هل اصل المعرفة العقل ام التجربة
يسعى الإنسان منذ أن سكن الأرض للوصول إلى المعرفة، لكي يتفوق على بيئته ويستغلها بأفضل طريقة، وهذا البحث المستمر جعل المفكرين والفلاسفة يطرحون أسئلة هامة، مثل: ما هي المعرفة؟ وما هو أصلها؟ وهل تلك الأسئلة مهمة بما يكفي لاكتساب هذه الزخم الكبير؟ نحن نتعامل مع قضية تحظى بتنوع الآراء على مر العصور، فاسمح لي أن أكون مساعدا لك وأعرض عليك نموذجا بسيطا للآراء التي أبديت من قبل، من خلال موقع الموسوعة، لنربط الأحزمة ونستعد لرحلة تاريخية في واحدة من أشهر قضايا الفلسفة، وهي: هل ينبع أصل المعرفة من العقل أم من التجربة؟ وأتمنى أن تكون قد اكتسبت رأيا في هذه القضية بنهاية الرحلة، فلنبدأ.
هل أصل المعرفة العقل أم التجربة
اختلف الفلاسفة والمفكرون على مر العصور حول عدة قضايا مختلفة، سنقدم لك اليوم واحدة من تلك القضايا، وهي متعلقة بالمعرفة، ذلك المصطلح الذي أثار حيرة الكثيرين، فما هي المعرفة؟ وما هو أصلها؟ وسنبدأ معا في توضيح معنى المعرفة على النحو التالي:
- وبناء على الآراء المطروحة في قضية المعرفة وأصلها، يتفق الكثيرون حاليا على أن أصل المعرفة يعود إلى العقل والتجربة معا، حيث يستخدم العقل لاستنباط القواعد والتجربة لتأكيد صحة هذا الاستنتاج.
ما هي المعرفة
المعرفة لغةً
“وتعرف العرف – بضم العين – مضاد النكر، والعرفان المراد به هو العلم بالأمر والتأكد منه، ومعرفة الشيء بوعيه واستيعابه.
المعرفة اصطلاحاً
العلم هو معرفة الشيء ذاته وتفريقه عن غيره، ويستخدم العلم للإشارة إلى ما تمت معرفته والوصول إليه من خلال التفكير والتأمل، ويستخدم للإشارة إلى الأمر الذي تم الانتباه إلى آثاره بدون معرفة ذاته، مثل قولنا إننا نعرف الله، فندرك آثاره في خلقه الرائع، ولكننا لا نفهم الجوهر الإلهي -ﷻ-
أنواع المعرفة
وبناء على ذلك، يوجد أنواع مختلفة من المعرفة حسب مصدرها، سواء كانت مدركة بالحواس أو بالعقل أو بالملاحظة، وسأعرض عليك بعضا من هذه الأنواع فيما يلي:
المعرفة الحسية
وهو يستند إلى ما يتم إدراكه ومعرفته من خلال الحواس الموجودة في الجسم ، سواء كانت العينين أو الأذنين أو الجلد أو اللسان ، وهذا التلاحظ أو هذا النوع من الإدراك لا يلفت الانتباه إلى العلاقات الموجودة بين المظهر الخارجي والأسباب البعيدة لحدوثه.
المعرفة الفلسفية
تعتمد على التفكير في الأسباب البعيدة والخفية وراء هذا الملاحظة، وتستند إلى التأمل والتفكر العميق، فهو الطريق الوحيد للوصول إلى هذه المعرفة.
المعرفة العلمية
أساسها هو مراقبة الظواهر بشكل مستمر ومنظم، ووضع الافتراضات المناسبة لها، والتأكد من صحة تلك الافتراضات من خلال التجربة العملية، ولا تقبل أي فرضية تنبع من عدم وجود تجربة مثبتة، بكل خصائصها العلمية.
أراء الفلاسفة قديماً في أصل المعرفة
تعددت آراء الفلاسفة، فتجد أن الطالب مثل أرسطو يختلف في رأيه عن معلمه أفلاطون، ولنبدأ باليونانيين كأول من وضع تصورا واضحا إلى حد ما لهذه المسألة، فلنبدأ.
المعرفة عند الفلاسفة اليونان
اشتهروا اليونانيون القدماء بالحكمة والفلسفة التي حظوا بها شهرة واسعة، وكانوا يتدرسونها من جيل إلى جيل، ومن الطبيعي في تلك الفترة أن تكون هناك آراء مختلفة حول نفس الموضوع، لذا دعنا نستعرض هذا التباين فيما يلي لنتعرف أكثر على أسبابهم
- أفلاطون: أعرب أفلاطون عن المعرفة بأنها موجودة في النفس البشرية، وما يعرفه الإنسان هو محاولة لاكتشافها داخل نفسه، سواء كان مفهوما أو مصطلحا لشيء يراه أو يلاحظه، وبالتالي، المعرفة موجودة في الإنسان وعليه أن ينشرها في الكون لتسهيل حياته في هذا الكون.
- أرسطو:اعترض أرسطو على رأي أفلاطون، موضحا أن الكون قد خلق بغض النظر عما إذا كان الإنسان يعرف ذلك الكون أم لا، فلن يؤثر ذلك في الكون بأي شكل من الأشكال، إذ إن الكون يتطور بشكل مستمر سواء عرف به الإنسان أم لا. ومع ذلك، يجب على الإنسان أن يسعى جاهدا للوصول إلى معرفة أخبار الكون.
المعرفة عند الفلاسفة المسلمين
قام العلماء المسلمون بنقل الفلسفة اليونانية، مع كل الكنوز التي تحملها، إلى العقول العربية بعد ترجمتها، مما ساهم في بناء فكر فلسفي إسلامي، بالإضافة إلى عوامل أخرى متنوعة سواء كانت دينية أو غيرها، ولكن العلماء المسلمون استطاعوا بناء فكر فلسفي عربي إسلامي مميز، ولنتطلع سويا إلى آراء بعض الفلاسفة المسلمين البارزين فيما يلي:
- الكندي: الكندي صنف عناصر المعرفة، وأشار إلى أن المعرفة الحسية مشتركة بين جميع الكائنات وغير مميزة للإنسان، وهي معرفة غير ثابتة، وأوضح أن المعرفة تنشأ من الوحي أولا ثم يأتي العقل ثانيا.
- الفارابي: وكان الفارابي متأثرا بفلسفة أرسطو، وأوضح ذلك في فكره حول الإدراك، حيث رأى أن الإدراك يتم بواسطة الحواس ودور العقل هو تحليل تلك المعلومات من الحواس المختلفة للوصول إلى المعرفة.