الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

هل تقبل التوبة اذا لم يقم الحد

هل يقبل التوبة إذا لم يتم تنفيذ الحد؟ يقع الإنسان المعرض للضعف النفسي في ارتكاب ما حرمه الله وحذره منه، ولكنه بعد ذلك يشعر بالذنب. لذلك خلق الله التوبة، لأنه يعلم أن العبد سيعود إليه دائما وسيدرك أخطاؤه ويتوب عنها. إن التوبة تعتبر أحد أعظم أبواب الإسلام التي يجب على كل مسلم أن يعلنها على نفسه في نيته. لذلك، يقدم لكم موقع الموسوعة في هذا المقال كل ما يتعلق بالتوبة في الإسلام.

جدول المحتويات

هل تقبل التوبة اذا لم يقم الحد

لكي يتوب المسلم عن الذنوب والكبائر التي ارتكبها، يجب أن يكون مدركا للذنب وأن يشعر بالندم، وأن يستغفر ربه بنية صادقة بألا يعود إلى هذا الذنب أبدا، ولكن هل يتطلب ذلك تنفيذ العقوبة الشرعية؟

  • لا يعتبر الحد واحدا من الشروط الواجبة لقبول توبة المسلم، فإذا ارتكب الإنسان كبيرة من الكبائر التي تستوجب الحد، وأقيم الحد عليه، فهذا يجعله يكفر عن ما ارتكبه ويزيل الإثم عنه نهائيا.
  • وفي حالة قيام الشخص بأفعال خاطئة كبيرة، ولكن كان الله يتركبه فضله ولا يعرف أحد بهذه الأفعال ويرغب العبد في الاستغفار والتوبة، هل يجب عليه الاعتراف بنفسه ليتم تطبيق العقوبة عليه؟
  • الإجابة هي لا، طالما أن الله ستر على عبده، فلا ينبغي له أن يكشف هذا الستر، بل ينبغي عليه أن يستغفر ويعلن توبته الصادقة إلى الله، وأن لا يعود إلى الذنب أبدا. وسيقبل الله توبته وسيمحو ذنبه، ولن يعاقبه في الدنيا والآخرة. بل سيحسب الله التائب كأنه لم يرتكب ذنبا أبدا، وسيجازيه على التوبة بتحويل سيئاته إلى حسنات.
  • جميع هذا يأتي من رحمة الله تعالى على عباده المسلمين ويحميهم من شرور الدنيا وشرور الأنفس التي لا ترحم من يكشف ذنوبهم وأخطائهم، حتى لو تابوا منها ألف مرة، فإن رب العباد يمتلك ما لا يمتلكه جميع العباد من رحمة ومغفرة، التي تشمل السموات والأرض.
  • والخطايا الكبيرة في الحياة الدنيا كثيرة؛ منها شرك الله والكفر به والزنا والسرقة وترك إنجاب الأطفال خوفا من الفقر والكذب في القول. فإذا قام مسلم بفعل تلك الأفعال فإنه يرتكب المحظورات التي نهانا الله عنها عن طريق نبينا الكريم، فإذا أبتلى الإنسان في الحياة الدنيا بعد ارتكاب تلك الخطايا الكبيرة، فهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى يعاقبه في الدنيا ليعفو عنه في الآخرة إذا تاب وندم. وإذا ستره الله في الدنيا ولم يصبه بمكروه وتاب الإنسان، فإن فضل الله عليه عظيم ويجب عليه أن يحمده ويشكره إلى الأبد، لأن الله يقبل توبته دون أي عقاب.

هل التوبة تسقط الحد

وضع المولى عز وجل الحدود لكي يخشى الإنسان ارتكاب الكبائر ويدرك أنها لها عقوبة عظيمة، ولكنه يعطي فرصة للنادم والتائب لكي يتكفر عن الذنوب التي ارتكبها. هل من الضروري تطبيق الحدود على جميع المتوبين؟

  • بشكل عام، عندما يرتكب الإنسان الجرائم الكبيرة ولم يتم الكشف عنها، فإن ذلك يعني أن الله قد ستره عليه. لذلك، فإنه لا يعترف بما ارتكبه ويجب عليه أن يحتفظ بسرية كما حفظها الله عليه، ويتوب ويستغفر الله بدون الحاجة إلى القاضي أو الإمام لتحديد العقوبة المناسبة له.
  • في حالة رؤية مسلم آخر وهو يرتكب الخطايا الكبيرة ويتوب بعدها، فعلى المسلم الشاهد أن يستر أخيه المسلم التائب، خصوصا إذا كانت لديه أخلاق حسنة، ولكنه وقع في ضعف النفس لمرة واحدة، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى بأنه من يستر مسلما في الدنيا، سيستره الله في الآخرة، وهذا له أجر عظيم. في هذه الحالة، يجب أن يستمر الستر ولا يتم تطبيق العقوبة الشرعية طالما أن الإنسان تاب ولم يعاود العمل الذي ارتكبه مرة أخرى.
  • تعتبر رؤية مسلم لشخص آخر يرتكب الفاحشة أمرا كبيرا من الكبائر، ومعروفا أن هذا الشخص يرتكب الكثير من الفواحش ولا يلتزم بالتزاماته، ووجوده في المجتمع الإسلامي يعتبر خطرا يهدد من حوله، لذلك يجب على الشاهد أن يتوجه إلى القاضي أو الإمام ويشير إلى الفاحشة ليتم تنفيذ الحد الذي فرضه الله على من ارتكب الكبيرة، حتى يكون سببا في رجوعه إلى الله ويكون عبرة لغيره من المسلمين لكي يلتزموا بالطاعات ويتركوا الفواحش.
  • إذا ذهب المسلم إلى القاضي وأعترف له بأنه مذنب في هذا وذاك وارتكب بعض الكبائر هنا وهنا، وأنه الآن تائب ويطلب من الله أن يغفر له، فعلى القاضي أن يدعو له بالهداية ولا يحكم عليه بالعقاب الشرعي لأن التائب كمن لم يرتكب المعصية أبدا.

علامات قبول التوبة من الكبائر

بعدما يقوم الإنسان بارتكاب الكبائر ويعلن توبته، يبدأ في التساؤل ما إذا كان الله قد قبل توبته ويستمر في هذه الحالة طوال حياته. ومع ذلك، التوبة النصوح عادة ما تتضمن علامات تجعل قلب المسلم يشعر بالطمأنينة والاستقرار، ومن هذه العلامات:

  • يبدأ المؤمن التائب في أن تتحول حياته كلها إلى خير وتكون حالته النفسية جيدة ويشعر دائما بالسعادة ويكون قلبه يطلب مغفرة الله ولا يرتبط بأي من الذنوب أو الكبائر التي ارتكبها في الماضي.
  • يبدأ المسلم في رؤية الخطيئة التي ارتكبها في الماضي كخطيئة عظيمة، لكنه يدرك تماما أن عظمة الله أكبر من أي خطيئة، وأن الله غفور رحيم ويغفر لمن يشاء من عباده، ولا يوجد شيء مستحيل بالنسبة له.
  • يصاب المسلم التائب بلين القلب عند سماعه كلام الله من القرآن أو قراءة سيرة النبي الشريفة أو أي كلام يتعلق بالدين، فيبدأ في البكاء ويشعر بالقشعريرة في جسده، وهذا من فضل الله عليه.
  • وأهم ما يميز التوبة المقبولة هو أن الشخص يتجنبها تماما، حيث يكره هذا الخطيئة ولا يحبها مرة أخرى، ولا يفكر في العودة إليها، بل يستنكر حبه السابق لها ويشعر بالندم الشديد

وسواس عدم قبول التوبة

إذا نجح الشخص في التغلب على نفسه الضعيفة التي جعلته يقع في الخطايا الكبيرة وتاب عنها، هل يمكنه أيضا التخلص من الأفكار الوهمية التي قد تراوده بعد التوبة؟

  • الشيطان يدخل إلى الإنسان من ثغراته ليجعله يفقد إيمانه بسبب أسئلة بسيطة قد تشغل باله ليلا ونهارا حتى يصور لنفسه أن الله لم يقبل توبته، ويجعله يشعر وكأن مصيره هو الجحيم بالتأكيد، فيوسوس له بتكرار الذنب وكل ما يشتهيه نفسه من الكبائر أو الذنوب طالما أن العقاب واحد في النهاية.
  • ليست الحقيقة كذلك، فالله يغفر الذنوب لمن يحمل قلبه قدرا صغيرا من الإيمان، وهذا أقل بكثير من الإيمان للتائب العائد إلى الله. فكيف يرفض الله عبده الضعيف الذي يلجأ إليه، وقد خلقنا لنعبده ونستغفره.
  • والحل هنا هو التخلص من الوسواس الذي يدور في ذهنك عن طريق امتلاك الثقة الكاملة بالله سبحانه وتعالى، فعندما تثق به فإنك إذا افترضت الخير فلك ما افترضت. لذلك، لا تتسائل عما إذا كان الله قد غفر لك، بل تأكد أنه قد تقبل توبتك وابدأ في زيادة الأعمال الصالحة لتكتب لك بها الله الثواب العظيم وتمحو بها السيئات.

بهذا نكون قد عرفنا الآن إجابة على سؤال هل تقبل التوبة إذا لم يتم تنفيذ الحدود، وذلك من خلال موقع الموسوعة العربية الشاملة الذي يقدم لكم دائما أهم المعلومات الدينية والفقهية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى