعة الإسلامية. هناك بعض المصادر التي تشير إلى أن صلاح الدين كان يفضل دراسة علوم الدين والشريعة والفقه الإسلامي أكثر من اهتمامه بالعلوم العسكرية. كان صلاح الدين ملما بتاريخ العرب وعلم الإنسان والسير الذاتية والشعر، فقد حفظ شعر أبي تمام وديوان الحماسة له، وكان يهوى الخيول العربية المطهمة.
بداية حياته العسكرية :
بدأت حياة الناصر صلاح الدين العسكرية بعدما انضم إلى فريق عمه أسد الدين يشركوه، وكان أحد القادة العسكريين البارزين الذين كانوا يعملون تحت إمرة أمير الدين زنكي. وفي هذا الوقت، نشأ صراع قوي ثلاثي بين الملك الأول المقدس وشاور وزير خلافة الدولة الفاطمية ويشركوه. وفي عام 1169، وصل صلاح الدين إلى عمر 31 عاما وتم تعيينه قائدا للقوات السورية في مصر.
نجح صلاح الدين الأيوبي في غزو السواحل الشمالية للقارة الأفريقية، وبعدها تمكن من احتلال اليمن ودمشق، ثم قام بغزو فلسطين وسوريا، وهذه كانت بداية معركة صلاح الدين ضد القوات الصليبية، مما دفع حكام القدس اللاتينيين في البداية للدفاع عن أنفسهم، لكن جهودهم كانت بلا جدوى، وقد غزا صلاح الدين أيضا الموصل وحلب، مما جعله أحد أعظم المحاربين المسلمين.
تأسيس الدولة الأيوبية :
بعدما نجح صلاح الدين الأيوبي في القضاء على الدولة الفاطمية التي استمرت في السيطرة لمدة تقريبا 262 سنة، تمكن صلاح الدين من إنشاء مملكته العظيمة أو دولته الأيوبية التي تمتد من شمال العراق إلى برقة ومصر والشام. يجب أن نذكر أن مصر استمتعت بمكانة عظيمة جدا في عهده، حيث حظي سكان مصر بالرخاء الاقتصادي وعاشوا في آمان تحت حكمه. عمل صلاح الدين بجد لأكثر من عشر سنوات متواصلة للتحضير لمواجهة القوات الصليبية.
حربه مع الصلبيين والقضاء عليهم :
- بعد أن أسس صلاح الدين مملكته العظيمة، بدأ في تجهيز نفسه لغزو الفرنجة وتحرير بيت المقدس من قبضتهم وتحرير البلاد التي كانت تحت سيطرتهم. لكنه كان ينتظر الفرصة المناسبة لمهاجمتهم، ليعطيهم درسا لا يمكن نسيانه بسبب الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها في بيت المقدس والمسجد الأقصى. ومع ذلك، تاحت له الفرصة المناسبة لتحقيق أهدافه، بعد أن هاجم أمير الكرك أرناط سنة 582 هـ قافلة تجارية تابعة لصلاح الدين الأيوبي. كان هناك هدنة بين صلاح الدين وأرهاط للسماح للقوافل الإسلامية بالمرور بأمان بين مصر والشام.
- بعد وقوع الاعتداء، قام صلاح الدين بتجهيز جيشه وجمع الأعداد وتجميع مجاهدين للقضاء على الفرنجة واستعادة بيت المقدس. أعلن صلاح الدين الجهاد في جميع البلدان والأمصار وهزم جيشه في مدينة قريبة من بصرى تعرف بقصر السلامة. استقر في هذه المنطقة حتى مرور الحجاج بسلام، وحينها دعا الحجاج إلى نصرته والانتصار. بعد ذلك، قام صلاح الدين بتنظيم الجموع وتحديد وقت بدء المعركة، والذي وافق اليوم السابع عشر من شهر ربيع الآخر لعام 583هـ بعد أن أدى الجيش الإسلامي صلاة الجمعة.
- ثم خرج صلاح الدين من مدينة دمشق ووصل إلى رأس الماء، وجعل هذا المكان مقرا لاجتماع الجيوش، وابتعد ابنه الملك الأفضل في منطقة رأس الماء، بينما ذهب هو إلى بصرى، وذهب القائد مظفر الدين كوكبري إلى مدينة عكا، ومن ثم ذهب صلاح الدين إلى مدينة الكرك والشوبك وعاد بعدها إلى طبريا، وعندما علمت القوات الصليبية بأن خطة صلاح الدين قد اتسعت ضدهم، قاموا بتجمع قواتهم وتوجهوا نحو مدينة طبريا، وهناك تقابل الفريقان في موقع حطين، وعندما طلعت الشمس وانتشرت أشعتها الحارقة، تمكن المسلمون من هزيمة الصليبيين العطشى، وذلك بسبب احتلالهم مواقع الماء، ثم استطاع صلاح الدين أن يهاجم الفرنجة بشكل قوي وعنيف، وتمكن من تفريق فرسان جيش الصليبيين، وبعد ذلك وقعت معارك شرسة بين الجانبين، حتى تمكن صلاح الدين الأيوبي من تحقيق انتصاره الحاسم وهزيمة الفرنجة بشكل كبير، حيث بلغ عدد قتلى الصليبيين عشرات الآلاف ولم يستطع أحد منهم الهروب أو النجاة.
وفاته :
توفي القائد الأعظم صلاح الدين الأيوبي كأي شخص آخر من البشر والأنبياء والصالحين. يذكر أنه قبل وفاته تعرض للمرض في اليوم السادس عشر من صفر 589 هـ، حيث أصيب بالحمى الصفراوية التي تسببت في عدم قدرته على النوم ليلا. زادت حالته المرضية وازدادت شدتها حتى وافته المنية في اليوم السابع والعشرين من نفس الشهر في مدينة دمشق بسوريا. وعلى الرغم من وفاته، إلا أن روح هذا القائد العظيم لا تزال حية في كل إنجاز قام به، وفي كل أعماله الخالدة والشريفة. وما زال العالم الإسلامي ينتظر حتى الآن قائدا عظيما مثل صلاح الدين.
ما اشتهر به صلاح الدين الأيوبي ؟
صلاح الدين الأيوبي كان يتبع المدرسة السنية وكان من أتباع الطريقة القادرية، فكان مؤمنا صوفيا أشعريا، وكان دائما يستشير الصوفيين الأشعريين في قضاياه المختلفة لكي يحصل على الرأي الصحيح، وكان معروفا بالتسامح وسعة صدره ورحابة قلبه، واشتهر بتعامله الإنساني حتى مع أعدائه، بالإضافة إلى سمعته بشجاعته التي لا تضاهى، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن شجاعته وبسالته خاصة أثناء حصاره لقلعة الكرك، وقتها اكتسب احترام خصومه بمن فيهم الملك ريتشارد الأول ملك إنجلترا والذي كان يلقب بقلب الأسد، وأصبح صلاح الدين الأيوبي واحدا من أهم رموز الشجاعة والفروسية لدى الأوروبيين، حيث تم ذكره في العديد من قصصهم وأشعارهم المتعلقة بهذا العصر.
صلاح الدين الأيوبي لا يزال محترما ومحبوبا من الجميع، سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين.
ابرز اعمال صلاح الدين الايوبي :
- عمل صلاح الدين ووالده وعمه شيركوه معا في خدمة نور الدين زنكي، الحاكم السابق لدمشق والموصل وحلب. شارك صلاح الدين مع عمه في الحملة التي قادها للاستيلاء على مصر. خلال هذه الحملة، برزت مهارات صلاح الدين العسكرية. بعد وفاة عمه، تولى منصب وزارة العاضد ثم قاد الجيش. حصل على لقب الملك الناصر.
- تمكن صلاح الدين من مواجهة الإفرنج الذين هاجموا دمياط، وتمكن من استعادة استقلال مصر واعترف بسيادة نور الدين، وبعد وفاة نور الدين وتدهور الأوضاع في الجزيرة وبلاد الشام، تولى صلاح الدين السيطرة وتحسين الأمور هناك، ومن ثم استولى على بعلبك وحلب وحماة وحمص، ونجح في إصلاح الشؤون الداخلية في مصر والشام.
- أهتم صلاح الدين بمقاومة الهجمات التي يشنها الصليبيون ضد الأراضي الإسلامية، وهاجم قلاعهم وحصونهم في بلاد الشام.
- بدأ بناء قلعة مصر كجزء من حركته المعمارية في مصر، وأنشأ العديد من المدارس فيها.
- تمكن من الفوز على الصلبيين في معركة حطيت، وهي واحدة من أعظم الانتصارات على الفرنجة في فلسطين والساحل الشامي، استعادة السيطرة على يافا وطبرية وعكا وغيرها، وأيضا تمكن من فتح بيت المقدس لبناء المستشفيات والمدارس فيه.
- حكم سوريا لمدة 19 سنة، في حين حكم مصر لمدة 24 سنة.
- قام بتحقيق إنجازات حضارية عظيمة، حيث شيد المساجد والمدارس، وقام ببناء القلاع، ومن أبرز القلاع التي شيدها نجد قلعة الجبل في مدينة القاهرة بمصر.
- تمكن من تطوير دمشق وجعلها مدينة عظيمة.
- كان من أكثر الحكام الدين اهتماما ودعما للعلوم والمعارف، حيث اعتبروها جزءا أصيلا من تقدم حضارة الإسلام.
- ما زال النبي محمد يحظى بتقدير المسيحيين حتى اليوم، حيث أظهر لهم اللطف والتعاطف والتفهم، واحترم عقيدتهم وأتاح لهم حرية الاعتقاد والعبادة، وسمح لهم بممارسة طقوسهم المسيحية في القدس التي تحتضن العديد من المعالم المقدسة للمسيحية.
- نجح خلال فترته في توحيد بلاد المسلمين بعدما كانت منبسطة ومتناحرة. جمع تحت رايته وقيادته اليمن ومصر والحجاز وسوريا، ونجح في تأسيس دولة إسلامية قوية تحيط بمملكة القدس.
المراجع :