بحث عن الانضباط الذاتي والعوامل المؤثرة فيه

لا يمكن تحقيق أي نجاح شخصي أو إنجاز أو هدف من دون تحقيق الانضباط الذاتي، إنه السمة الأهم والمطلوبة لتحقيق أي نوع من التميز الشخصي أو التفوق الرياضي أو البراعة في الفنون أو الأداء المتميز وما إلى ذلك.

نبذة عن الانضباط النفسي

• التحكم في الدوافع والعواطف والرغبات والسلوك هو القدرة على رفض أساليب التمتع الأخرى التي قد تحيل الإنسان عن هدفه، وذلك لكسب السعادة التي تحدث على المدى البعيد من خلال تحقيق أهداف أعلى وأكثر أهمية.
• الانضباط الذاتي يعني القدرة على اتخاذ قرارات واتخاذ إجراءات وتنفيذ خطة العمل دون الالتفات إلى العقبات أو المشاكل التي تواجهها.
• بالتأكيد، الانضباط النفسي لا يعني حياة مقيدة، ولا يعني أيضا التخلي عن كل ما تستمتع به، أو التخلي عن المتعة والاسترخاء.
• الذكاء يعني تعلم كيفية تركيز عقلك وطاقتك على أهدافك والثبات حتى تحقيقها، كما يعني تنمية القدرة العقلية على التحكم في اختياراتك المقصودة بدلا من مشاعرك أو عاداتك السيئة، أو التأثير على الآخرين.
• الانضباط الذاتي يسمح لك بتحقيق أهدافك في إطار زمني معقول، والعيش حياة منظمة ومرضية أكثر.

• تماما كما يستغرق بناء العضلات بعض الوقت، فإنه يستغرق بعض الوقت لتطوير الانضباط الذاتي
• كلما تدربت أكثر أصبحت أقوى، عند ممارسة التمارين الرياضية إذا حاولت القيام بالكثير في وقت واحد؛ فقد تتعرض للإصابة وتواجه صعوبات؛ وبالمثل، قم بخطوة واحدة في كل فترة؛ لبناء الانضباط الذاتي؛ لذا ابدأ باتخاذ قرار التقدم وتعلم ما يلزم لتحقيق هدفك
• اكتشف ما يحفزك وما هي العوامل السلبية
• يمكنك أن تبدأ بتعلم الأمور بنفسك؛ في بعض الأحيان يكون من الصعب جدا مواجهة الدوافع والرغبات القوية، لذلك تعرف على المناطق التي تكون فيها مقاومتك منخفضة وكيفية تجنب تلك الوضعيات
• فعلى سبيل المثال: إذا كنت تعرف أنك لا تستطيع مقاومة الكعك أو البطاطس المقلية أو أي إغراء آخر، فابتعد عنها ولا تضعها أمامك لتغريتك في لحظات الضعف
• إذا كنت تعلم أيضا أن ممارسة الضغط على نفسك لا يفيدك؛ فقم بتهيئة بيئة تشجع على تطوير الانضباط الذاتي بدلا من التدمير
• أزل الإغراءات وأحط نفسك بمواد مهدئة، ومشجعة، ومحفزة، مثل: تحفيز الشعارات، والصور لما تريد تحقيقه.
•  يمكن أن ترتفع وتنخفض قوة إرادتك مع مستويات طاقتك، لذا قم بقراءة القرآن والتنقل والضحك والاستمتاع بنفسك لتعزيزها.
• عود نفسك على الاستمتاع بما تقوم به؛ فذلك سيجعل من الأسهل تطبيق السلوكيات المرغوبة والتكيف مع روتينك، وهذا هو الانضباط الذاتي بالفعل.
• عليك أن تحدد ما هو مهم بالنسبة لك والأهداف التي تسعى لتحقيقها.
• يجب أن تنشئ روتينا يوميا يساعدك في تحقيق أهدافك، على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في تناول طعام صحي أو فقدان الوزن، يجب عليك تناول حصص من الفواكه والخضروات يوميا وممارسة التمارين لمدة نصف ساعة على الأقل وجعلها جزءا من روتينك اليومي وانضباطك الشخصي.

طُرق أخرى لتنمية الانضباط الذاتي

• تخلص من بعض العادات السيئة التي قد تضع عقلك في إطار سلبي وتعرقل انضباطك الذاتي.
• حاول أن تقوم بما تعتبره صوابا، حتى لو لم تكن مستعدا لذلك. على سبيل المثال، قلل من مشاهدة التلفزيون، واصمد أمام رغبتك في الصراخ على شخص أغضبك، وقبل أن تتصرف، توقف وفكر، وفكر في العواقب عندما تتحكم في نفسك. هذا سيساعدك في تطوير عادة السيطرة على أهدافك.
• عليك أن تشارك في ممارسة الرياضة أو الأنشطة؛ فالرياضة هي وسيلة ممتازة لتعزيز الانضباط الذاتي، فالرياضة تقوم بتدريبك على تحديد الأهداف، وتركيز طاقاتك العقلية، وأن تقوم بممارسة التمارين الرياضية، وأن تصبح لائقا بدنيا، كما تنمي التوافق مع الآخرين.
• يوفر المشاركة في الرياضة فرصة لتعلم العمل الجاد والسعي لبذل أقصى جهد، وهذا بدوره يعلمك كيفية دمج عمليات التفكير والتخصصات في حياتك اليومية.
• قد يكون تعلم العزف على آلة موسيقية طريقة رائعة أخرى لممارسة الانضباط الذاتي، من خلال الانتباه والتكرار أثناء التعلم.
• تحقيق الانضباط الذاتي في أي مجال من مجالات حياتك يعيد برمجة عقلك لاختيار الصواب، وليس السهل.
• احصل على الإلهام من أحبابك؛ فعلى سبيل المثال: أكد مايكل جوردان دائما أن عظمته كلاعب كرة سلة جاءت من رغبته القوية في العمل بجد في مهنته، وكذلك من خلال موهبته، وكانت رغبته وانضباطه وتركيزه هما ما جعلته واحدا من أفضل لاعبي كرة السلة على الإطلاق.
• تخيل المكافآت، فلا شيء يمنح الرضا أكثر من تحقيق أهدافك واتباع الأسلوب الذي يستخدمه الأفضل والرياضيون البارزون.
• استعرض نفسك في المستقبل، وتصور النتيجة المطلوبة، واشعر بمدى المكافآت والفوائد العديدة التي ستستمتع بها.
• تذكر نفسك دائما بما يلزم للوصول إلى هدفك.

العوامل المؤثرة في الانضباط الذاتي

هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في انضباط الفرد لنفسه وهي:

الأسرة

• تعتبر البيئة العامل الأول الذي يؤثر في انضباط الفرد لنفسه، حيث تظهر فيها سمات الشخصية والفكرية للفرد، وذلك لأنها البيئة التي تشهد نمو وتطور شخصيته من الناحية العاطفية والنفسية والاجتماعية.
• ومن خلالها ينمي الفرد ذكائه ويتعلم كيفية التعامل مع نفسه ومع الآخرين، كما أن الوسائل التي تستخدمها الأسرة في تربية أبنائها تؤثر فيهم وفي تفكيرهم.
• ومن خلال ذلك يتعرفون على الاختلاف بين الصواب والخطأ، والسلوكيات الفردية والاجتماعية التي يجب اعتمادها أو تجنبها، وهذا يؤثر بالتالي على انضباط الفرد لنفسه.

المدرسة

• لا يقل دور المدرسة أهمية عن دور الأسرة في تعليم الأفراد الانضباط الذاتي، فهي البيئة التي يتم فيها توجيه النشء وفهم وتلبية احتياجاتهم على الصعيد العقلي والعاطفي والنفسي.
• حيث تعتبر المدرسة وسيلة هامة لتوسيع معارف الطفل، فبدلا من أن تكون مقتصرة على الأسرة والأقارب فقط، امتدت لتشمل الزملاء والمدرسين والإداريين.
• تلعب المدرسة أيضا دورا هاما في تعزيز المعتقدات التي تكونت لدى الطفل من خلال أسرته أو تغيير السلوكيات الخاطئة التي يتعلمها الفرد منها.
• بالإضافة إلى أن الأنشطة الممارسة في المدرسة تخضع لقوانين تعمل على تطوير قدرات الطفل في التعامل مع تلك القوانين على مستويات أعلى.

الأصدقاء

• غالبا ما يكون للأصدقاء تأثير أكبر على تكوين الانضباط الذاتي من تأثير الأسرة والمدرسة.
• فهناك عوامل مشتركة بين الأصدقاء مثل العمر والبيئة الاجتماعية والمشاكل التي يواجهونها ورغبتهم في الاستقلال.
• تلك العوامل تؤثر بشدة في نفس الفرد وتعد من أهم مصادر تشكيل سلوكه والمعتقدات والاتجاهات والمعايير التي يؤمن بها، فهي تؤثر في سلوكه سواء بشكل إيجابي أو سلبي.

الدين

• وهي واحدة من أهم وسائل التحكم في الذات وأقوى العوامل التي تؤثر على سلوك الفرد، فالامتثال لتعاليم الدين يؤثر بشكل إيجابي على الانضباط الذاتي للفرد.
• عندما يتواصل الشخص في العبادة مثل الصلاة ويتبع متطلباتها من الوضوء والالتزام بالوقت والوقوف في الصفوف والالتزام بقيادة الإمام، فإن ذلك سيؤثر عليه بشدة وسيعلمه كيفية التحكم في سلوكه وتعامله وعلاقته مع الآخرين.

مبادئ الانضباط الذاتي

يقول الكاتب بريان تريسي في كتابه (معجزة الانضباط الذاتي) أن الانضباط الذاتي يتطلب 9 عادات يجب التمسك بها وهي:

التفكير بشكل واضح

من خلال الاسترخاء كل يوم في مكان بعيد عن الضوضاء لمدة 30 دقيقة، وكتابة المشكلة على ورقة واستكشاف جميع جوانبها ومحاولة إيجاد حلول لها.

عادة وضع الأهداف

• يجب على كل فرد تحديد الأهداف التي يسعى لتحقيقها في حياته.
• لتصبح الأهداف عادة، يجب كتابة تلك الأهداف بشكل إيجابي ومراجعتها يوميا ونسخها على الأقل خمس مرات، والتفكير في كيفية تحقيق تلك الأهداف.

استغلال الوقت

إحدى وسائل تحقيق الانضباط الذاتي هي استغلال أكبر قدر من الوقت في التخطيط للمهام المقرر إنجازها والالتزام بترتيب أولويتها، فنجاح استغلال الوقت بشكل فعال يعد أحد العوامل المؤثرة بشكل إيجابي على بقية الأعمال.

الشجاعة

لا يمكن اكتساب الشجاعة إلا بالتغلب على المخاوف الداخلية. وهذا لن يحدث إلا عندما يواجه الإنسان ما يخاف منه. عندما يقوم الإنسان بمواجهة مخاوفه ستختفي الخوف من داخله.

التخطيط لصحة جيدة

ينبغي على الإنسان أن يخطط ليعيش بحالة صحية جيدة حتى يصل إلى 1000 سنة، ولتحقيق ذلك يجب أن يتجنب فعل أي عادة غير صحية يمكن أن تسبب في مرضه، وأن يلتزم بالعادات التي تحافظ على صحته.

توفير المال

من أهم مفاتيح الانضباط الذاتي هو التخلص من الديون وتحقيق الاستقلال المالي وزيادة الربح عن المصروف، بالإضافة إلى ادخار 10% من الربح وزيادة هذه النسبة كل عام.

العمل بجدية

الاجتهاد في العمل يسبب الحظ السعيد، لذلك يجب على الشخص أن يسعى لكسب سمعة جيدة في مجال عمله كشخص جدي في عمله.

التعلم المستمر

يجب على الفرد أن يحرص دائما على أن يتعلم المزيد، ولذلك يجب أن يخصص كل يوم من 30 إلى 600 دقيقة للقراءة في مجاله، فذلك يزيد من خبرته في مجال عمله وبالتالي يزيد من راتبه.

الإصرار على النجاح

الأكثر قدرة على الانضباط الذاتي هو من يصر على مواجهة جميع العقبات.

أهمية الانضباط الذاتي

هناك العديد من الفوائد التي يحققها الفرد عند تحقيقه الانضباط الذاتي، مثل:

• يتمكن الشخص من استخدام عقله بنجاح في توصيل آراء صحيحة وحلول صائبة للمشكلات التي يواجهها، وبالتالي يمكنه قمع الرغبات السلبية والسيطرة على انفعالاته.
• يساعد تحقيق الانضباط الذاتي على التفكير بشكل منطقي دائم وفي مختلف الحالات.
• يساهم الانضباط الذاتي في تحقيق الاتزان النفسي الذي يساعد بدوره على استغلال الوقت على النحو الأمثل وفيما ينفع.
• من يتمكن من تنظيم نفسه وتحقيق توازن نفسي، يصبح قادرا على تحديد الأهداف التي يسعى لتحقيقها ووضع الخطط لتحقيق تلك الأهداف.
• الانضباط الذاتي يلعب دورا هاما في قدرة الإنسان على السيطرة على مشاعره ورغباته، خاصة تلك التي تسبب له الضرر.
• بفضل الانضباط الذاتي، يصبح الإنسان أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، حيث يمنحه القوة لمواجهة الصدمات التي يواجهها في حياته، مما يقلل من فرص إصابته بالاكتئاب والأمراض النفسية الناجمة عن ضعف التصدي لتلك الصدمات.
• إذا استطاع الإنسان أن يسيطر على نفسه، فسيتمكن من التخلص من التشتت في أسلوب حياته، وبالتالي سيساعده ذلك على تحقيق الأهداف المطلوبة وتحقيق النجاح.
• الانضباط النفسي يجعل الإنسان شجاعا وجريئا وأكثر ثقة في نفسه عندما يواجه أي موقف في حياته.
• عندما يكون الشخص منضبطا ذاتيا، سيكون أكثر قدرة على التخلص من الصفات التي تعوقه عن تحقيق النجاح مثل الكسل وتضييع الوقت.

الانضباط الذاتي في الإسلام

• تعد الدين الإسلامي وتعاليمه الداعية للالتزام والتخلص من الفوضى من أهم العوامل التي تسهم في تحقيق الانضباط الذاتي، فهناك العديد من الآيات القرآنية التي تصف الانضباط الذي يحكم حركة الكون.
• يظهر ذلك في حدة الانضباط الذي يظهر في حركة الكون من شروق الشمس وغروبها وحركة الكواكب والأجرام بانتظام وفي مسارات ومواعيد معينة.
• بالإضافة إلى العبادات التي يجب أداؤها في أوقات محددة ولا يجوز التخلي عنها، مثل الصلاة وفروضها الخمس وتوقيتها، والانتظام في صفوف صلاة الجماعة، والصيام الذي يرتبط بحركة الكون المنتظمة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والحج الذي يجب أن يؤدى جميع أركانه وفقا لنظام محدد وأوقات محددة.
• بناء على مهام الملائكة المحددة من قبل الله، فإنهم ملتزمون بها ولا يتجاوزونها أو يخالفونها، وهذا الالتزام واضح في أعمالهم.
• حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الانضباط، وتجلى ذلك في الغزوات التي كان يقودها، فقد كان يرص المجاهدين للقتال مثل البنيان المرصوص، كما كان يحدد لكل فئة راية لتحقيق المزيد من الانضباط في ساحات الجهاد.
• واحد من تعاليم الدين الإسلامي هو الالتزام بالكلمة التي تخرج من اللسان والوفاء بالوعود التي يقطعها الإنسان على نفسه.
• وحث الإسلام أيضا على أن يكون الفرد عادلا في تعاملاته مع أولاده وزوجاته، ولا يحق له أن يظلم أيا منهما.
• يأمر الدين الإسلامي بالانتظام في جميع أعمالنا في الحياة، وبالتالي عندما يتمسك الإنسان بهذه التعاليم، سيحقق الانضباط الذاتي الذي سيعود بالنفع على حياته بشكل عام.