الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

متى تم تحويل القبلة

متى تم تغيير اتجاه القبلة؟ هذا السؤال يتردد كثيرا في أذهان المسلمين، وسنجيبكم عنه في المقال التالي في موسوعة. في البداية، كانت القبلة الأولى للمسلمين هي المسجد الأقصى، وتعني القبلة التوجه والجهة. وفي الاصطلاح، تعني القبلة الاتجاه الذي يتجه إليه المسلمون في صلواتهم. ثم جاء أمر الله بتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم، عندما يتجه في صلاته إلى المسجد الأقصى وبيت المقدس، يتمنى لو أن الله تعالى قد حول القبلة إلى الكعبة المشرفة، والسبب في ذلك يرجع إلى محبته لأبيه ونبي الله إبراهيم عليه السلام، حيث إنه هو من بنى الكعبة المشرفة ورفع أسسها بيديه الشريفتين، والنبي الحبيب هو من ذرية نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو من يحيي سنته ويتبعه في التوحيد.

متى تم تحويل القبلة

كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء ويحث بصره، وكأنه يتمنى وينتظر أن يأتيه الأمر من الله سبحانه وتعالى ليستجيب لدعائه. وقد أراد الله تبارك وتعالى أن يستجيب لرغبة نبيه وحبيبه، فقام بتغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة. وفي سورة البقرة الآية 144، قال الله تعالى: “قد نرى تقلب وجهك في السماء، فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره، وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم”.

رغبة النبي في تحويل القبلة

وهذا يترتب عليه سرور النبي الكريم، وقد أكد الله جل وعلا أنه لا يضيع أجر من يقوم بالأعمال الصالحة ومن يعبد الله بحقه، وهذا ما أورده القرآن الكريم، حيث يقول الله في سورة الكهف الآية 30 (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).

الأمر بتحويل القبلة

  • وقد ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي باتجاه المسجد الأقصى في المدينة المنورة لمدة ستة عشر شهرا، حتى جاء الأمر بتغيير القبلة إلى الكعبة المشرفة. وكان يصلي في البيت الحرام مع وجود الكعبة بينه وبين المسجد الأقصى في بيت المقدس. وبعد ذلك، عندما جاء إذن الله بتغيير اتجاه الصلاة، كان يصلي نحو بيت المقدس في المدينة المنورة.
  • ورد أن الحبيب المصطفى كان خارجا لزيارة أم بشير بن البراء بن معرور، وعندما حان وقت صلاة الظهر، قام صلى الله عليه وسلم بإمامة الناس في مسجد بني سلمة وصلى بالناس في اتجاه الشام، وعندما وصل إلى الركعة الثانية، جاءه الأمر بتغيير اتجاه القبلة. فقام صلى الله عليه وسلم بتوجيه صلاته نحو الكعبة المشرفة، وتحول معه أصحابه إلى الكعبة المشرفة.
  • تم اطلاق اسم مسجد القبلتين على هذا المسجد لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم صلى فيه بين القبلتين، وفي ذلك الوقت كان هناك بعض صحابة النبي في قباء ولم يصلهم خبر تحول القبلة حتى جاء صباح اليوم التالي، ومنذ أن بدأوا في صلاتهم، جاء رجل ونادى لهم قائلا (إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نزل عليه الليلة قرآنا وأمر بأن يصلوا باتجاه الكعبة، فصلوا باتجاه الكعبة) وكان وجوههم متجهة نحو الشام، فتحولوا للصلاة باتجاه الكعبة.

ما الحكمة من تحويل القبلة

لا شك أن كل شيء في هذا الكون قد تم إنشاؤه من قبل الله تعالى وتنفيذه لأغراض حكيمة، بعضها معروف لنا وبعضها مخفي عنا، ولكن يجب أن نؤمن ونستسلم. ومن بين تلك الأمور هو تغيير اتجاه القبلة للمسلمين من المسجد الأقصى في القدس إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وهناك بعض الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع التي سنذكرها فيما يلي:

الابتلاء لجميع الخلق

  • سواء كانوا مسلمين أو مشركين، يهودا أو منافقين، فإن المسلم الحقيقي قد أطاع على الفور أمر الله ولم يتردد أو يتأخر في تنفيذ هذا الأمر بتغيير اتجاه صلاته نحو الكعبة، بينما اليهود قد كرهوا هذا الأمر وادعوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم خالف جميع الأنبياء السابقين الذين كانت قبلتهم توجه نحو المسجد الأقصى، وأنه إذا كان نبيا فلما خالف غيره من الأنبياء.
  • في حين ابتهج المشركون وفرحوا ظنا منهم أنهم سيعودون إلى دينهم بعد أن عاد الرسول إلى قبلتهم، قام المنافقون بادعاء أن الرسول مشتت ولا يعرف ماذا يفعل ولا يعلم، وإذا كان على حق في تغيير القبلة، فإنه كان على خطأ في السابق. وإذا كانت القبلة الأولى هي الصحيحة، فإن تغييرها باطل. إن ذلك كان اختبارا من الله للبشر وتمحيصا لهم.

تمييز المسلمين وتأكيد النبوة

  • لكي يميز الناس عمن سواهم ممن يتوجهون بقبلتهم إلى المسجد الأقصى فهم الوحيدون من بين كافة الديانات التي تتوجه في صلاتها إلى الكعبة المشرفة، ولكي يؤكدوا نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن ما يتلوه من آيات الذكر الحكيم وحي من عند الله، حيث أخبر الله تعالى النبي الكريم قبل تحويل القبلة بما سيخبر به اليهود عند تغييرها وإثارة الشكوك حوله.
  • وقد حدث فعلا ما أخبر به الله سبحانه نبيه من قول، ومن الفوائد التي تنجم عن ذلك تهيئة الأوضاع للنبي وأصحابه الكرام لما سيتعرضون لهم من مشاكل قبل حدوثها لكي يتمكنوا من إيجاد حل لها.

تصويب المفاهيم وسرعة تلبية الأمر

  • من الحكم وراء تحويل القبلة تصحيح المفاهيم عند المسلمين. والمقصود من ذلك أن العرب في فترة الجاهلية كانت الكعبة المشرفة هي الوجهة الخاصة بهم في العبادة، ولم يكن ذلك لعقيدة حقيقية نابعة من داخلهم، بل تمجيدا للقومية والعنصرية. وبالتالي، جاء الإسلام لينزع من المسلمين أي تحيز لإحدى فئات العرب أو عادة من عاداتهم. فقام بتوجيههم نحو المسجد الأقصى ليحصحص كافة المفاهيم التي يمجدونها غير العقيدة والدين.
  • بعد ذلك، وبعد توحيدهم للمفاهيم وتنقية النفوس، ربط الله جل وعلا بينهم وقبلتهم إلى الكعبة المشرفة، ولكن في ذلك الوقت ربطهم برباط العقيدة والميثاق بين الأنبياء إبراهيم وإسماعيل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
  • يجب على المسلمين الاستجابة الفورية والامتثال لأوامر الله، والثقة في نبيهم. عندما وصل الأمر إلى الرسول بتغيير اتجاه القبلة أثناء الصلاة، حولها في الركعة الثانية وقامت الصحابة بتحويلها أثناء ركوعهم دون أدنى شك.

تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة، كما سعد قلب النبي الحبيب المصطفى، أسعدت قلوب المسلمين في مكة المكرمة. وقد جمعت بين جميع المسلمين، بغض النظر عن اختلاف أماكنهم وجنسياتهم وألوانهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى