الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

ما حكم الاستهزاء بالدين والمتمسكين به

ما حكم الاستهزاء بالدين والمتمسكين به

يضم حكم الاستهزاء عدة جوانب، ففي الاستهزاء بالله وآياته جانب، وفي الاستهزاء بالمؤمنين جانب آخر، وبناء على ذلك، سنستعرض لكم الأحكام في الاستهزاء، وهي كما يلي.

حكم الاستهزاء بالله وآياته

  • يعتبر الاستهزاء بالدين، سواء كان استهزاء بالله أو الملائكة أو الكتب أو الرسل أو حتى بآيات الله من معجزاته وحسابه وجنته وناره، ردة عن الإسلام بوضوح، واستند هذا الرأي إلى سبب نزول الآية الكريمة في قوله تعالى: “ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا، قد كفرتم بعد إيمانكم، إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين” (سورة التوبة: 65-66).
  • أكبر تفسير لذلك المعنى في السياق هو سبب نزول تلك الآيات، فقد ذكر أن سبب نزول تلك الآيات في الأساس هو أن جماعة من المنافقين في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا يستهزئون بقراءة القرآن الكريم، حتى وصلت كلماتهم إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتقدموا للاعتذار منه، ولكن الله سبقهم بتنزيل تلك الآيات، والتي تنتهي بالحكم بكفرهم بعد إيمانهم

حكم الاستهزاء بالمؤمنين

ما يعود هذا الرأي إلى النية، إما أن يكون الشخص يستخف بالله وآياته ودينه عن طريق الاستهزاء بالمشايخ وطلبة العلم الديني، أو أن يستخف بالشخص نفسه وشكله وهيئته، أو أن يستخف به بسبب ابتلائه بشيء، وبناء على ذلك سنعرض لكم الحكمين التاليين.

  • فإذا كان هناك أشخاص يستهزئون بالعلماء أو طلبة وطالبات العلم، وإذا كان الاستهزاء يتعلق بالدين، فإن الحكم عليهم هو أنهم ارتدوا عن الإسلام وأصبحوا كفارا. أما إذا كان الاستهزاء يتعلق بمظهر الشخص أو مرضه أو أي عيوب أخرى تصيب البشر، فإن هذا الاستهزاء مرفوض وعاص، ولكنه ليس كفرا، على الرغم من أنها خطيئة ومعصية مرفوضة.
  • إذا تم استهانة طالب العلم الديني، أو أي من علماء الدين وشيوخه بسبب تقواهم ودينهم، فهذا أيضا يشكل استهانة بالدين، لأنه في هذه الحالة ينتقص من قيمة الدين ويعتبر أن الدين يحتوي على نقص، ويعتبر أن الناس الذين لا ينتمون إلى هذا الدين هم أحق بالانتساب إليه، وحكمهم هو نفس الحكم الأول، وهم مرتدين عن الدين وكافرين.

ضوابط ما يعد استهزاء بالدين من الأفعال والأقوال

  • بعد الحديث عن قوة الحكم في حالة استهزاء الدين، فكيف يمكن للشخص أن يستهزئ بالدين؟
  • قبل أن نستعرض الأفعال والأقوال التي تهين الدين، يجب أن نعرض معنى استهزاء الدين أولا؛ ليصبح هذا التعريف المرجع الأساسي لأي فعل أو قول نذكره بعد ذلك. واستهزاء الدين يشمل أي قول أو فعل يظهر استهانة بالدين وتقليل قدره واستخفاف به
  • وفقا لرأي الإمام أبو حامد الغزالي، فإن السخرية هي استهانة وتحقير وتنبيه للعيوب والنقائص، وهذا بعيد عن مبادئ ديننا الحنيف. والسبب وراء السخرية أو المزاح والضحك يشمل أي تصرف أو قول قد يصدر عن الإنسان، حتى لو كان بالإيماء.
  • في كتابه “الصارم المسلول”، يذكر الشيخ ابن تيمية أنه ليس للسب حدود معروفة في اللغة ولا في الشرع. ومن ثم، يعتمد على العرف السائد بين الناس ويرى أن أي سب يعتبر استهزاء بالدين يستحق العقاب المذكور. أما إذا لم يكن ضمن إطار العرف، فلا يعتبر سبا.

واجب المسلم عند سماعه أو رؤيته للاستهزاء بالدين

على المسلم أن ينكر الفعل أو القول عند صاحبه، ويحاول إقناعه بتركه، وإذا استمر المذنب في ذلك فعلى المسلم أن يترك المكان الذي به هذا المذنب، ويستند هذا الرأي إلى قوله تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ۚ إنكم إذا مثلهم ۗ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) (سورة النساء الآية: 140).

في حالة تبسم السامع أو ضحكه من هذا الفعل أو القول ، فإنه يصبح شريكا للشخص الذي قام به في الكفر ، وحتى إذا رضي بذلك ، يصبح مثله أيضا. ومع ذلك ، إذا استمر في الجلوس مع الشخص المذنب في جلسة الخطيئة هذه ، دون قبول أو رضا من جانبه ، فإنه لا يكرم الله – جل وعلا – بتكريمه الحقيقي ولا يكرم آيات الله. وفي هذا يكمن إثم عظيم يتعلق بجانب العقيدة ، لأن واجب كل مسلم هو تكريم آيات الله ، فكما قال العلامة السعدي إن الدين كله مبني على تكريم الله – تعالى – وآياته ودينه ورسله رضوان الله عليهم أجمعين.

حكم الاستهزاء بالدين من غير قصد

  • سبق أن تطرقنا إلى حكم من يستهزء بالدين، ولكن هناك بعض الأشخاص يتلفظون بأقوال تحتوي على شرك بالله أو استهزاء بالإسلام وذلك بشكل مزاحي وبدون نية حقيقية للاستهزاء بالله ودينه، فما حكم هؤلاء الأشخاص؟
  • تجيب دار الإفتاء المصرية على استفسارنا بفتوى تحرم الاستخفاف أو الاستهزاء بأمور الدين، ومن هذا القبيل حتى تداول النكات المضحكة التي تستهدف الأديان عموما، فهي تنتقص من قيمة الدين في حد ذاته، وهذا يؤدي إلى التشكيك فيه، لذا تذكر دار الإفتاء على موقعها الرسمي أنه يجب على كل مسلم أن يحترم الله ورسوله وشريعته، ويرجع ذلك لقول الله -تعالى-: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (سورة الحج الآية 32)
  • إذا كانت النكات في ذاتها تحتوي على سخرية واستهزاء بالله أو رسله أو القرآن الكريم أو أي من الأحكام التي شرعها الله في عباده، فإن صاحب تلك النكات في خطر عظيم في دينه. لا يليق بالمسلم تداول مثل تلك النكات، حتى لو كان الهدف منها الضحك وإضحاك الناس، لكي لا يتبع عليه قول أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن العبد ليتكلم بالكلمة التي ترضي الله، لا يلقى لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة التي تغضب الله، لا يلقى لها بالا، يهوي بها في جهنم” (حديث صحيح)
  • رسولنا الكريم – ﷺ – كان يمزح فقط بالحق، وكان يمزح ليتحقق من الحق، لذلك في حالة تداول نكات مسيئة للدين، إذا كان المذنب جاهلا أو لم يكن يقصد الاستهزاء، فمن الواجب تقديم النصح والتعامل الحسن معه حتى يتراجع عن فعله، أما إذا كان الاستهزاء والسخرية في نية المذنب، فإنه يعتبر خطرا كبيرا على دين كل من يشارك فيها.

أخيرا، يجب على أي شخص قام بذلك أن يتوب ويستغفر، وأجد أن دار الإفتاء قدمت فتوى رائعة تنصح المسلمين بالاستفادة من وسائل الاتصال والتواصل المتنوعة لنشر الخير والنافع، الذي يهدف إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى