حكم اليمين الغموس
يقول الله تبارك وتعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بالأيمان الزائفة التي تقسمون بها، وكفارتها إطعام عشرة مساكين بما تطعمون به أسرتكم. فما هو حكم اليمين الغموس؟ هذا ما سنستعرضه في هذا المحتوى من خلال الموسوعة، حيث يعرف يمين الغموس في علوم الفقه بأنه الحلف على شيء بالكذب، ويشير إلى خرق الحلف واليمين، وسنتناول بالتفصيل كل ما يتعلق بالتعدي على الحلف واليمين من خلال آراء علماء الفقه والسنة، وسنتحدث أيضا عن حكم اليمين الغموس والكفارة المطلوبة، ويقول الله عز وجل: “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم”.
حكم اليمين الغموس
أقسم بالله أنه لأفضل لأحدكم أن يدخل على أهله بيمينه من أن يعطي كفارته التي فرضها الله عليه، فقد قال الله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به، فلا حرج على المخطئ الغير متعمد
- يمين الغموس هو نوع من الحلف الذي يتعمد فيه الشخص الكذب قصدا، ويطلق عليه هذا الاسم لأنه يغمس الحالف في الإثم والذنب، وقيل أيضا أنه يغمسه في النار. ولذلك، فالتوبة هي الكفارة المناسبة لهذا النوع من اليمين، وهذا هو حكم يمين الغموس، ولا يوجد كفارة أخرى له وفقا لمجموع العلماء.
- يمكننا أن نقول إذا بواسطة آراء علماء الفقه أن يمين الحنث تدخل تحت هذه اليمين المنعقدة، أي أنها تكفر عنه صاحبه كما آتاه الله، أما بالنسبة ليمين الغموس فلا كفارة عليه.
- نوضح ذلك أكثر من خلال قول الإمام تب بطال: اليمين الغموس هو عندما يقسم الرجل بشيء وهو يعلم أنه كاذب، بهدف إرضاء شخص ما أو للاستيلاء على مال مثلا، وهذا أمر أكبر من الكفر، ولكن في الحقيقة، فإن معظم العلماء لا يرون فيها تكفيرا وهي تعتبر يمينا زائفا.
- هذا هو ما اتفق عليه الإمام النخعي والحسن البصري ومالك وتلاميذه في المدينة، وأيضا الأوزاعي من أهل الشام والثوري وجميع علماء أهل الكوفة، وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد وأصحاب الحديث. وهناك قول آخر روي عن الحكم بن عتيبة وعطاء: أن اليمين الغموس فيها يعتبر كفارة. ويقول عطاء أيضا: والكفارة لا تراد بها إلا خيرا للاطمئنان، وهي إضافة تزيد من اقتراب الإنسان من الله تعالى.
- فيما يتعلق بالكفارة وفقا لآراء الجمهور، فإنها تقتصر على التوبة فقط، وأي زيادة عن ذلك هي خير وتقرب من الله.
- فيقول أيضا ابن بطال عن حكم يمين الغموس: فمن يحلف بالكذب وهو يعلم أنه كاذب فيجب عليه التوبة والرجوع إلى الله تعالى ولا يلزمه كفارة ، وهذا هو أيضا مذهب الجمهور ويتفق معه ابن بطال أيضا حتى يدرك المذنب خطأه المرتكب.
آراء العلماء في حكم اليمين الغموس
في الواقع، كما نعلم، يختلف علماء الدين في الفقه والسنة دائما في الأحكام، ونادرا ما يتفقون على نفس الحكم، وهذا ما سنناقشه فيما يلي من آراء العلماء حول حكم يمين الغموس.
- اتفقت جماعة من العلماء في الفقه، بما فيهم الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة، على أن يمين الغموس هو نوع من أنواع الكبائر التي لا يجب فيها الكفارة.
- توافقت الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن الكفارة عن إثم يمين الغموس هي التوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى عن هذا الذنب الأعظم من وجهة نظرهم، والتوبة تكون من خلال شروطها الخاصة كما أعطانا الله عز وجل من فضله.
- بالنسبة للكفارة نفسها، اتفق الشافعية وابن تيمية والحنابلة على أنه يمكن للشخص الذي يرغب في التكفير عن هذه الخطيئة أن يقدم كفارة وفقا لقدرته، إلى جانب التوبة التي هي واجبة لكي يتم محو هذا الذنب عند الله تعالى.
كفارة اليمين الغموس عند الشافعية
كما ذكرنا سابقا، فإن كفارة يمين الغموس ليست واجبة، والواجب هو التوبة والعودة إلى الله تعالى. يقول الله عز وجل: “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولٰئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
- فيما يتعلق بكفارة اليمين الغموس عند الشافعية، فهي التوبة إلى الله تعالى من جميع الذنوب، وخاصة ذنب يمين الغموس الذي يعتبره الشافعية من الذنوب الكبرى.
- ويعتقد الشافعية أيضا أن الكفارة في هذه الأمور وهي يمين الغموس تقتصر على التوبة فقط، فإذا أراد العبد أن يقرب نفسه من الله من خلال إلغاء هذا الذنب، فيمكنه تقديم تكفيرة من خلال إطعام مسكين أو تحرير رقبة وما إلى ذلك.
- ولكن بإمكاننا أن نقول أنها لا تقبل هذا التكفير إلا بعد التوبة والرجوع إلى الله تعالى من هذا الخطيئة، لكي يتم قبول هذا التكفير بواسطة الغموس.
أنواع اليمين الغموس
يقول الله تبارك وتعالى في سورة العمران الآية 77 : إن الأشخاص الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم بثمن قليل، فهؤلاء لا يوجد لهم خليل في الحياة الآخرة، ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم في يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب شديد،” حيث يختلف ويتنوع أنواع يمين الغموس من خلال صيغتها والنية السابقة في هذا، ومن أنواع يمين الغموس هي:
- يمكن أن تكون الشتائم عن طريق قول “لا” أو “نعم” مرارا وتكرارا، وفي هذه الحالة لا يوجد عقاب لأنك لم تتعهد بالصدق.
- أما بالنسبة للقسم، وهو النوع الثاني من يمين الغموس، فالشخص الذي يلزم نفسه بفعل شيء أو لا يفعله عن طريق القسم، وهو يعلم أنه كاذب وأن يمينه باطل، فيجب عليه التوبة والكفارة عن ذلك.
- والنوع الثالث من يمين الغموس هو الحلف بالكبائر، وهو يكون ذنبا وحلفا باطلا وكذبا من الحالف.
كفارة يمين الغموس على المصحف
يجب على كل مسلم عاقل وبالغ في حالته الطبيعية أن يقوم بكفارة اليمين، وتكون الكفارة عن اليمين عادة إما عن طريق إطعام عشرة مساكين بما يعادل ما تطعمون أهليكم، أو تكسويتهم، أو تحرير رقبة، وإذا لم تكن لديك القدرة على ذلك، فيجب عليك أن تصوم ثلاثة أيام كفارة لأيمانكم إذا قمتم بالحلف، وهذا هو الأمر الذي أمر به الله تعالى فيما يتعلق بكفارة الإثم.
- رسم علامة الغموس على المصحف من الكبائر التي نهى الله تبارك وتعالى عنها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا.
- فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال أمرء مسلم، لقي الله تعالى وهو عليه غضبان).
- ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم عن الحكم في يمن الغموس: (من يسلب حق مسلم بيده اليمنى فقد مستوجب النار من الله وحرمت عليه الجنة، فقال رجل وإن كان قليلا قال وإن كان كبيرا لما رأيته).
- أما عن يمين الغموس على المصحف يقول: (وكلام الله وكتابه وقرآنه يمين)، فيعتبر اليمين على المصحف أو من آيات القرآن الكريم يمين المؤكدة، ففي هذه الحالة يجب الاعتراف بالخطأ والتكفير عنه أيضا.
- يقول ابن قدامة عن يمين الغموس على المصحف: (الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله، يعتبر تعهدا يتطلب الكفارة في حالة الخروج عنه).
- فإن كفارة اليمين المؤكدة على المصحف تتم من خلال تنفيذ ما أمر الله به وهو تحرير رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أفضل ما يطعم الرجل أهله، أو تكسويتهم، وفي حالة عدم القدرة على ذلك، يصوم ثلاثة أيام.
الفرق بين يمين الغموس ويمين المنعقدة
وكما نعلم، يعرف يمين الغموس بأنه يقوم صاحبه بالكذب عمدا من خلال هذا الحلف، ويطلق عليه هذا النوع من اليمين اسم غموس لأنه يعمل على غمر الحالف في الخطيئة والذنب، وقيل أيضا أنه يغمسه في النار. وبناء على ذلك، فإن التوبة هي الكفارة المناسبة لهذا اليمين، وهذا هو حكم يمين الغموس، ولا يوجد كفارة له كما اتفق العلماء.
- يمين الغمون يعتبر نوعا من أنواع يمين اللغو، وفيه لا يجب الكفارة وإنما يجب التوبة والرجوع إلى الله تعالى.
- اليمين المنعقدة هي أي يمين لا يكون بها لغو، ومن يحلف بهذه اليمين في أمر ما ثم يخونها، أي يخالف الحلف فيها، فعليه أن يقدم كفارة ولا يقتصر الأمر على التوبة فقط، والكفارة يمكن أن تكون عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو توفير ملابس لهم، وإذا لم يكن قادرا على ذلك، فيجب صيام ثلاثة أيام.
وهكذا نتوصل إلى معرفة حكم اليمين الغموس من خلال هذا المحتوى، بالإضافة إلى معرفة الفرق بين يمين الغموس ويمين المنعقدة، وشروط وجوب الكفارة في كل منهما.