الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

خطبة عن حال الناس مع الدنيا

خطبة حول حال الناس مع الحياة الدنيا، فالحياة، أيها الأذكياء، تحتاج إلى التدبر والذكاء من المؤمن الحقيقي الذي يفهم الأمور ويعرف ما هو خيرها وشرها، فالدنيا لا تدوم لأحد ولا تنتهي إلا بعلم الله، ونحن بحاجة ماسة اليوم إلى النصح والتوجيه في شؤون الحياة الدنيوية، من خلال خطب تأتي من المنابر الجامعية لتهيئتنا للعيش بتوازن في الدنيا دون التمسك بها، ودون تركها تندثر بين يدينا عبثا، تقدم لكم هذه الموسوعة هذه الخطبة التي توجهكم نحو طريق النجاة من هذه الحياة، تابعونا.

  خطبة عن حال الناس مع الدنيا

بسم الله والصلاة والسلام على أفضل المرسلين سيدنا محمد النور والهدى، نحمد الله ونستعينه فهو الخالق فوق عبادته لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب الكون العظيم، يا أيها المؤمنون اتقوا الله حق تقاته ولا تموتوا إلا وأنتم مسلمون، نعيش الدنيا بما فيها من أحوال ضيقة وفرجها مفرحة ومحزنة، ولقد خلقنا الله في هذه الدنيا من أجل تحقيق النجاح والصلاح وأن نعيش عادلين يحفنا العطف والتسامح والخير، واعلموا أنها ليست بالدار الآخرة وإنما هي دار سعي وتعب وليست بدار النعيم والفرح والترف، فقد قال ابن عمر رضي الله عنه ” إن هذه الدنيا دار اختلاف لا دار استقرار ، ومنزل تعب لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح بالنعمة ، ولم يحزن بالبلاء ، قد جعلها الله دار ابتلاء ، وجعل الآخرة دار العاقبة ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلاء الدنيا تعويضا فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لو كانت الدنيا تعادل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ” رواه الترمذي.

فنجد يا أخي المسلم وأختي المسلمة هناك من يتمسك بالحياة كأنه سيعيش فيها إلى الأبد ويكافح من أجل البقاء في هذا العالم الفاني الذي لا يقدم لأحد أي فضل ولا يمنح قوة ولا ثبات إلا من يقرر الله أن يحصل عليها. لذلك، يجب على كل مسلم أن يدرك أن الله خلقنا في هذا العالم لاجتهادنا وتعبنا وتحملنا للمحن، وليس لكي نتمتع بحياة مريحة وسعيدة. دعونا ننظر إلى الأنبياء الأتقياء الذين على الرغم من تقواهم وحب الله لهم، لم يعيشوا حياة مريحة وجميلة. فقد أصاب النبي داود المرض وحرمانه من أبنائه والمكانة، وتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشد أنواع التعذيب، وابتلي النبي يونس بأن تبلعه البحر. لذا، يجب أن نتعظ، أيها الأذكياء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون كل ما فيها، إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالما ومتعلما”. لذا، لا يجب أن نخاف الفقر والحاجة وأقول لمن يخشاها: مماذا تخاف؟ إن رب الكنوز موجود ولا تنفد خزائنه ولا تضيع. ومماذا تخاف من المصير؟ الله فوق العباد، صاحب الحكمة، يعلم ما يحتاج العباد ولا يتركهم في حاجة وخوف. كل شيء بحكمته العليا. إنه خالق الكون وصانع الأشياء. لا نعرف ما في ذهنه ولكنه يعلم ما في نفوسنا، صاحب العلم والرحمة. لذا، لا يجب علينا أن نخاف الفقر ونجري وراء المال بلا توقف، بل يجب علينا العمل والسعي. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “والله ليس بالفقر ما أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على الأمم السابقة، فتنافسوها كما تنافسوها فتدمروا كما دمرتهم”. أي أننا لا نخاف الفقر، بل يجب علينا أن نخشى الثراء الفاحش.

وعلى الجانب الآخر أخوتي في الإيمان نجد من يترك الدنيا ولا يعمل ولا يكد وهو يقول على الله، لا يا أخي فأنت مخطئ الله فوق وأنت العبد تحت، عليك أن تسعى وتكد وتتعب لكي تحقق أمالك و اكتفاء بما يرضي الله، و قد جاء في سورة البلد في الاية4 ” لقد خلقنا الإنسان في كبد” أي لكي يواجه الحياة والضيق والشدة التي بها، فالحياة سعي وكسب حلال ورزق فلا تترك الحياة وتخلد للنوم والتهاون في طلب الرزق، وجاء في سورة الزمر” أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ۗ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ۗ إنما يتذكر أولو الألباب” أي أن الله لا يجازى من يعمل ولا يعمل على حد سواء بل يجزي من يعمل الخير والسعادة والرزق في الدنيا والآخرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان” ، أي أن طلب الرزق والسعي والعمل في الدنيا يجعل الإنسان يحسن فيها.

يجب علينا أيها الأذكياء ألا نتعلق بالحياة وألا نمقتها، وأن نكون من العباد الذين يستغنون عن الحياة ولكن نحرص على تأمين احتياجاتنا الأساسية بأنفسنا ولا نعتمد على الآخرين، من خلال العمل والبحث عن المساعدة من الآخرين، فالدنيا مجرد عمل وجهد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى