هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
ذكر المولى- تبارك وتعالى- في القرآن الكريم قوله: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) (سورة الرحمن الآية: 60)، تحتوي هذه الآية الكريمة على أسلوب من أساليب البلاغة، وهو أسلوب الاستفهام، وكان الغرض منه الاستنكار
تفسير هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
تم تفسير الآية الكريمة على أن المولى – تبارك وتعالى – يعجب بمن يخافه ويتوقع لقائه، ويحسن أعماله في الدنيا ويطيع ربه، ما لم يكن الله يجازيه بإحسان في الآخرة، من خلال مكافأته على الأعمال الحسنة التي قام بها في الدنيا، وفي بعض الأحيان يختلف معنى الإحسان حسب السياق، فإذا كان مرتبطا بالإسلام والإيمان، يعني المراقبة، ويستند هذا الرأي إلى قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) (حديث صحيح)
- إذا كانت كلمة الإحسان غير مرتبطة بالإسلام أو الإيمان، فإن معناها يعود إلى الفعل الحسن، وتعني بذلك الشيء الملائم للطبع، والعكس هو القبح، أو أن الشيء يحتوي على صفة الكمال، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك مثل العلم والجهل، أو أن الشيء يستحق الثناء.
جزاء المحسن يوم القيامة
سوف يكافئ الله المحسنين على أعمالهم في الحياة الدنيا بفضله وكرمه ورحمته، وسيمنح المحسنين ما يشتهيه نفوسهم في الجنة، وسيغفر الله لهم أسوأ ما قد عملوه وسيجزيهم بأفضل ما قد أعملوه” (سورة الزمر الآية 34، 35). هذا يعني أن المحسن سيحصل على ما يرغب به يوم القيامة من ربه، وسيكون لديه ما يسعد به عينيه، وهذا كله بمثابة مكافأة على حسن أعماله وطاعته لله في الحياة الدنيا، والالتزام بأوامر الله وتجنب نواهيه. بالإضافة إلى ذلك، سوف يغفر الله له كل ذنوبه، حتى الأسوأ منها، إذا تاب وآمن وعاد إلى الله” (سورة الزمر الآية 53، 54).
اعراب هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
بعض الطلاب يرون أن في الآية الكريمة في قوله- تعالى-: هل الجزاء الوحيد للعطاء هو العطاء؟ في سورة الرحمن الآية رقم 60، يواجهون بعض الأخطاء في الإعراب، حيث يبدأ النمط الاستفهامي هنا بحرف الاستفهام وليس اسم الاستفهام، وبناء على ذلك، إعراب الآية الكريمة هو كما يلي.
- هل: حرف استفهام مبني على السكون ولا يحتاج إلى تفصيل في الإعراب.
- جزاء: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- الإحسان: معروف بأنه مضاف إليه مجرور وتشير إليه الكسرة الظاهرة.
- إلا: حرف الاستثناء والحصر، يتم تصريفها بالسكون ولا يوجد لها مكان في التحليل.
- الإحسان: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- الجملة كلها: الجملة بأكملها هي استئنافية ولا يوجد لها مكان في التحليل.
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قصة
هناك العديد من القصص التي تبرز فيها الفضيلة الواضحة للإحسان في نفوس الناس، وفي بعض الأحيان، تجد أن الله -تبارك وتعالى- يكافئ العبد المحسن في الدنيا عندما يواجه الصعاب والأزمات، ومن بين تلك القصص هي القصة التالية.
- يذكر أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أنه بينما كان يعود من عمله متأخرا كالعادة، وجد بائعا للموز يجلس بمفرده في البر الشديد، ينتظر أي مشتري لشراء الموز المتبقي لديه. ذهب المستخدم لشراء الموز منه على الرغم من أنه يمتلك الكثير من الموز في منزله، وعندما بدأ في التوجه نحو البائع، رأى شابا آخر يتجه نحوه لشراء أيضا.
- انتظرنا البائع حتى يتاح للشاب الآخر الفرصة لشراء الموز. كان كل ما في بالنا هو رغبتنا في التعاطف مع البائع ومساعدته، وذلك لكي يتمكن من العودة إلى منزله. من كلام الشاب الآخر، عرفنا أن لديهما نفس الهدف. فبدأنا نتساءل عن السبب الذي دفع الله -تعالى- إلى إرسال رجلين إلى هذا المشتري ليعطياهما الرحمة من البرد القارص.
- ثم يتذكر صاحبنا أنه رأى أحد العمال الفقراء لخدمات النظافة، يقوم بتنظيف الطريق بجوار هذا البائع، وفجأة يقوم البائع بتقديم كمية من الموز للعامل، وهنا يتيقن صاحبنا من حقيقة، وهي أن الله يجزي الإنسان الذي يعمل بالخير بمكافأة جميلة منه، حيث يجند له المؤمنين من عباده بدون علمهم؛ لمساعدته وتخفيف همومه ومشاكله بدون علمهم، وجزاؤهم في الآخرة عند الله أعظم بكثير من ذلك.
من صور الإحسان
تتعدد أشكال الإحسان وتتكاثر بشكل كبير، وكلها تعود في الأصل إلى أساس واحد وهو الطاعة والبر الذي أمر الله به، ولكل من هذه الأنواع جزاءها وأجرها عند الله، ومن بين أشكال الإحسان ما يلي.
- الإحسان مع الله.
- الإحسان إلى الوالدين.
- الإحسان إلى الأقارب.
- الإحسان إلى الجار.
- الإحسان إلى الفقراء والمساكين واليتامى.
- الإحسان إلى الناس عامة.
- الإحسان إلى النفس.
- الإحسان في القول.
- الإحسان في العمل.
- الإحسان إلى الحيوان.
فيما يلي سنقدم بعض المعلومات حول بعض أشكال الإحسان التي ذكرناها.
الإحسان إلى الحيوان
إظهار الرحمة للحيوان هو أحد أشكال الإحسان، فالحيوان مخلوق خلقه الله ليخدم الإنسان بطريقة محددة، وخاصة الحيوان الذي خلقه الله ليكون طعاما لنا، لأن هذا المخلوق يشعر ويتألم مثلنا، وأمرنا رسولنا الكريم بالتعاطف معه حتى عند ذبحه، وكما قال رسول الله: “إن الله أمر بالإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتل، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولينهض أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”، فحتى عند ذبح الحيوان في الإسلام، يحاول عدم إيلامه وتعذيبه قدر المستطاع.
الإحسان في العمل
الإحسان في العمل أساسه تفوق العمل وتنفيذه بالكمال، والقيام به بشكل يرضي الله، لذلك لا تقوم بالعمل للتظاهر أو لكسب السمعة أو للحصول على مكافأة من الناس. عندما تقوم بعمل ما، قم به بشكل كامل وبأفضل صورة ممكنة، وهذه هي الأعمال المحبوبة لله – المتعالي – كما ذكر رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تعالى يحب أن يتقن أحدكم عمله) (حديث حسن)
الإحسان إلى الفقراء والمساكين واليتامى
هذا النوع من الإحسان يساهم في تحقيق مبدأ التكافل بين شرائح المجتمع، حيث يجب على الأغنياء أن يتصدقوا على الفقراء بعد دفع الزكاة، لكي لا يتوجب على الفقراء الاعتماد على التسول، ويجب على ولي الأيتام أن يعتني بهم ويحافظ على أموالهم، ويجب على الأغنياء أن يكرموا المساكين، الذين لا يملكون شيئا في الحياة، من خلال إعطائهم الصدقة، والتي ستجلب للأغنياء الكثير من الفضل في الآخرة من قبل الله، وستعين المساكين على تحمل متطلبات الحياة. فقد قال الله تعالى في هذا الشأن: (كلا ۖ بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون علىٰ طعام المسكين) (سورة الفجر، الآيتان 17، 18)
- هنا يشير الله -تبارك وتعالى- إلى أن الكرم ليس بكثرة المال والرفاهية، وأن قلة المال والفقر ليست إهانة للأشخاص المبتلين بهم، ولكن التفسير يعود إلى أن الله لم يكرم الأشخاص الذين أكرمهم في الدنيا بسبب كثرة أعمالهم الحسنة، ولا يعتبر ذلك إهانة للأشخاص الذين أفقرهم في الدنيا من خلال تقييدهم بضيق الحياة، بل المقصود هو أن الله يكرم من يشاء عن طريق جعله متقبلا لطاعته ويهين من يريد إهانته وغضبه، من خلال تيسير سبل الآثام والخطايا، فأنتم الذين تكرمون اليتيم وتحرصون على إطعام المسكين فأنتم مكرمون من الله.