شرح سورة نوح والمسائل
سورة نوح والمسائل تشرح بالتفصيل، إن سورة نوح هي إحدى السور القرآنية العظيمة التي تحمل عبرة وعظة لنا. وفي هذا اليوم، سنناقش سورة نوح من خلال كتاب مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية، وكتاب بغية السائل من أوابد المسائل الذي يناقش مسائل العقيدة من خلال سورة نوح.
سورة نوح والمسائل
سورة نوح هي واحدة من السور القرآنية العظيمة التي تم تحليلها وتفسيرها من قبل المفسرين على مر العصور، وإذا نظرنا إلى حياة نوح عليه السلام سنجد أنها مليئة بعلامات الصبر والتسامح والرضا، فدعوة نوح استمرت لما يقارب ألف عام في قومه.
فقال تعالي: “بسم الله الرحمن الرحيم”
وقد أرسلنا نوحا إلى قومه وبقي معهم ألف سنة إلا خمسين عاما (العنكبوت: 14)
وتشير سورة نوح إلى جهود النبي الكريم في دعوة قومه لعبادة الله، حيث يقول تعالى في سورة نوح:
قال ربي إنني دعوت قومي ليلا ونهارا * ولكن دعائي لم يزدهم إلا هروبا * وكلما دعوتهم لتغفر لهم، وضعوا أصابعهم في آذانهم واستتراوا بثيابهم وأصروا وتكبروا بكبر * ثم دعوتهم علنا * ثم أعلنت لهم وأخفيت لهم أسرار * فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا” (سورة نوح، الآيات 5:10)
توضح الآيات بوضوح استكبار قوم نوح ورفضهم لدعوته وعنادهم الشديد، حتى عندما استخدم نوح أسلوب التحبيب ووعدهم بالخير الكثير إذا أسلموا
يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطواراألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا * والله أنبتكم من الأرض نباتا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا والله جعل لكم الأرض بساطا* لتسلكوا منها سبلا فجاجا”
ولم يكن هذا الأسلوب مجديا معهم، فاستهزأوا به ووضعوا أصابعهم في آذانهم لكي لا يستمعوا إليه، وفي النهاية دعا النبي الكريم لعنهم أن يأخذهم الله جميعا، ولا يترك منهم أحد حتى لا ينجبوا ذرية كافرة
فيقول تعالي “بسم الله الرحمن الرحيم” :
نوح قال: يا رب، لا تدع على الأرض أي ديار للكافرين، فإن تدعهم سيضلون عبادك ولا ينجبون إلا فجورا وكفرا، رب اغفر لي ولوالدي ولمن يدخل بيتي مؤمنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، ولا تزد الظالمين إلا تبارا
سورة نوح في مجموعة الرسائل والمسائل
سورة نوح وردت في العديد من كتب التفسير، منها كتاب “مجموعة الرسائل والمسائل” للعالم تقي الدين أبي العباس أحمد الحراني أو ابن تيمية. تم تقسيم الكتاب إلى خمسة أجزاء في مجلدين مختلفين.
وإليك أهم أجزاء الكتاب:
- الجزء الأول يحتوي على مواضيع ذات أهمية عالية، مثل الشفاعة الشرعية، والفتاوى الفقهية والأخلاقية والتصوفية وغيرها من المواضيع.
- الجزء الثاني يتحدث عن أحكام السفر والإقامة.
- الجزء الثالث ويناقش مذهب السلف في تحقيق كلام الله.
- في الجزء الرابع، سأقوم بتوضيح الحقيقة وراء مذهب الاتحاديين، وما ورد في القرآن والسنة حول عرش الرحمن.
- الجزء الخامس يتحدث عن المعجزات والفرق بين العبادات الشرعية والابتداعات، بالإضافة إلى قضية الغيبة.
وجاءت سورة نوح في كتاب المسائل للتعبير عن أن جميع الرسل جاءوا إلى قومهم برسالة واحدة، وهي توحيد عبادة الله الواحد الأحد، كما قال تعالى:
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه لكي ينذر قومه قبل أن يأتيهم عذاب شديد. قال يا قوم إني لكم نذير بين. اعبدوا الله واتقوه وأطيعون. يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى. إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون
إذا كانت الدعوة موحدة لقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وغيرهم من الأنبياء والرسل، فكل نبي قد قدم الحق والدعوة الصحيحة لقومه.
وذكر في المجلد الثاني من كتاب المسائل لابن تيمية أن النبي نوح -عليه السلام- دعا قومه علانية وسرا، ولكنهم تجاهلوا دعوته الحقة وأغفلوها، ورفضوا دعوته لأنها كانت دعوة حق والقرآن جاء ليميز بين الحق والباطل.
سورة نوح في بغية السائل من أوابد المسائل
هذا الكتاب لوليد المهدي يناقش سورة نوح في المسائل المتعلقة بأصول العقيدة الصحيحة في الإسلام، بدءا من التكليف والدعوة إلى الله تعالى إلى العقاب الذي أنزله الله على قوم نوح في الآيات، والعقاب الذي ينتظرهم في الآخرة.
في الكتاب ورد كيف أمر الله النبي نوح بأن ينذر قومه ويحذرهم، وأن يستمر في الدعوة ليلا ونهارا، وتحدث الكتاب عن تمادي قوم نوح في السخرية منه، حتى دعا عليهم.
يشرح الكتاب أيضا عقاب الكافرين بأن الله عز وجل أغرقهم بالطوفان كعقاب لكفرهم، بعدما دعا نوح عليه السلام أن يذهب بهم الله عز وجل، وسيغفر له ولوالديه ولكل المؤمنين والمؤمنات.
تتميز سورة نوح عن غيرها بأنها تروي قصة النبي نوح من البداية إلى النهاية فقط، وتتميز أيضا بذكر عدد السنوات التي قضاها نوح في دعوة قومه، وهذا الأمر لم يحدث من قبل لأي نبي آخر، وتعلمنا من آياتها معاناة النبي في دعوته لقومه إلى الحق.