الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

معنى الظلة والرجفة والصيحة

ثلاثة ألوان من العذاب هم الظلة والرجفة والصيحة، وتم ذكرها في القرآن الكريم، وغالبا ما يتسبب الخلط بينها وعدم معرفة الفرق بينها، وهذا يعود لأننا ندرك تماما أنها لا يمكن أن تكون لها نفس المعنى، حيث أن القرآن الكريم يتجنب ذلك، فإن الله لم يستخدم أي كلمة إلا وهو يقصد بها معنى محدد وواضح. لذا، دعونا نتعرف الآن على الفرق بين أنواع العذاب الثلاثة والقصص التي ذكرت فيها هذه المصطلحات.

جدول المحتويات

الظلة والرجفة والصيحة

تمثل هذه المصطلحات الثلاثة أشكالا مختلفة ومتنوعة من العقاب الذي أرسله الله على الكافرين الذين كذبوا بالرسل ولم يؤمنوا برسالاتهم، وسنذكر لكم في السطور التالية معنى كل مصطلح على حدة، حيث:

أولاً: الرجفة والصيحة والصاعقة في هلاك ثمود

من بين أنواع العذاب التي ذكرها الله تعالى في قوم سيدنا صالح، وهم قوم ثمود، الذين طلبوا من نبي الله صالح أن يمنحهم دليل على نبوته، فخرج لهم ناقة من الجبل، وفعلا توجه سيدنا صالح إلى الله سبحانه وطلب منه أن يخرج لقومه ناقة، ليعلموا بها الهدى ويتوبوا عن الكفر، فحدثت المعجزة وخرجت الناقة، ولكنهم سرعان ما خالفوا أوامر الحق سبحانه وعقروا الناقة، فعاقبهم الله تعالى.

وفي عذاب قوم ثمود، ذكر ثلاثة مصطلحات. فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف “فعقروا الناقة وتجاوزوا أمر ربهم وقالوا: يا صالح، أتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين”. فأصابهم الرجفة وأصبحوا مستلقين في منازلهم

وفي سورة هود قال تعالى “فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز، وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين”

وفيما يتعلق بسورة الذاريات، قال المولى: “وفي قوم ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين، فعتوا عن أمر ربهم، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون”.

ومن هذا نستنتج أن الله ذكر عن عذاب قوم سيدنا صالح ثلاثة أمور، وهي الصيحة، والرجفة، والصاعقة، مما جعل العديد من الأشخاص يتساءلون عن الفرق بين هذه الأمور الثلاثة.

لكن بلاغة القرآن جعلت العلماء يدركون أن تلك المصطلحات ليست إلا تعبيرات مختلفة عن أصل واحد، وهو الصوت العنيف. فعندما أصابت الصيحة قوم ثمود، كانت تشبه صاعقة بصوت عال وتحترق النار، وكانت شدتها تجعل الأرض ترتجف تحت أقدامهم. وعبر الله تعالى في كتابه العزيز عن عقوبتهم بهذه المصطلحات الثلاثة، وهي عقوبة واحدة تشمل كل الأمور المذكورة سابقا.

كما ذكرت هذه المصطلحات في قصة هلاك قوم سيدنا شعيب أيضا، حيث:

ثانياً: الرجفة والصيحة والظلة في قصة أهل مدين

الظلة هي نوع من أنواع العذاب المذكور في القرآن الكريم، والذي تسبب في هلاك أهل مدين. فقد ذكر الله تعالى في سورة الشعراء “فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة، إنه كان عذابا يوما عظيما”.

فأرسل الله سبحانه وتعالى نبينا شعيب إلى أهل مدين، بسبب انحرافهم عن دينهم وانغماسهم في الدنيا، حيث بدأوا يفضلون المكاسب المادية على الحياة الآخرة. جاء نبي الله شعيب إليهم ليحذرهم من أفعالهم ويبلغهم رسالة الله لهم. ولكن ملكهم قرر أن يطرد شعيب والذين آمنوا معه من المدينة. تسخر أيضا من صلاته وإيمانه بالله تعالى. عاقبهم الله بحرارة شديدة استمرت لمدة تسعة أيام، حيث ارتفعت درجة حرارة الماء بشكل كبير جدا لدرجة أنهم لم يتمكنوا من شربه. ظهرت لهم سحابة سوداء كمكان للظل، وعندما تجمعوا تحتها، أرسل الله نارا مشتعلة أحرقتهم جميعا، ولم يبق منهم سوى رماد. ولكن الله أنقذ شعيب والمؤمنين معه.

لم يقتصر ذكر هلاك قوم سيدنا شعيب على الظلة وحدها، فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف: “وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون، فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين”. وأيضا ذكر في سورة هود قوله تعالى: “ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين”

ويشرح ذكر هلاك قوم سيدنا شعيب في مرتين، بالظلة ومرة بالصيحة. الأولى لأهل مدين، والثانية لأصحاب الأيكة. ولكن يرى ابن كثير أنه بعث مرة واحدة فقط. وأنه لا يوجد تناقض بين الآيات. ولكن قوم شعيب، سواء كانوا أهل مدين أو أصحاب الأيكة، تعرضوا لكل أنواع العذاب. جاءتهم الصيحة التي ألهبت حركتهم وهزت الأرض تحت أقدامهم. ثم جاءت الظلة التي أحرقتهم. وذكر الله تعالى ذلك بالطريقة المناسبة في الآيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى