الصحة النفسيةصحة

تجربتي مع تشتت الانتباه

تجربتي مع تشتت الانتباه

إذا كان لديك فكرة مبدئية بأن الشخص الذي يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه هو طفل مشاغب وغير مطيع، ولا يجيد التصرف، ودرجاته المدرسية سيئة، ومن الصعب جدا إجلاسه لفترة قصيرة حتى ينجز واجباته، فقد تكون على حق بشكل ما، ولكن بنسبة ضئيلة، ولعلنا نستطيع ذكر قصة فتاة تعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه منذ صغرها، وقد ذكرت تجربتها كالتالي:

  • في البداية، كانت ترون أن الحياة الواقعية بتسلسلها المنطقي مملة جدا بالنسبة لها، وكانت تستحيل قبول هذا الواقع المتكرر والممل، وكانت تعتقد أن القدرات الخارقة التي كانت تشاهدها في أفلام الرسوم المتحركة غير ممكنة، وكانت تقضي معظم وقتها في عالم خيالي خاص بها، حيث تكون شخصا آخر في ذلك العالم وتملك العديد من الأصدقاء الخياليين.
  • عند النظر إلى سلوكي في ذلك الوقت ، لا يمكن للمراقب أن يرى سوى فتاة تقفز هنا وهناك على الأريكة وتلعب بالأثاث في الغرفة وتجول وتتحدث في الغرفة وحدها. تؤكد أنها تغادر العالم الواقعي الممل وتدخل عالمها الخاص في خيالها ، وتقضي فيه ساعات طويلة ، وهو عالم يحتل مكان العالم الحقيقي بكل تفاصيله داخل رأسها.
  • مع مرور السنوات، اضطرت الفتاة الصغيرة للوداع لذلك العالم وأصدقاء الخيال، حيث كبرت وأصبح عليها أن تكون أكثر طبيعية، ومع ذلك لم يهدأ عقلها أو يقبل هذا العالم، فكل المغامرات الخيالية التي عاشتها تعدت طاقتها.

صعوبة المثول للأوامر والطلبات

كان لها تحدي كبير في التكيف مع الانتقال من العالم الخيالي إلى العالم الحقيقي، والسبب في ذلك هو أنها كانت مجبرة على القيام بالأمور بطريقة مملة وطبيعية، وتنفيذ الأوامر المباشرة لها لم يكن سهلا، فلم تستجب لأوامر والدها كما لو أنها لم تسمعها، وكان والديها يطلبان منها أن تستمع لهم جيدا، لكن دون جدوى، وعليهم أن يطلبوا منها الأمور تدريجيا لكي لا تتشتت بين العديد من الأوامر في نفس الوقت.

  • بالإضافة إلى أنها كانت تعاني من صعوبة كبيرة في قبول الأوامر من الأساس، وذلك بسبب صعوبة قبولها للسلطة والتسلط في أفعالها، وإجبارها على أداء مهام محددة وأن تكون مثل الآخرين وأن تلتزم بالصف، وكانت تعتبر الأوامر والقوانين سببا لشعورها بالاختناق، وقد يتجلى ذلك في سلوكيات العناد.
  • وكان من الصعب عليها أن تدرك طبيعة مقامات الناس، وإنما كانت تحتاج لمن يخبرها بذلك مرارا وتكرارا، فكانت تتصدر الحديث أمام شخصيات أكبر منها ومقامها أعلى، مثلا مديرة المدرسة، وكانت تفعل ذلك حتى بدون أن تهتم بأي شيء، ولا يجرع السبب في ذلك لأنها جريئة، وإنما لأنها كانت تكره موضوع السلطة، فكان عقلها يجهل باستمرار الكيفية التي يمكن من خلالها مخاطبة الناس بحسب مقاماتها، فكانت تخاطب الناس كلهم بذات الصيغة.

العلم والتحصيل الدراسي

تذكر الفتاة أنه أمر طبيعي تماما أن يكون الشخص المصاب بتشتت الانتباه وفرط الحركة ذكيا جدا ولديه درجات دراسية مرتفعة. تستطيع الفتاة تحقيق درجات عالية بسبب ذكائها الفائق، حتى أنها تعامل الامتحانات والاختبارات كأنها ألعاب. تعتبر الفتاة نفسها في سباق عند استلامها لورقة الامتحان وتحاول إنهاء الاختبار في أسرع وقت.

