الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

هل يحاسب الانسان على حديث النفس

هل يحاسب الانسان على حديث النفس

  • يتعرض الإنسان لأحاديث مستمرة في نفسه طوال حياته في الدنيا، وقد قال نبينا الكريم – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. قال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء”. فإن الله لا يحاسب ما في نفس العبد ما دام لم يفعل أو يقل شيئا منه لأحد، ولكن الإنسان يجب عليه أن يستعيذ بالله ويقول “آمنت بالله ورسله” ليخزي ما جاء به النفس.
  • ومع ذلك، يرى أحد العلماء أن الله يحاسب عباده على ما في نفوسهم من الأقوال إذا شعروا بالاطمئنان تجاهها، وبدءوا في التأكيد على مثل تلك الأفكار، ولكي نتأكد من أننا لم نشعر بالاطمئنان تجاه تلك الأفكار، يجب علينا التأكد من أننا لم نعتزم إصدار أي قول أو فعل يتعلق بهذه الأحاديث، وحتى إن لم يفعل شيئا أو خفض منها فقط، فإنه لم يخطئ.
  • هناك رأي آخر يقول أنه إذا تحول حديث النفس إلى إرادة وتصميم، حتى بدون تنفيذه أو التعبير عنه، فإن ذلك أيضا يعتبر إثما، لأن النفس تبحث عن طرق لتحقيق تلك الرغبة، فالنية بحد ذاتها تكون إثما إذا ترافقت مع الإرادة والتصميم، وهذا ما حدث مع امرأة العزيز وسيدنا يوسف، حيث حولت حديث نفسها إلى إصرار.

الفرق بين حديث النفس والإصرار والإرادة

باستطاعة الإنسان أن يعرف إن كان هذا الأمر مجرد تفكير للنفس أم إصرار وإرادة من خلال حالة النفس ذاتها. يمكن قياس ذلك من خلال ما يدور في الخاطر من معصية ومدى خوف الشخص من الله وابتعاده عن هذه المعصية والتوقف عن التفكير فيها. إذا استمرت هذه الأفكار وتحولت من الرفض والاستعاذة إلى التفكير في تنفيذها على أرض الواقع، فهذا يدل على الإرادة والتصميم ويعتبر خطيئة. يجب على الشخص أن يتوب عن هذا السلوك.

كما ذكر رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – حديثا يروي فيه أن من يفعل الحسنات والخيرات، ويجعل النية والإرادة في الفعل، فإنه سيكافأ على ما نوى، ورغم أن أجر العامل أفضل وأعلى، إلا أن هناك حديثا يروي عن أبي كبشة الأنماري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –

(إنما الدنيا لأربعة أنواع من الناس، هم العبد الذي رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي ربه ويصل رحمه ويعرف حق الله فيه، فهذا هو الأفضل منازل. والعبد الذي رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو شخص صادق النية يقول لو كان لي مال لفعلت به عمل فلان، فأجرهما متساو. والعبد الذي رزقه الله مالا ولم يرزقه علما، فهو يتصرف في ماله بلا علم، لا يتقي ربه ولا يصل رحمه ولا يعرف حق الله فيه، فهذا هو الأسوأ منازل. والعبد الذي لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول لو كان لي مال لفعلت به عمل فلان، فأجرهما متساو) (حديث صحيح)

هل يحاسب الإنسان على نيته

يرجع جمهور العلماء في تقدير هذا إلى سبب ترك الإثم، وهو على النحو التالي.

  • يعتقد العلماء بأن من يرتكب سيئة ثم يتركها، وإذا تركها بتقوى الله، فإنه سيكون مكافأة له على تركها.
  • من لم يقم بعمل سيئة وتركها لأجل الناس، أو سعى لفعلها، ولكن منعته الأقدار على القدوم بذلك، فإنه يكتب له سيئة.
  • أما من ارتكب الخطأ بعدما نوى ذلك وعزم عليه، ثم تراجع عنه تلقائيا، فهذا أمر يدور في خاطره فقط ولا يعاقب عليه.
  • إذا كان النية تأتي من القلب، ولا يتدخل فيها الأعضاء، فإنه يجب أن يحاسب عليها.

ما الفرق بين حديث النفس ووساوس الشيطان

في الحقيقة، يوسوس الشيطان تماما كما يوسوس النفس، فكليهما متشابهان في الفعل، ولكن الشيطان يأتي بأفعال غريبة على الإنسان، وبالتالي يكون من السهل التخلص منه بطلب العون من الله من الشيطان الرجيم. أما النفس فهي مطمع الشيطان الحقيقي، فكل ما تقوم به النفس هو مجرد تكرار لمتعة الخطيئة، وتأتي بأفكار تلذذ بها. إما أن يكون العبد يرغب في التوبة عن هذه الأعمال وتعود لمحاولة إغواءه مرة أخرى. هذا هو رأي الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله.

هل المصاب بالوسواس القهري يحاسب

يذكر الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن مريض الوسواس القهري لا يعتبر مسؤولا عن أقواله، فالوساوس هي ابتلاء من الله لعباده، ويستند ذلك إلى قوله تعالى في سورة الناس: (قل أعوذ برب الناس۝ملك الناس۝إله الناس۝من شر الوسواس الخناس۝الذي يوسوس في صدور الناس)

يذكر أن بعض حالات الوسواس القهري تحدث بسبب اضطراب في المواد الكيميائية داخل المخ. يقوم الطبيب بتوجيه المريض ببعض الأدوية والعقاقير التي تساعد في حل هذه المشكلة. ولكن الدكتور شلبي يشير إلى أن العلاج الأكثر فاعلية للوسواس هو إرادة المريض نفسه.

هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري في الصلاة

  • تختلف آراء العلماء في حكم جواز الصلاة مع وجود الوسواس في معظم الحالات، فهناك من يرون أنه إذا سيطر الوسواس على الصلاة وألها، فإن تلك الصلاة تبطل، ولكن رأي الجمهور هو أن الصلاة لا تبطل حتى لو ألها الوسواس بشكل كبير، ويستند هذا الرأي على قول أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
  • قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (عندما يؤذن بالصلاة، يتراجع الشيطان ولديه ضراط، وعندما يكتمل الأذان، يعود ويقترب، وعندما يرتدي الإنسان ثوب الصلاة، يتراجع الشيطان ولديه ضراط، حتى يتداخل بين الإنسان وقلبه، ويقول له: اذكر هل صليت ثلاث ركعات أم أربع ركعات، حتى يجهل الإنسان عدد الركعات التي صلى، فإذا لم يعلم عددها، يسجد سجدتي السهو) (حديث صحيح)
  • فعلى هذا النحو، فإن الغفلة في الصلاة نفسها ليست حراما، بل يوصى بخشوع الصلاة لكسب أعظم الأجور منها، وقد استدل بهذا الحديث على رأفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأمته، وكونه أقرب إلى مقتضيات الشريعة الإسلامية في باب اليسر.

كيفية التخلص من الوسوسة في الصلاة

في هذا السياق، تحدث المستشار العلمي لمفتي جمهورية مصر العربية، الدكتور مجدي عاشور، وأشار إلى أن الشخص الوحيد الذي تمكن من الخشوع الكامل في صلاته هو رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – وذلك بسبب عدم تغريه الدنيا بأي شكل من الأشكال، وعدم قدرة الشيطان على استدراجه أو إلهاء نفسه. لا يمكننا تجنب التشتت والتفكيرات التي تشتتنا عن الخشوع في الصلاة، ولكن يجب علينا أن نحاول التركيز والخشوع قدر المستطاع.

كيفية التخلص من الوسواس القهري

يستنزف الوسواس القهري وقت وطاقة الفرد بشكل كبير، والعلاج بالأدوية والعلاج النفسي هما الأسلحة الرئيسيتين لعلاج هذا الحالة طوال الحياة، لكن الأهم من هاتين الأسلحتين هو أن يتحلى المصاب بالمرض بالقوة للتغلب على المرض ذاته، ويتم ذلك من خلال الرعاية الذاتية، وكذلك ممارسة النشاطات التي تزيد من النشاط والحيوية في الجسم مثل ممارسة الرياضة، أو ممارسة نشاط يحبه المصاب ويساعد في تخفيف أعراض الوسواس القهري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى