الإحسان ركن واحد هو
الإحسان في الإسلام هو التفوق والكمال الذي يقوم به كل مسلم ومسلمة. لا شك أنه من الأمور التي تقرب الإنسان من الله تعالى إذا قام بها. ومن هنا يطرح هذا المحتوى سؤالا، هل الإحسان هو ركن واحد؟ وسنقوم بالإجابة على هذا السؤال من خلال الموسوعة. سنبدأ في هذا المحتوى بتعريف الإحسان، ثم سنتعرف على فضل الإحسان وجزائه ومكانته في الإسلام. بعد ذلك، سنقدم لك جولة سريعة للتعرف على الفروق بين الإحسان والإسلام والإيمان.
الإحسان ركن واحد هو
في اللغة العربية، الإحسان يعني أن تقوم بأفعال حسنة لتقرب من الله تبارك وتعالى. يمكن أن يكون هذا التقرب من خلال العبادة أو التعامل الحسن مع الآخرين. يقول الله تبارك وتعالى في سورة النحل: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون”. يوجه الله تعالى بأن نعبد بطريقة حسنة وأن لا نشرك به. ويوجه أيضا بمعاملة الآخرين بالكلمة والعمل بأفضل طريقة
- الإحسان هو أحد أركان الإسلام، كما رواه ابن ماجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
- والإحسان ورد كثيرا في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهذا يشير إلى فضله ومكافأة المحسنين، وهنا يقول الله تعالى عن ثواب الإحسان في سورة الرحمن: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”
- هنا نجد الاستفهام في الآية الكريمة معناه التقرير عن الجزاء العظيم ورد فعل الإحسان الذي يقوم به العبد من قول أو فعل
فضل الإحسان
يقول الله تبارك وتعالى عن الأمر بالإحسان في سورة الإسراء: قل لعبادي أن يقولوا ما هو الأفضل ، إن الشيطان يثير الخلاف بينهم ، إن الشيطان كان عدوا واضحا للإنسان ، فلا شك أن فضل الإحسان كبير في الأجر ورضا الله عن عباده بسبب إحسانهم في عبادتهم لله من الصلاة والصوم والزكاة والصدقة ، ومن خلال إحسانهم في التعامل مع الآخرين بالقول والفعل
- قال شداد بن أوس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله فرض الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فاحسنوا القتل، وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته”.
- فإن الإحسان يعتبر من أعلى مستويات الإسلام، ونجد فضل الإحسان في الكثير من الآيات في القرآن الكريم ومنها:
- يقول الله تبارك وتعالى في سورة آل عمران: لذلك، فضل المحسنين هنا هو حب الله جل جلاله وعظم شأنه لهم، كما جاء في الآية “فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
- وفيما يتعلق بفضل الإحسان للمؤمن، يقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: “أنفقوا في سبيل الله ولا تضيعوا أموالكم بأيديكم وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”
جزاء الإحسان
في سورة الرحمن، يقول الله تعالى: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”، وبذلك يؤكد الله أن المسلم المحسن في عبادته ومعاملته لن يحصل إلا على الإحسان من الله وعباده في جميع الأمور الكبيرة والصغيرة
- فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جزاء الإحسان: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).
- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد على جزاء المعاملة الإحسان، ويقول: “عندما يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ينادي مناد: يا أهل الجنة، لكم موعد عند الله يريد أن ينجزه لكم.” فيقولون: “ما هو؟ ألم نثقل ميزاننا، وألم تبيض وجوهنا، وألم يدخلنا الجنة، وألم يزحزحنا عن النار؟” فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى ذلك، ووالله ما أعطاهم الله شيئا يحبونه أكثر من النظر إلى ذلك، وسيسر عيونهم.
- يكافئ الله المؤمنين المحسنين في عبادته بأن تصبح وجوههم مشرقة، وأن ينظر الله عليهم برحمته، ولا يضيع الله أجر المحسنين أبدا، فيحصل المحسن على جزاء في الدنيا والآخرة في أعماله وعبادته.
صور الإحسان
وفيما يتعلق بأشكال الإحسان في الإسلام، فإنها لا حصر لها، حيث يمكن للمحسن أن يستمتع بالإحسان في عبادة الله ومعاملته للآخرين بأفضل الطرق، كما منحه الله بفضله، وفيما يلي سنستعرض لك يا عزيزي القارئ كل ما يتعلق بأشكال الإحسان من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لتسليط الضوء على أهمية الإحسان وفضله في الإسلام.
الإحسان في عبادة الله
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان في عبادة الله عز وجل: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
- الإحسان في العبادة يكون من خلال عبادة الله عز وجل كأنك تراه، والعبادة كمن أن الله يراك.
الإحسان إلى الوالدين
- جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا أبايعك على الهجرة والجهاد، أسعى للأجر من الله. قال: هل لديك والدين حيين؟ قال: نعم، بل كلاهما. قال: أتسعى للأجر من الله؟ قال: نعم، قال: فعد إلى والديك وكن إلى صحبتهما حسنا.
- وبخصوص الإحسان، نذكر أحدى أشهر آيات القرآن الكريم المتعلقة بالإحسان إلى الوالدين، وهي في سورة الإسراء: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما
الإحسان إلى اليتامى والمساكين
- لا شك أن فضل الإحسان إلى اليتامى والمساكين وجزاءه عظيم، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنهما: (امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين).
- ويقول الله تعالى عن أهمية وفضل الإحسان إلى الأيتام والمساكين: “عندما أخذنا ميثاق بني إسرائيل، أوصيناكم بعدم عبادة غير الله وبإحسان المعاملة مع الوالدين والأقارب والأيتام والمساكين، وأن تكونوا للناس لبقين وأن تقوموا بالصلاة وتؤدوا الزكاة، ولكنكم تركتم ذلك جزئيا وتفرطون فيه وأنتم تتجاهلونه”
الإحسان إلى الجار
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل وجزاء الإحسان إلى الجار: (من يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت).
الإحْسَان إلى المسيء
- يقول الله تبارك وتعالى: الحسنة والسيئة ليست متساويتين، فادفع بأفضل الأعمال، فإذا كان هناك عداوة بينك وبين شخص ما، فتعامله كما لو كان صديقا قريبا، ولا يحصل على هذا السلوك إلا الذين يصبرون والذين لديهم حظ عظيم
- أما بان القيم يقول: هذه الدرجة أعلى وأصعب من الدرجة السابقة؛ حيث يشمل التخلي عن المقابلة وتجاهل الأمر، وفي هذه الدرجة يتم معاملة من أساء إليك بالإحسان والتعاطف معه، ومعاملته بالمثل لما فعله بك، حيث يصبح الإحسان والإساءة بينكما خطوتين، خطوتك الإحسان.
الإحسان في الكلام
- يقول ابن كثير: (يرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم ليأمر عباده المؤمنين بأن يتحدثوا بأفضل الكلمات والعبارات في مخاطباتهم ومحاوراتهم؛ فإذا لم يفعلوا ذلك، يثير الشيطان الفتنة بينهم، ويجعل الكلمات تؤدي إلى العداوة والنزاع والقتال، فإن الشيطان هو عدو لآدم وذريته بسبب رفضه السجود لآدم، ولذلك تظهر عداوته بوضوح؛ ولهذا يحظر على الإنسان أن يشير بحديدة إلى أخيه المسلم، فإن الشيطان يثير الفتنة بينهم).
- يقول الله عز وجل: ادع إلى طريق ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وتحاورهم بأفضل الأساليب، إن ربك هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو الأعلم بالمهتدين
الإحسان في المعاملات التجارية
- من أهم الأمور في الحياة هي المعاملات التجارية، والتي يأمرنا الله عز وجل بأن نتعامل بها بإحسان. وقد قال الله: “وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين”.
- ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم أحسنكم قضاءً).
الإحسان إلى الحيوان
- يتجاهل الكثير من الناس معاملة الحيوان بلطف ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يجوب حول بئر ، وكانت لسانه مجففا من العطش ، فسحبت له بموقعها فغفر لها).
الفرق بين الإحسان والإسلام والإيمان
لا شك أن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، وإن لم تكن تراه فإنه يراك. الإحسان مفهوم شامل يشمل أيضا مصطلح الإيمان
- الإيمان هو الأعمال الباطنة التي تنبع من القلوب، مثل الإيمان بالله تبارك وتعالى وحب العبد لله وخوفه ورجائه من الله سبحانه وتعالى، والإخلاص له في السر قبل العلن.
- الإسلام هو مصطلح يجمع بين الإحسان والإيمان، وهو جميع الأعمال الظاهرة التي قد تكون مصحوبة بالإيمان، وفي بعض الأحيان قد لا يكون الإيمان مرتبطا بالإسلام، ويختلف مستوى الإيمان من عبد إلى آخر. وفي حالة عدم ارتباط الإيمان بالإسلام، يكون العبد المسلم ضعيف الإيمان.
في النهاية، وصلنا إلى إجابة سؤال ما هو الإحسان؟ إنه ركن واحد فقط، وهو أن تعبد الله وكأنك تراه، وإن لم تكن تراه فإنه يراك.