الدين و الروحانياتالناس و المجتمع

من أي قوم كان قارون

من أي قوم كان قارون

ينتمي قارون إلى قوم موسى عليه السلام وهو من بني إسرائيل، وقد صرح العديد من المفسرين للقرآن الكريم بأنه ابن عم موسى عليه السلام.

المال والبنون هما زينة الحياة الدنيا والأعمال الصالحة هي الأفضل في عين ربك من حيث الثواب والأمل. إن الله جعل المال والبنون زينة للدنيا وجعل الإنسان محبا لهما ومنحهما حرية التصرف فيهما سواء كان ذلك في سبيل الخير أو الشر. وهذه هي الحكمة التي وضعها الله لجميع عباده ليعلمهم. ومن بين العباد الذين اختبرهم الله بالمال كان قارون، وهو مثال جيد قدمه الله لنا حيث أعطاه قارون كمية كبيرة من الثروات.

  • كان قارون يستخدم ثروته للظلم في الأرض، وكان من المتكبرين الذين أنعم الله عليهم بالكثير من النعم، ولكن مع زيادة النعم كان يزداد طغيانا وفسادا، ولم يكن لديه صفة الحمد والشكر لله على النعم الكثيرة التي أعطيت له.
  • كان قارون يشغل منصب وزير للعبرانيين لدى فرعون، وكان يخزن ثروته وأمواله في خزائن مغلقة بمفاتيح ثقيلة جدا لا يستطيع رجل واحد حملها، وكان هناك رجل قوي يحملها.
  • ثم ذكر قارون في العديد من الأحاديث والأقوال، وفي معظم الأحاديث يشار إليه بلقب “المنور.
  • “حدثنا ابن بشار, قال: قال عبد الرحمن: قال سفيان: عن سماك بن حرب: قال سعيد: أن قارون كان من قوم موسى. كنا نتحدث أنه كان ابن عم لأخي أبيه، وكان يطلق عليه اسم المنور بسبب حسن صوته في تلاوة التوراة، ولكنه كان منافقا عدو الله، مثلما كان السامري منافقا، فأهلكه البغي.
  • بعد أن أعطاه الله الكثير من المال ومن المفروض أن يشكر الله على هذه النعمة، ولكنه جحد الأمر وزاد في الطغيان والتجبر على الناس، لذلك جعله الله عبرة وعظة، وقال تعالى: “إن قارون كان من قوم موسى، فعصى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، إذ قال له قومه: لا تفرح، إن الله لا يحب الفرحين. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين.” (القصص 76-77).

معاصي قوم قارون

أتى الله قارون العديد من النعم، حيث قام الله بنعمة قارون بمزايا كثيرة، حيث عاش قارون حياة مرفهة وممتعة وعاش في القصور وخدمه العبيد واستطاع أن يكون لديه الكثير من المال الذي استخدمه لإغواء قومه وجرهم إلى الخطايا والطغيان ونشر الفتنة.

  • على الرغم من كل الثروات والنعم والرزق التي حصل عليها قارون، إلا أنه لم يكن عبدا شاكرا لله عز وجل. ارتكب قارون العديد من المعاصي حيث تكبر وتعالى في الأرض بطريقة عظيمة، فأراد الله أن يجعله عبرة للناس جميعا. قال الله تعالى: “فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين. وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون” (سورة القصص 81-82).
  • لا يوجد ضرر في أن يأخذ الإنسان حظه في الدنيا، ولكن يجب عليه أن يحمد الله ويشكره وينفق على الخير، وأن يتجنب الإسراف لأن الإسراف هو نقمة على الإنسان والله لا يحب المبذرين، ومن الأهمية بمكان أن يفي الإنسان حقوق الآخرين.

قصة قارون مع موسى

كما ذكرنا سابقا، كان لقارون الكثير من المال والكنوز التي يحفظها في خزائن مغلقة بمفاتيح ثقيلة لا يمكن لأحد حملها وحده.

  • في ذلك الوقت، كان قوم موسى يقدمون له النصائح ويذكرونه بأن الله هو الواحد الأحد، وأنه يجب العودة إلى الله، لكنه كان ينسب جميع هذه النعم إلى نفسه ومكانته وعلمه.
  • لم يذكر في القرآن الكريم نوع البغي الذي قام به قارون، لأن للبغي أشكال عديدة، ومن الأشكال التي قام بها قارون هو الظلم والغضب على أرض القوم وأشيائهم، وحرمانهم من حقوقهم، وغيرها من الأشكال وما كان مخفيا عند الله كان أعظم.
  • بعد أن نصحه قوم موسى، لم يتراجع قارون عن بطشه وظلمه للناس، بل استمر في الطغيان والظلم، وزعم أنه أكثر علما وثروة، ولكن كل ما لديه هبة من الله، ويجب عليه أن يشكرها.
  • عندما نصحهم قوم موسى وأرادوا أن يعودوا إلى الطريق الصحيح، أجاب قائلا: “لقد أعطيت هذا العلم من عندي فقط”.
  • نسى قارون من أين امتلاك هذا وإن كل هذا من عند الله واستمر في تكبيره وغروره.
  • وفي يوم ما ظهر قارون أمام قومه يتفاخر بما يمتلكه من زينة وثروة، وأثناء استعراضه أمام أعين الناس أمر الله عز وجل بأن تهبط الأرض به وبمنزله.

الدروس المستفادة من قصة قارون

قصة قارون تحتوي على العديد من الدروس التي يجب أن ننتبه إليها وندركها، فقد جعلها الله عز وجل عبرة للناس حتى تكون أمام أعينهم، ومن الدروس المستفادة من هذه القصة ما يلي:

  • الابتعاد عن الفرح بالدينا: الحياة الدنيا لا تدوم ولا تستمر، ومهما زادت متاعيها فإنها تنتهي في النهاية، فمن تجاهل الله عز وجل وانشغل بالدنيا فإنه في ضلال عظيم.
  • والعمل للآخرة: عندما طلب موسى من قارون أن يتجنب الغطرسة وأن يعطي الزكاة لله عز وجل من ماله، فقد كان ماله ملكا لله، ولكن قارون تجبر ورفض أن يتصدق بأي شيء من ماله، فعاقب الله قارون بأن غرقت الأرض به، ومن هذه القصة نتعلم أنه يجب على المؤمن أن يخرج الزكاة لله عز وجل من ماله، وأن ينفق ماله لكي يرضي الله عز وجل وليحظى بنعمة الدنيا والآخرة.
  • الموازنة بين أعمال الدنيا والآخرة: يحب الله ويسر للمؤمن الحياة المتوازنة، لذا يجب على المؤمن أن يحافظ على توازنه بين الدنيا والآخرة، فلا ينغمس في العمل والحياة حتى يستفيد من جهوده، ولا يتعلق بالدنيا ويغفل عن الآخرة، ومن هنا نتعلم أهمية عدم الإسراف وعدم البخل، فالاعتدال هو مفتاح كل شيء.
  • الابتعاد عن الفساد بأشكاله المختلفة: الفساد هو سبب الهلاك للأبد، والله لا يحب المفسدين في الأرض. يوجد أشكال كثيرة للفساد يجب أن نبتعد عنها، مثل ظلم الناس، والتكبر والتعالي، والظن بأن المال قد أتى من دون الله، وعدم الاعتراف بفضل الله عز وجل.

جميع هذه الأمور قد قام بها قارون، فأصابته الغرور والتكبر ونسي فضل الله عليه، وتزايدت ظلمه وفساده واستبداده. لذلك، هدم الله الأرض تحت قدميه وجعله عبرة وعظة لجميع الناس. لم يعمل قارون من أجل آخرته ونسى كل ذلك وانشغل بالحياة الدنيا، ولم يحمي ماله بالزكاة والصدقة.

مكان خسف قارون

وجد النبي موسى عليه السلام العديد من التحديات أثناء تنفيذ رسالته وكانت من بينها فرعون وهامان وقارون، حيث كان قارون من قوم موسى من بني إسرائيل، وفرعون وهامان من سكان مصر الأصليين، وكان قارون يعيش في أرض الضلالة.

أراد الله عز وجل أن ينقل قصة قارون مع موسى إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأنها تشبه قصة محمد مع أعمامه، حيث أن قارون لم يستمع لموسى وتجاوز الحدود بطغيانه، وواجه عقوبة من الله، وأعمام النبي، أبو لهب وأبو سفيان بن الحارث، كانوا أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نصر الله هو الأعلى والأعظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى