الفلسفةالناس و المجتمع

تعريف السؤال الفلسفي

تعريف السؤال الفلسفي

يعتبر طرح الأسئلة بشكل عام أحد أهم الأدوات المميزة للتعلم والمعرفة، والتي تمكننا من الوصول إلى الحقيقة، والتي تعمل على التغلب على جهلنا تجاه تلك الحقيقة، وبالتالي فإن اللغة العربية تقدم لنا مختلف الأساليب والأغراض لطرح الأسئلة، بما في ذلك طرح السؤال حول الحقيقة، وهو كما لو كان الشخص الغير مطلع يسأل عنها، وهناك أنواع أخرى من الأسئلة في اللغة العربية، مثل الأسئلة الاستنكارية، والتي لا تحتاج إلى إجابة، ولكن عندما نتحدث عن السؤال الفلسفي، فإنه يعرف على أنه السؤال الذي يهدف إلى الوصول إلى المعرفة، ويعتبر الفضول والحيرة هما الدافع الرئيسي وراء طرحه، واللذان ينتجان عن الإحساس بوجود مشكلة

أهداف السؤال الفلسفي

الغرض الدائم للسؤال الفلسفي هو أن يصل السائل إلى حقيقة جدلية، والآراء تختلف حولها والمذاهب التفكيرية تختلف حولها أيضا، ولذلك يمكن حصر السؤال الفلسفي في الإجابة عن أسباب الحيرة التي يواجهها العلماء، والأسئلة المرتبطة بالوجود من الناحية المجردة، سواء كانت تتعلق بأصل الوجود أو بصاحب هذا الوجود، وماذا كانت الصورة للعالم قبل وجوده؟ وما هي نهاية هذا العالم؟ ويتعلق بما يطرحه العلماء غير المسلمين من صحة القول بالبعث والحساب، وهل سيتعرض البشر فعلا لذلك، وهل سينتهي الأمر بخلودهم في إحدى الدارين، الجنة أو النار؟

  • تعد تلك الأنماط من الأسئلة من الأسئلة الجريئة التي تهدف إلى الوصول إلى الحقيقة، من خلال قبول العقل لها بناء على الأدلة العقلية واستخلاص الإجابة عنها باستخدام التأمل في الكون المحيط. على الرغم من الجهود المبذولة في البحث عن بعض الإجابات، إلا أن هناك صعوبات عديدة تحول دون وصول العقل البشري إلى تلك الإجابات.
  • السؤال الفلسفي يتركز بين اثنين من المذاهب الفكرية الشائعة حتى الآن، وهما المذهب التجريبي المستند إلى الأدلة الواقعية الملموسة والمستمدة من التجربة العملية، والمذهب العقلي الذي يعبر عن الإجابة بواسطة الدليل العقلي المستند إلى التفكير والتأمل والتحليل للحقائق والملاحظات المحيطة بنا.
  • ومع ذلك، فإن تلك الأسئلة الفلسفية قد تفوت عن السيطرة، وذلك بسبب غياب المرجعية التي يعتمدون عليها، حيث سقط العديد من الفلاسفة في تلك الفخ، مما أدى بهم إلى الشك في أمور لا يمكن للعقل البشري أن يفهمها بالكامل، ولذلك فهي مثبتة في المرجعيات الأساسية، التي تمثل لنا كمسلمين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
  • عند غياب التوجيه الواضح لبعض الظواهر، قد تصبح الفلسفة وسيلة لضياع الوقت أو العقل نفسه من خلال أفكار خارجة عن الإطار المنطقي والعقلاني، وغير معقولة تماما ولا تحمل أدلة على الأقل، وبناء على ذلك، لا يجب استهانة الفلسفة، بل تعمل على توفير الأدلة المنطقية الداعمة لبعض الفروض النقلية المعروفة في أساس العقيدة.

خصائص السؤال الفلسفي

هناك نوعان من الخصائص المختلفة للسؤال الفلسفي، وهما كالتالي.

السؤال ذو الطابع الإشكالي

هو السؤال الذي يحمل في مضمونه تناقضا، وذلك بطرح مجموعة من الأسئلة، ولا يمكن الإجابة على كلها، ويبقى السؤال في هذه الحالة بلا إجابة واضحة، ويمكن تعريف الطابع الإشكالي للسؤال الفلسفي بأنه الطابع الذي يشكل سؤالا أو تساؤلا معينا، ولكن هذا السؤال ليس مجرد سؤال ظاهر، بل يبحث في عمق السؤال ويسعى للوصول إلى جوهر الفكرة المرادة منه والهدف الأساسي لوجوده.

  • على سبيل المثال من ضمن تلك الأسئلة، هو سؤال ما هي السعادة؟، ومن المعروف عنا أننا جميعا سنتفق على أنها واحدة من المشاعر المرتبطة بالكائن الحي، ولكن يقوم الفيلسوف بطرح العديد من الجوانب العميقة لهذا السؤال، حيث يبحث عن جوهر السعادة ذاتها، وأين وكيف يمكن وصفها وتوضيحها، وما هو دورها وما هي أسبابها؟ وهل تختلف أسبابها من شخص لآخر؟ وإن كانت تختلف، فلماذا؟، وهناك العديد من الأسئلة المرتبطة بالسعادة.
  • هذا التعمق يولد سؤالا جديدا ويمكن أن يحول الإنسان نفسه إلى سؤال فلسفي، ويعرف الفلاسفة بأنهم من يطرحون مثل تلك الأسئلة ويسعون لإيجاد إجابات لها ومواصلة الاستفسارات الأعمق.

السؤال ذو الطابع الجذري

في نوع مماثل من الأسئلة، يرون بعض الفلاسفة أن تكرار السؤال الفلسفي والعمل على استعادته يسمح بالوصول إلى الأساس والجذر الأول للسؤال. يتحول السؤال إلى وسيلة لاختراق الحجاب الظاهر للأشياء والكشف عن الأسس الخفية والوقوف عند مبادئ تلك الأفكار، كما حدث بشكل واضح مع الفلاسفة الطبيعيين عندما أجابوا عن سؤال أصل الكون.

مذهب المسلمين تجاه الأسئلة الفلسفية

اعتمد المسلمون على مذهب عظيم في مسائل الأسئلة، وهو أن الأسئلة هي أداة من أدوات العلم والمعرفة، وقد استخدمت في الكثير من الآيات القرآنية. وتعتمد هذه الآيات في نهجها على طرح الأسئلة بهدف التعليم. وهناك العديد من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – التي تحتوي على نماذج تعليمية تستند إلى طرح الأسئلة. ومن بين تلك النماذج قوله – تعالى – في سورة الغاشية: “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت” (الآيات 17-20)

  • إن كل تلك الآيات الكريمة تدعو إلى فتح المجال أمام العقل للتفكر والتأمل ، وذلك لغرض الوصول إلى إجابة محددة ، وهي قدرة الله المباركة والعظيمة في خلقه ، والوصول إلى حقيقة وجود الخالق لهذا الكون ، وأن قدرة الله ليس لها حدود.
  • وقد ظهر هذا الأسلوب بوضوح عندما قرر النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعليم أصحابه مكارم الأخلاق وعقوبة من ينتهك حقوق الآخرين ويسيء لهم، وذكرهم بما يؤذيهم. وقد جاء ذلك في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “هل تعلمون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي هو الشخص الذي يأتي يوم القيامة بالصلاة والصيام والزكاة، ولكنه قد سب وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، ولكن إذا نفدت حسناته قبل أن يقضى ما عليه من الخطايا، سيتم أخذ خطاياهم وطرحه في النار.” (صحيح مسلم)
  • وقد ربط الإسلام بين حق المسلم في طرح الأسئلة التي يريدها، وبين العقيدة الإيمانية، لذلك لا يتجاوز ذلك الحد، ويعتبر هذا الحد فاصلا آمنا لعدم الانغماس في تساؤلات لا يستفيد منها الإنسان، ولن يصل إلى إجاباتها مهما حدث، ومن هذه التساؤلات التي تفتح أبوابا ضخمة للإلحاد، وأبواب أكبر للشيطان للعبث بعقل الفرد وتشكيكه في الإيمان نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى