الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

أجمل قصص الإصلاح بين الناس مكتوبة

إن إصلاح العلاقات بين الناس هو من أروع السلوكيات التي يمكن للإنسان اتباعها والتحلي بها، خاصة في ظل زيادة الأزمات الأخلاقية والتباعد بين الأفراد. وقد أصبح هناك حاجة ماسة لاستعادة الود والألفة والمحبة في المجتمعات، وهذا يعتبر من أفضل الأمور التي يحبها الله وحث عليها رسوله الكريم.

لا شك أن الخلاف والشقاق يعتبران أخطر ما يمتلكه الشيطان ويستخدمهما كأسلحة ليفصل بين المسلمين بعد أن كانوا في حالة وحدة وتوافق، وقد أعطى الدين الإسلامي لهذه المسألة أهمية ومكانة عظيمة لتجنب سقوط المؤمنين في العداوة والبغضاء وتحذيرهم من تأثيرها على حياتهم في الدنيا وعقابهم عند الله وفي الآخرة، وتوضيح فضل وثواب إصلاح العلاقات بين الناس، وهذا هو ما سيتناوله مقالنا التالي في موسوعة.

قصص الإصلاح بين الناس

من رحمة الله وعفوه العظيم بعباده وخلقه أنه يصلح فيما بين المؤمنين يوم القيامة، حيث قال أنس بن مالك

  • عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، رأيناه يضحك حتى ظهرت ثناياه. فسأله عمر: ما الذي جعلك تضحك يا رسول الله؟ فقال: رأيت رجلين من أمتي يتوسلان إلى الله، وأحدهما طلب من الله أن يخفف عنه ظلمة أخيه. فقال الله للطالب: كيف تأخذ من حسنات أخيك ولا يبقى لديه شيء؟ فقال الطالب: فليحمل أعباء ذنوبي. فانتاب رسول الله البكاء وقال: في ذلك اليوم، يحتاج الناس إلى من يحمل أعباءهم. فقال الله للطالب: ارفع رأسك وانظر إلى الجنة. فرفع رأسه وقال: أرى مدنا من ذهب وقصورا من ذهب مزينة باللؤلؤ. لأي نبي تلك المدن؟ أو لأي صديق تلك القصور؟ أو لأي شهيد تلك المدينة؟ فقال الله: هذا لمن يدفع الثمن. فقال الطالب: ومن يمتلك ذلك؟ فقال الله: أنت تمتلكه بعفوك عن أخيك. فقال الطالب: يا رب، قد عفوت عنه. فقال الله تعالى: خذ بيد أخيك وأدخله الجنة. وفي ذلك الوقت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يصلح بين المؤمنين.

الإصلاح بين الناس

من أفضل الأمثلة عن الإصلاح بين المسلمين هو ما ورد عن الصحابة الكرام، حيث قال كعب بن مالك عن الإصلاح بين المدينة والمدينة المدينة:

  • (يقال أنه ورد أن كعب بن أبي حدرد تقاضى دينا من ابنه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما حتى كشف ستار الباب الخشبي لغرفته، ثم نادى كعب بن مالك فقال: يا كعب، فرد عليه كعب بن مالك: لبيك يا رسول الله، ثم أشار إليه بيده أن يضع الشطر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: قم واقض الدين).
  • وفيما يتعلق بإصلاح الأزواج والزوجات، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت فاطمة ولم يجد عليا في البيت، فسأل عنه قائلا: أين ابن عمك؟ فأجابت قائلة: كان بيني وبينه خلاف فغضبني وخرج، ولم يقل لي عن مكانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لشخص آخر: ابحث عنه واخبرني أين هو، فذهب الشخص وأبلغ أنه في المسجد نائم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم مستلقيا ورداؤه قد سقط عنه وأصابه التراب، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيفه ويقول: قم يا أبا تراب، قم يا أبا تراب.

الإصلاح بَيْنَ النَّاسِ في القرآن الكريم

يدعو ديننا الإسلامي الحنيف جميع الخلق والعباد إلى التصالح بين الناس، ويحظر اتباع أي وسيلة أو طريق يؤدي إلى فساد حال المسلمين وأمرهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على قبول والمبادرة إلى التصالح، حتى يتسنى لهم تسوية النزاعات وتجاوز المشكلات وإنهاء الانقطاع. وهناك العديد من الآيات القرآنية والأدلة والمواقف التي تشير في كتاب الله إلى أهمية التصالح في الإسلام، ومنها:
  • قال تعالى في سورة الأنفال الآية 1 (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم).
  • سورة البقرة الآية 220 (ويسألونك عن اليتامىٰ، قل إصلاح لهم خير).
  • سورة البقرة الآية 228 تقول: “وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا”.
  • سورة هود الآية 88: إنما أريد الإصلاح ما استطعت، وتوفيقي لا يأتي إلا من الله.

أحاديث نبوية عن الإصلاح بين النَّاسِ

  • كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكثر نشاطا في تحقيق الإصلاح بين الناس والأكثر اتباعا للصلح، حيث بدأ عملية المصالحة بين العديد من القبائل والمناطق بنفسه الشريفة، وكان يحث وينصح باهمية المصالحة وتجنب النزاع بينهم، ولقد قال لأبي أيوب رضي الله عنه “ألا أدلك على تجارة؟” فقال “نعم يا رسول الله” فقال “تسعى في تحقيق الإصلاح بين الناس عندما يتفاوتون وتقرب بينهم عندما يتباعدون.
  • عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهم ، وإذا أحدهما يقدم الآخر ويضغط عليه في شيء وهو يقول: والله لا أفعل فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال أين المتألم على الله لا يفعل الخير ؟ فقال : أنا يا رسول الله ، فله أي ذلك أحب ).

كيفية الإصلاح بين الناس

  • لكي يتمتع الشخص بالقدرة والقدرة على إصلاح العلاقات بين الناس، يجب عليه أن يتحلى ببعض الخصال والصفات والسمات الشخصية، بما في ذلك الشهامة والقوة والتحلي والعزيمة والصبر، والاعتماد على الله والثقة به وأن يكون نيته صادقة لتحقيق رضا وجه الله الكريم.
  • من ينوي تحقيق الإصلاح بين المتخاصمين، يمنحه الله التوفيق ويكون له في العون، وهذا ما ذكر في آية 35 من سورة النساء (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما).
  • يجب على المصلح أن يكون حكيما ومقدرا على الإقناع بين الطرفين المتخاصمين، بحيث لا يترتب على تدخله زيادة الخلاف، بل حل المنازعة والقضاء على المشكلة، وهو عمل جليل يقومه من يتوقى نفسه لرضا الرحمن سبحانه.
  • اختيار الكلام والحديث اللطيف من قبل من يسعى للإصلاح يعد من أهم عوامل الإصلاح بين الناس، حيث يساعد على نشر التسامح وإزالة البغض والحقد بينهم.
  • يجب أن يتضمن أي اقتراح مصلحة كل من الأطراف المتنازعة، حيث يعد شرطا لحل النزاع وإنهاء الخلاف الذي يترتب عليه. يجب أن تسعى الحلول لإرضاء كل من الأطراف حتى تهدئ قلوبهما، ولا ينبغي تقديم حلول لأحد الأطراف دون الآخر بما يثير الغضب والكراهية في قلب الآخر ويستعرض الخلاف من جديد.

فوائد الصلح بين الناس

إصلاح العلاقات بين الناس في الدين الإسلامي هو من أعظم العبادات وأفضلها وأجمل ما يقرب به العبد من خالقه سبحانه. فقد قال الله تعالى في سورة النساء الآية 128 (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ۚ والصلح خير)، وفي الفقرة التالية سنذكر أهم فوائد إصلاح العلاقات بين الناس على كلا من الأفراد والمجتمعات

  • يساعد الإصلاح في تعزيز التماسك والتضامن والترابط في الأمة الإسلامية، ويجعل من الصعب إضعافها أو تعرضها للفتور والاختلال، وعندما يسعى جميع أفرادها للإصلاح المستمر بينهم، تتمتع الأمة بقوة واستقامة في رباطها.
  • يترتب على الإصلاح بين الناس ثمار عظيمة منها التوافق بين القلوب وتوحيد المسلمين على كلمة واحدة بلا اختلاف بل على أساس من المحبة والتراحم.
  • الإصلاح هو عنوان الإيمان بين الإخوة، وهو ما أشار إليه الله تعالى في سورة الحجرات الآية 10 (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم).
  • عدم اتباع أساليب الإصلاح بين المتخاصمين يؤدي إلى فساد الأسر والمنازل، وتدهور الشعوب، وانتهاك الحرمات، وتبديد الثروات.
  • من لا يسعى للسلام أو لا يقبله، فإن قلبه قاس وإيمانه ضعيف، ويتسم في الإسلام بفساد الأخلاق وسوء النوايا، فهو يميل إلى الشر أكثر من اتباع الخير.
  • الشخص الذي يسعى للسلام والمصالحة هو من أنقى القلوب وأطهرها، فهو يبذل جهودا ويستثمر وقته لتحقيق التوافق والسلام بين الأشخاص المتخاصمين، وله مكانة عظيمة عند الله.

تأتي قصص الإصلاح التي ذكرت سابقا بنور القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ومواقف من حياة الحبيب المصطفى وأصحابه الكرام لتظهر لنا قدرة الإصلاح على تحسين حياة الفرد والأسرة والمجتمع والأمة الإسلامية، وهذه الفضيلة والثمار ليست مقتصرة على الحياة الدنيا فحسب، بل تمتد أيضا إلى الآخرة، والدليل على ذلك هو أن الله سبحانه وتعالى سيقوم بالإصلاح بين المؤمنين يوم الحساب حتى يدخل كل منهم الجنة ويربط أحدهما بيد الآخر.

المراجع

1

2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى