الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

موقف النبي مع كفار قريش عند فتح مكه‎

تساءل الكثير من الناس حول “ما هو موقف النبي تجاه كفار قريش عند فتح مكة” خاصة مع انتشار سيرة نبي الله صلى الله عليه وسلم، وتفاوت ما سمع عن كيفية تعاطيه مع الأعداء وموقفه منهم، فقد كان النبي لا يستخدم العنف إلا في الحالات القصوى وعندما لا يوجد ملاذ آمن سوى الحرب.

وقد أثنى عليه طوال أصحابه الكرام والتابعين بعده، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأنبياء الآية 107 “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، فإن نبينا المصطفى لم يبعث لنا فقط، بل بعث لجميع المخلوقات بما فيها البشر والجن، فقد كان رسول الله رحيما بأعدائه مثل صحابته.

والجدير بالذكر أنه لن يكفينا بضع كلمات أو بضع سطور لإيفاء حق المصطفى صلى الله عليه وسلم وشأنه، ولا سماحته. فماذا لو كان حديثنا عن رسول الله؟ بناء على ذلك، سنحاول بإيجاز أن نبين في مقالنا في الموسوعة جميع المعلومات الممكنة حول واقعة فتح مكة وموقف النبي منها.

موقف النبي مع كفار قريش عند فتح مكه‎

في كتابه الخالدون المئة، وصنف الكاتب الأمريكي اليهودي الأصل مايكل هارت حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأعظم هؤلاء المئة، بالإضافة إلى أن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما سئلت عن خلق أشرف خلق الله، قالت: “سئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن”. إذا، المصطفى عبارة عن نموذج حي يجسد القرآن الكريم، حتى عندما تعرض رسول الله لأذى المشركين وأخرجوه من مكة، عندما استعادها ودخلها، كان يعاملهم بالقرآن الكريم. في السطور التالية سنتعرف على موقفه مع مشركي مكة.

  • قابل الرسول إيذاءهم بالحب والعفو، حتى خرج من مكة، واستجاب لهم بأخلاقه الحسنة وبسمات القرآن الكريم وأحكامه
  • من بين أشهر الأقوال التي قالها نبي الله محمد عندما دخل مكة بعد فتحها، كان عندما أطلق سراح الأسرى. وفقا لإسحاق، الذي ذكر في سيرة بن هشام، أحد أصحاب الرسول، قفز بعض أهل العلم أمام باب الكعبة ونطقوا بالتوحيد لله، ثم سألوا أهل قريش عما يعتقدون أنه سيفعل بهم. ردوا عليهم بأنه أخو كريم وابن أخ كريم، فقال لهم “اذهبوا فأنتم الطلقاء.
  • والجدير بالذكر فيما يتعلق بحديث “اذهبوا فأنتم الطلقاء” أن الحديث بنصه أو بلفظه ليس له سند ثابت. إذ أن ابن إسحاق روى في سيرته لهشام بأن بعض أهل العلم أخبرهم أن حبيبنا المصطفى قف عند باب الكعبة وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده… إلى أن قال: يا معشر قريش، ما ترون أني سأفعل فيكم؟” فقالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم. فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء”. فحكم هذا الحديث هو أنه منقول مع عدم معرفة راويه.
  • في كتاب الأم، قال أبو يوسف رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن أهل مكة ومن فيها. وقال: “من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن”.

ليس من الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة

عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة، فقد منح الأمان لجميع سكانها، حتى غير المسلمين، على الرغم من أنهم قد أذوه وألحقوا به أذى شديدا بطرده من مكة. ومع ذلك، اكتفى النبي بقتل أربعة منهم، حتى وإن كانوا محتملين في استعمالهم كدروع بشرية للكعبة.

  • يقول سعد بن أبي وقاص -رحمه الله- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: في يوم فتح مكة، أمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس، باستثناء أربعة أشخاص وامرأتين، وقال: “اقتلوهم، وإذا وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة”. وكان هؤلاء الأشخاص هم عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح. فقالوا: “أليس فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا الرجل الذي رأيتموه؟ فلا يتردد في قتله”. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أليس من الواجب على نبي أن لا يكون له خائنة أعين؟”.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الأشخاص أنه ليس لهم أمان، لأنهم خانوه، وسعد بن أبي وقاص ذكر السبب في تحديدهم، حيث كان عكرمة بن أبي جهل واحدا من أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكثر عداوة.
  • أما عبد الله بن خطل فقد علم بخروج رسول الله لفتح مكة فاستل سيفه وفرسه في انتظار حبيبنا رسول الله لمقاتلته، في حين قام مقيس بن صبابة، الذي كان له أخ قد أسلم ولكنه استشهد عن طريق الخطأ على يد أحد رجال الأنصار، بالوقوف أمام رسول الله وإظهار إسلامه، فأمره الرسول بدفع الدية مقابل قتل أخيه، نظرا لأن القتل كان خطأ، فدفع الدية وبعد ذلك انتظر اللحظة المناسبة وهاجم النصارى وقتلهم، ثم عاد مرتدا لقريش.
  • بالإضافة إلى عبد الله بن أبي السرح الذي كان يعمل كاتبا لوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، انقلب على الإسلام وعاد إلى قريش، ووفقا لما ذكره سعد بن أبي وقاص، تم قتلهم جميعا باستثناء عكرمة بن أبي جهل الذي هرب إلى البحر ولكنه عاد إلى رسول الله وأعلن إسلامه، أما النساء اللتان ذكرهما رسول الله فلم يذكر سعد بتسميتهما في روايته.

طريقة التعامل مع الكفار

من المؤسف أن لدي العديد من المسلمين فهما خاطئا يجب أن تكون العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين علاقة دم وعداوة وتنافر، على الرغم من عدم وجود هذه المفاهيم في الإسلام وعدم ذكرها في الشريعة الإسلامية والسنة النبوية الكريمة. ففي سورة الممتحنة الآية رقم 8 يقول الله تعالى: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين.

  • في السابق، كانت علاقة الرسول مع الكافرين علاقة ودية ولطيفة، وهذا يأتي استجابة لما ورد في القرآن الكريم في سورة النحل الآية رقم 125: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالأحسن”. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. إضافة إلى أن الله أوضح في كتابه أن الرسول كان قلبه لينا، حيث قال عنه لو كان قلبه قاسيا لأنفض العباد من حوله.
  • إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أفضل الناس تعاملا مع أهل الذمة من اليهود والنصارى، فقد كان يتعامل معهم في التجارة ويضمن سلامتهم في أماكنهم وأماكن عبادتهم، متفقا معهم في عاداتهم لتوطيد العلاقات وتقريب القلوب، وفي حديث بن عباس رضي الله عنه قال: “إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملأ شعره والمشركون كانوا يفرقون رؤوسهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل به، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره”.

من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام في تعامله مع غير المسلمين هو حلمه عليهم صواب أم خطأ

  • حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل مثالا حيا يقتدى به في تطبيق القرآن الكريم، حيث سئل عن أخلاقه وقيل إن خلقه هو القرآن، فأصبح قدوة لجميع المسلمين يرجى أن يتقدموا به ويتشبهوا بسيرته الطيبة والحسنة.
  • حتى الآن، الكثير من الغرب في العصر الحالي يتعجبون من سيرته وصفاته ويحبونه على الرغم من عدم معرفتهم به بعد كل هذه السنوات من فراقه لنا، لأن رسول الله كان يعامل عباد الله على قدم المساواة، سواء كانوا مسلمين أو كفار، ولذلك فإن العبارة صحيحة.

في النهاية ومع اقترابنا من نهاية مقالنا الذي أجاب على سؤال حول موقف النبي مع كفار قريش عند فتح مكة، كانت الإجابة تتمثل في أن رسول الله كان يتصرف بناء على تعاليم القرآن الكريم، فقد كان نموذجا حيا يمثل القرآن، حيث قام بمعاملة أهل مكة باللين والتسامح، فأطلق سراحهم وتعامل معهم بطريقة حسنة ولطيفة.

كما يمكنك عزيزي القارئ قراءة المزيد، من خلال الموسوعة العربية الشاملة :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى