كيف يكون فن الاعتذار
فن الاعتذار هو ثقافة الاعتذار التي تعبر عنها بكلمات قليلة، فلا يعتبر أي شخص معصوما من الخطأ بعد الرسل والأنبياء، فن الاعتذار هو فضيلة تتمتع بها كل شخص نفسيا سليما، وهو فن من فنون التعامل الاجتماعي يمكن اكتسابه وتنميته والعمل على تحسين أسلوب الاعتذار والأفكار المتعلقة به بغض النظر عن العمر، للأسف يعتقد البعض أن الاعتذار يقلل من قيمتهم وأنه لا يقول “أنا أسف” إلا الضعيف، على الرغم من أن الحقيقة تعارض هذا الاعتقاد تماما، فن الاعتذار يتميز بأسلوبه وتأثيراته على حياة الفرد، وقوة فن الاعتذار في تغيير حياتك، كل ما تحتاج إلى معرفته عن فن الاعتذار ستجده هنا في الموسوعة.
ثقافة الاعتذار
الاعتذار هو ثقافة، وهناك مصادر مختلفة للثقافة، بما في ذلك الأسرة والتنشئة، والبيئة المحيطة بالفرد، وعادات وتقاليد المجتمع، والموروثات والأفكار المذهبية، وتثقيف الفرد نفسه وتوسعة آفاقه، وللأسف، في الوطن العربي هناك انحراف واضح في فهم فن الاعتذار لدى معظم الناس، حيث يعتقد العديد من الآباء أن تقديم الاعتذار للأبناء يقلل من همهم، عندما يمكن أن يكون تقديم الاعتذار لابنك عندما تخطئ هو فرصة للقرب منه وإعطاء مثال جيد، ورفع مستوى تقديره لديه، بالمثل، يعتقد الأشخاص الذين يشغلون مناصب السلطة أو النفوذ، سواء كانوا مدرسين أو مديرين، أنه غير مناسب لشخصيتهم النفوذية أن يحترفوا فن الاعتذار، وأنه يقتصر على الضعفاء الذين يجبرون على الاعتذار، وهذه الثقافة تؤدي إلى تكوين العنجهية والكراهية وتوليد العنف في التعامل، والتكبر.
أساليب فن الاعتذار
فن الاعتذار، له أساليبه التي يمكنك تدريب نفسك عليها، حتى تصل إلى أفضل نتيجة في الاعتذار، بعدة خطوات نذكرها بالتفصيل:
- قبل أن تعتذر، يجب أن تكون مقتنعا تماما بسبب اعتذارك، وأن تكون صادقا في اعتذارك، وفاهما أين أخطأت، لأن الاعتذار الغير صادق ليس له قيمة.
- استعدادك الكامل لتحمل مسؤولية وعواقب الخطأ.
- التعبير بشكل مباشر عن الأسف، وقول “أعتذر لك، أخطأت وأنا آسف.
- شرح الخطأ الذي تعتذر عنه، للتأكد من فهم الشخص المستقبل لاعتذارك.
- الاستعداد لتحمل المسؤولية أو إصلاح الخطأ مباشرة.
- تأكدي من عدم تكرار الخطأ.
يمكن أيضا أن يكون فن الاعتذار لفظيا أو كتابيا، حسب الحالة والشخص / الجماعة التي يتم تقديم الاعتذار لها.
الاعتذار في الاسلام
الاعتذار فرصة رائعة للتواصل والتقرب بينك وبين شريكك في الحياة أو في العمل، وهو الوقت المثالي لفحص علاقتكما وإعادة تعزيز الود والاحترام بينكما، ولإزالة أي كراهية أو شك أو خلاف قبل أن تنمو، وبادرة الاعتذار تعطيك ثقة في حياة الآخر وتشجعه على اتخاذ نفس البادرة وتقديم الاعتذار إذا أخطأ.
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان أفضل قدوة للمسلمين وللبشرية جمعاء في تقديم الاعتذار، وعلى الرغم من أنه كان معصوما من الأخطاء، إلا أنه كان يعتذر إذا شعر بأنه قد أساء التقدير أو أغضب إحدى زوجاته بفعل أو كلمة خاطئة، حتى إن كان السبب سوء فهم من الآخرين. في الواقع، كان الرسول صلى الله عليه وسلم مثالا حيا لفن الاعتذار، ومن بين مواقفه الرائعة نذكر الموقف التالي الذي يظهر أخلاقه العالية
- في يوم غزوة أحد، وقف الرسول في وسط الجيش وقال لهم “استووا… استقيموا”. وكان سواد بن عزية واقفا ولم يستو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “استو يا سواد”. فأجاب سواد “نعم يا رسول الله” ووقف متزنا ولكنه لم يستو. فأتى الرسول إليه بسواكه ونغزه في بطنه وكرر “استو يا سواد”. فقال سواد “أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق، فأقدني”. فقد كان يجهل معنى “استو”، فكشف الرسول بطنه وقال له “اقتص يا سواد”. ولكن “سواد” قبل بطن الرسول وقال له إن مت ليكون آخر ما مس جلدي جلدك الشريف. فدعا الرسول الله له بالخير.
من الواضح من الموقف أنه عندما شعر رسول الله بأنه تعرض للظلم، طلب من الشخص الآخر أن يسامحه فورا وأن يأخذ حقه منه وينتقم لما تعرض له من ظلم، وكان رد فعله رائعا مثل هذا الفعل، فأصبحت علاقتهما أقوى وأجمل مما كانت لو حدث تكبر أو رفض الاعتراف بالخطأ من قبل الرسول.
فن الاعتذار بين الزوجين
فن الاعتذار يتقنه الأشخاص ذوو النفوس العليا، ويقدمه الأشخاص ذوو العقول الواسعة، لا توجد حدود بين الزوجين، ولا ينبغي أن نعتبر الاعتذار ضعفا، فتلك الأفكار تضع حواجز وتفسد العلاقة بين الأزواج، المبادرة في تقديم الاعتذار تمنحك الأفضلية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم من يتقدم بالسلام”، ويقول صلى الله عليه وسلم “لا يجوز لمسلم أن يترك أخاه لأكثر من ثلاث ليال.
ومن أفضل وسائل الاعتذار للزوجة/ الزوج:
- كتابة بطاقة اعتذار.
- الهدايا ولو بسيطة مع كلمة “أنا أسف”.
- إعداد الطعام المفضل، تشغيل الأضواء الهادئة، وبدء عملية التصالح.
- استخدام أسلوب فن الاعتذار كما شرحنا سابقا.
تعبير عن الاعتذار
هناك كلمات وأشعار مشهورة حول فن الاعتذار، يمكنك الاستعانة ببعضها لتقديم اعتذارك لشخص ما، مثل قصيدة “أسف” للشاعر حمد المري حيث يقول في بدايتها:
أسف على اللي راح وأسف على الجاي
أسف على ما صار مني وسويت
أرجوك سامحني على كثرة أخطائي
اغفر زلتي يوم زليت
وارجع تراني راجع لك من أقصاي
هناك أيضا “قصيدة الاعتذار” للشاعر العبقري نزار القباني، لأولئك الذين يفضلون الشعر الفصيح، ويقول فيها:
أقدم اعتذاري
لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار
عن الكتابات التي كتبتها
عن الحماقات التي ارتكبتها
عن كل ما أحدثته
في جسمك النقي من دمار
وكل ما آثرته حولي من غبار
أقدم اعتذاري
قيل منذ زمن بعيد أن الاعتذار هو سمة الكبار، وهو حقا فن لا يتقنه إلا الكبار بالروح والعقل والقلب، لذا لا حاجة للتكبر على الاعتذار، ولا تنتظر أن يسبقك الآخر، فن الاعتذار ينتمي إلى الأشخاص ذوي النفوس القوية، وبسبب أهمية الاعتذار في حياتنا، تم التوافق على إقامة يوم عالمي للإعتذار، حيث يقدم الجميع اعتذاراتهم سواء للجماعات أو الأفراد، عن أخطائهم، وقد تم إطلاق يوم الاعتذار العالمي في أستراليا وتحديد تاريخه في 26 مايو من كل عام.