  • ومع ذلك، كان من الصعب جدا عليها أن تنجز واجباتها في وقت مبكر، مهما حاولت ذلك. فقد كانت تنجزها في خمس دقائق فقط قبل وصول المعلمة إلى الصف. وتذكر أنها كانت تنجز واجباتها أثناء فترة فحص المعلمة لواجبات جميع الطلاب.
  • مثل حل الواجبات والالتزام بالنظام وجدول محدد، هذه الأمور تنسى بسرعة. وعلى الرغم من أنها لم تحدد ما تريد أن تصبح في المستقبل، إلا أنها كانت تحب أن تتعلم وتسأل الكثير.

نقص الدافع لدى المصاب بضعف الانتباه

استكمالا لتجربة صاحبتنا، نذكر أنها لم تعرف أبدا ماذا تريد أن تكون في المستقبل، فكانت مشتتة جدا، ومن الممكن أن يكون السبب عدم وجود دافع كاف لها، حتى تقوم بتفضيل شيء عن آخر بشكل تلقائي، وربما اكتشفت صاحبتنا هذه الحقيقة في وقت متأخر، فلم تكن لديها الدافع الكافي للاستمرار في أي شيء أو تطوير عادة معينة أو حب شيء محدد، والاستقرار عليه لفترة طويلة.

  • كانت كل عطلة صيفية لديها موضوع مختلف أو أهداف مختلفة. فكانت ترغب في أن تصبح شيئا مختلفا عندما تكبر. ولكن علمت بعد ذلك أنه لا يمكن لشيء واحد أن يشغل كل اهتمامها ودوافعها. فلن تصبح منقذة للعالم ولن تكون البطلة الخارقة التي كانت تتخيلها. لا شيء يستحق وقتها.

فرط الحركة وتشتت الانتباه في الكبر

ما زلنا نعرض تجربة صاحبتنا التي تذكرنا بأن غالبية الأطفال المصابين بتشتت الانتباه لا يتعافون منه ويستمر معهم حتى سن البلوغ، ويزداد سوء الأعراض المرتبطة بهذه الحالة بعد سن البلوغ، خاصة مع زيادة هرمون الاستروجين في الجسم.

  • بعد توقفها عن إطلاق طاقتها الكبيرة في أحلام اليقظة الخيالية، بدأت التغييرات الفسيولوجية تظهر، وأصبحت أصوات المعلمات أبعد، وانخفض التركيز بشكل ملحوظ، وتراجعت درجاتها وعلاماتها بشكل كبير، ولكن ذلك لم يكن كافيا لتسبب القلق.
  • أما في الجامعة، فقد تعذر تماما عليها الاستماع إلى محاضرات الأساتذة بدقة، إلا في المواد التي تثير اهتمامها وتنشط فيها الدوبامين عند فهمها.
  • وباستثناء الدقيقة الأولى أو الدقيقتين، كانت تسمع الأصوات كمجرد أصوات هادئة في خلفية المشهد، ولم تكن تعطيها أي اهتمام. لم تكن قادرة على فهم أو تسجيل أي كلمة يقولها الأساتذة في الجامعة، حتى لو كانت الكلمات تصل إلى أذنها بشكل واضح. ولكنها لم تستطع ربط الجمل التي يقولها الأساتذة.
  • كان الوضع مقلقا وغير طبيعي على الإطلاق، وتمتد هذه الحالة حتى وصلت إلى الأفلام، حيث كانت تنام في أثناء مشاهدة الأفلام، وذلك بسبب عدم قدرتها على التركيز على القصة، وتذكر أن تلك الفترة كانت ذروة تشتت انتباهها، وكان الاضطراب سيئا للغاية، إلى جانب تواجد عوامل القلق والتوتر التي ساهمت في تفاقم المشكلة، وفي هذه الفترة كانت مضطربة بشكل كبير، حيث لم تجد مخرجا مناسبا لطاقتها الكبيرة ولم تستطع تنظيمها بشكل صحيح.

أعراض أخرى لتشتت الانتباه وفرط الحركة

كما ذكرت السيدة ذات التجربة مجموعة من الأعراض الأخرى، ومن بينها ما يلي:

  • ضياع الأشياء وتكسيرها على الرغم عنها.
  • كانت تعاني من مشكلة في فهم واستيعاب الوقت، مما أدى إلى مشكلة كبيرة في التخطيط.
  • الإنجاز والإنتاج يتذبذبان بمعدلات شديدة، فقد يصل العمل في بعض الأيام إلى 18 ساعة، وفي أيام أخرى لا يتم إنجاز أي شيء.
  • الذاكرة السيئة النشطة، من الممكن أن تنسى بعد دخولك للمطبخ لتحضير كوب من الشاي، لماذا دخلت إلى المطبخ في الأساس.
  • الاندفاعية والتهور، من الصعب أن تدرك الأخطار وتحذر منها.
  • مشاعر مضطربة وغير منتظمة.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى